نبل والزهراء قبرت أوهام معارضة مؤتمر الرياض في جنيف (3)

تابعنا على:   22:56 2016-02-11

عليان عليان

"انتهت فعاليات مؤتمر جنيف (3) لحل الأزمة السورية قبل أن تبدأ" ، هذه العبارة رددها العديد من الإعلاميين الذين حضروا إلى جنيف لتغطية أعمال المؤتمر، لكن ما حصل لم يشكل مفاجأة للعديد من المراقبين الذين توقعوا انسحاب وفد مؤتمر الرياض للمعارضة المزعومة ، في ضوء العديد من العوامل أبرزها:

أولاً : الانتصارات المتتالية للجيش العربي السوري وحلفائه ، ممثلةً باستكمال تحرير الريف الشمال الشرقي لمدينة اللاذقية ، وريف حلب الجنوبي ، وأجزاء واسعة من ريف حلب الشرقي ، ومساحات واسعة من الجبهة الجنوبية ممثلةً بتحرير مدينة الشيخ مسكين وغيرها ، كل ذلك خلق معادلات عسكرية جديدة على الأرض من المستحيل تجاوزها في ميدان التفاوض.

ثانيا : أن أعضاء وفد مؤتمر الرياض للمعارضة المزعومة ، جاءوا مجبرين إلى جنيف بعد أن قام وزير الخارجية الأمريكي بتجريعهم كأس السم ، عبر تهديده لهم بوقف دعمه معسكرياً وسياسياً إذا لم يتوجهوا لجنًيف فورا ، وفق التفاهم المبرم مع الروس في سياق تطبيق قرار مجلس الأمن 2254.

وثالثاً : وهذا هو العامل الأهم والأبرز ، هو نجاح الجيش العربي السوري وحلفائه بدعم من السوخوي الروسي ، في فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء المحاصرتين منذ ثلاث سنوات ونصف ، وتحريره بكل ثقة واقتدار بلدات عديدة الريف الشمالي لمدينة حلب ، وذلك كخطوة نهائية لاستكمال حصار مجاميع الإرهاب في القسم الشرقي من حلب، ملحقا الهزائم المتتالية بفصائل الإرهاب وفق تكتيك " الكوريدور وتحويل مواقع الإرهاب إلى جيوب معزولة عن بعضها " ما اضطر العديد من فلول الإرهاب إلى الهرب باتجاه الحدود التركية ومحافظة إدلب.

لقد هبط خبر فك الحصار عن معجزتي الصمود والبطولة " نبل والزهراء – بلدتي الألف شهيد " هبوط الصاعقة على رأس وفد المعارضة المزعومة ، التي ما لبثت أن شاهدت بأم أعينها اللقاء الحميمي بين أهالي البلدتين والجيش العربي السوري الممزوج بالدموع والزغاريد ، حتى بدأت بجمع حقائبها استعداداً لرحلة العودة للرياض.

لقد قبر الجيش السوري البطل أوهام المعارضة المزعومة ، عبر فكه الحصار عن بلدتي نبل والزهراء ، عشية الجولة الأولى من جنيف 3 ، التي لم تنعقد ، وأبلغها بلغة الدم والحديد والنار ،بأن ما لم تستطع تحقيقه في ميدان القتال لن تستطع تحقيقه على طاولة المفاوضات ، وأن يملك الميدان هو فقط من يملك الطاولة.

لقد عكس الدكتور بشار الجعفري – رئيس وفد المفاوضات لسوريا العروبة – بقوة شموخ موقف القيادة والجيش العربي السوري ، في وقفة العز التي وقفها في ردهات جنيف 3 بتصريحاته التي أربكت وفد المعارضة المزعومة ، حين أعلن بصريح العبارة رفض بلاده لأية شروط مسبقة ، ، وأن كل القضايا مطروحة للتفاوض " القضايا الانسانية وأولوية مكافحة الارهاب والحل السياسي" وإننا أمام أشباح وليس أمام وفد مفاوض ، وأن أعضاء مؤتمر الرياض يتحركون ويأتمرون بأوامر مشغليهم في السعودية وقطر وتركيا، وأن تصريحات بعض المسؤولين الغربيين توحي بأننا نفاوض تلك الدول لا معارضين سوريين.

كما كشف الجعفري ضمناً عن فشل المبعوث الأممي ديمستورا في تحديد وفد المعارضة " مؤتمر الرياض " بشكل محدد ودقيق ، بحكم وقوعه تحت الضغط السعودي والأمريكي بقوله : "لا أحد يعرف حتى هذه اللحظة من هو الطرف الآخر وليست هناك قائمة نهائية بأسماء المشاركين... الأمم المتحدة لا تملك أي قائمة نهائية بأسماء المشاركين من الطرف الآخر ، وهناك جهات إقليمية وعربية ودولية تعيد الأمور إلى النقطة الصفر ، بإصرارها على فرض طرف واحد " في إشارة منه لمحاولات تحجيم المعارضة العلمانية الديمقراطية.

ديميستورا الذي علق جنيف 3 حتى الخامس والعشرين من شهر فبراير / الجاري يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية فشل انعقاد جولة الأولى من جنيف 3 بسبب فشله في الفصل بين المعارضة المعتدلة المزعومة وبين الفصائل الارهابية (هذا أولا) (وثانياً ) لأنه قبل بوفد الرياض العائم والمعوم الذي يضم بين ظهرانيه قيادات ارهابية أمثال محمد علوش وعبد الباسط الطويل واسعد الزعبي ( وثالثاً ) لأنه اصطف ضمناَ إلى جانب معارضة الرياض يالحديث عن ضمانات ممنوحة لها حول حل القضايا الانسانية والإفراج عن المعتقلين ووقف قصف المدن.

وديمستورا بتضامنه الضمني مع شروط المعارضة المزعومة ، يتجاهل حقيقة التكتيك الساذج للمعارضة بطرحها هذه الشروط ، الذي يوحي بأنها الحريصة على الشعب السوري وبأنها الممثلة له ، ويتجاهل حقيقة أن الدولة السورية بقيادتها هي الأحرص على الشعب السوري – شعبها ، وإنها " هي أب الولد وأم الولد " وأن الجيش العربي السوري لا يقصف المدن بل يقصف قواعد الإرهاب.

لقد انسحب أعضاء وفد معارضة الرياض المزعومة ، بناء على أوامر مشغليهم في الرياض والدوحة وأنقرة وواشنطن ، لكسب الوقت ، ووفق أمل ورهان بائس جداً ومستحيل ألا وهو إحداث تغيير ولو نسبي في ميزان القوى ، بعد أن باتوا لا يمتلكون أية ورقة على طاولة المفاوضات ، لكن على المعارضة المزعومة ومشغليها ، ومعهم عواصم الغرب الاستعماري ، أن يدركوا جيداً أن الجيش السوري والطيران الحربي الروسي وحزب الله وبقية الحلفاء سيستمروا في مراكمة القتال والانتصارات حتى قتل أو طرد آخر ارهابي من سورية .

وعلى معارضة مؤتمر الرياض أن تدرك جيداً " أنه ومنذ فشل عاصفة الجنوب ومصرع ألف ارهابي فيها ، معطوفة على الانخراط الروسي، لم يعد الرهان الميداني لصالح فصائل الإرهاب بالمطلق ، وأن الحل العسكري لم يعد إطلاقاً في متناول المعارضة والقوى الاقليمية التي تدعمها ، خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار الإنتصارات الاستراتيجية المتلاحقة للجيش السوري ، وأمساكه بمساحات كبيرة جداً من الأرض كانت تخضع لسيطرة فصائل الإرهاب.

كما أنه وعلى حد تعبير أحد المحللين السياسيين، فإن النزعة الانتحارية وأنانية الدول الوصية على المعارضة، لا سيما السعودية والاتراك، قد تدفع المعارضة ايضاً الى المماطلة لاحقاً في المفاوضات، لكسب الوقت، بغض النظر عن استمرار معاناة الشعب السوري ، وعلى أمل سقوط إدارة باراك اوباما المتهمة بالتراخي إزاء دمشق، وقدوم ادارة جمهورية اكثر إقداماً، وأكثر قدرة على فرض الحل العسكري.

وأخيراً نذكر بالاتفاق الروسي السوري الذي يؤكد على الأمن القومي المشترك لكل من روسيا وسوريا في مواجهة الإرهاب ، ونذكر أيضاً بما قاله وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بأن الحرب ضد الارهاب لن تتوقف أثناء مفاوضات جنيف 3 ، للتدليل على أن الجيش العربي السوري وحلفائه ماضون في حرب دحر الارهاب من عموم الوطن ، وأن جنيف 3 ليست سوى محطة من محطات إدارة الصراع مع أطراف المؤامرة.

أما التصريحات الذي يدلي به وزير خارجية آل سعود عادل الجبير ، ومنسق مؤتمر الرياض الخائن رياض حجاب ، حول هيئة الحكم الانتقالي ، فهو من قبيل الهذيان ويبدو أن كلاهما غائبان عن الوعي ، ولم يعلما بعد أن بيان فينا وقرار مجلس الأمن رقم 2254 قد شطبا موضوع هيئة الحكم الانتقالي ، وأكدا على حكومة وحدة وطنية موسعة تحت قيادة الرئيس الأسد.

اخر الأخبار