!ثلاثة واربعون عاما على استشهاد الرفيق "ديب الهربيطي" وما زالت دماؤه تصيح بأي ذنب سُفِكْت ؟!

تابعنا على:   11:36 2016-02-12

خالد ابو شرخ

لو رأيت ذيب يصوم ويصلي لقلت انه نبي, هكذا وصفه من عرفه عن قرب, ولمس انتماءه, واخلاصه لقضية وطنه, وتفانيه في خدمة شعبه, وتواضعه للجماهير, ودماثة خلقه, واتساع معرفته وثقافته .

"ذيب اسماعيل الهربيطي" الشيوعي المثقف, والوطني الغيور, والذي تمر اليوم الذكرى الثالثة والاربعون على استشهاده, ما زالت دماؤه الزكية تستصرخ قاتله, باي ذنب سُفِكْت ؟!

ولد ذيب الهربيطي في قرية حمامة سنة ,1931 بالقرب من المجدل في قضاء غزة, وتلقى تعليمه الابتدائي فيها, ثم اكمل تعليمه في مدينة اللد, حيث انتقلت العائلة, قبل تجرع مرارة النزوح واللجوء بفعل النكبة .

ومع بداية الخمسينات من القرن الماضي, وفي خيام اللجوء في قطاع غزة, وقبل ان تشرع وكالة الغوث في انشاء المدارس, انشأ ديب الهربيطي مدرسة في خيمة, لتعليم أبناء اللاجئين, وتنقل كمدرسا بين مخيمات ومدن وقرى قطاع غزة, في رفح ودير البلح وعبسان وغزة .

انتمى الرفيق ذيب الهربيطي الى الحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزة, منذ مطلع الخمسينيات, وكان في الصفوف الاولى أثناء إندلاع إنتفاضة مارس عام 1955م, ضد مشاريع توطين اللاجئين في سيناء, وعلى أثرها تم اعتقاله مع رفاقه الشيوعيين, وفي مقدمتهم الرفيق معين بسيسو وعبد الرحمن عوض الله وغيرهم , بالاضافة الى ناشطوا القوى الوطنية الاخرى, والتي أسقطت المشروع التآمري والتصفوي لقضية اللاجئين .

بعد الخروج من المعتقل, عمل الرفيق ذيب الهربيطي موظفا في الدوائر الحكومية, بعد رفض السلطات المصرية إعادته إلى سلك التعليم, خوفا من تحريضاته ونشاطاته الشيوعية في المدارس وبين صفوف التللاميذ والمدرسين .

وكان الإعتقال الثاني أعوام 1959 -1961 حيث تعرض الى اصعب اشكال التعذيب والمساومة على إطلاق سراحه, مقابل التبرؤ من الحزب واستنكاره, ولكن ارادته الحديدية والمقاومة, رفضت ان تساوم, وعلت هامته على جلاديه .

مع بداية الاحتلال, كان في الميادين مقاوما للاحتلال, محرضا للصمود على الارض, مناديا بالوحدة الوطنية, حيث كان له دوره في انشاء الجبهة الوطنية المتحدة, وتميز بنشاط مميز ضد الاحتلال, من خلال الحزب والجبهة الوطنية .

وكان لمسالة النزوح والهجرة عن ارض الوطن, من اهم ما يشغل ذهن الشهيد ذيب الهربيطي, فوقف ضد الاغتراب الى دول الخليج, من اجل العمل هناك إبان الحكم المصري, وكان مصرا على البقاء في غزة, مطالبا المثقفين والنشطاء الصمود فيها حتى لو كان الثمن الاعتقال, وكثيرا ما شوهد على شاطيء غزة يحاور الناس ويخاطبهم ويطالبهم بالبقاء والصمود على ارض الوطن, وعدم الرحيل وترك القطاع لمخطط واحلام

الحركةالصهيونية

وببصيرته الثاقبة, تنبه مبكرا الى مسالة الاتصال بالقوى التقدمية الإسرائيلية, المناهضة للاحتلال والعنصرية, وكما يروى رفيق دربه الرفيق عبد الرحمن عوض الله كيف, ان ذيب الهربيطي في نهاية عام 1967م طرح مسألة الاتصال بالحزب الشيوعي الاسرائيلي "راكاح", بالرغم من معارضة القوى الوطنية لذلك, خاصة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, الا ان الشهيد ديب الهربيطي, اصر على السفر الى الناصرة, والالتقاء بالحزب الشيوعي الاسرائيلي "راكاح", وقام بزيارته, واتصل بالرفاق في الداخل, وعاد بالصحف والكتب ودواوين سميح القاسم وتوفيق زياد ومحمود درويش وراشد حسين وادبيات الحزب الشيوعي الاسرائيلي, وكان اول من فعل ذلك من الحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزة .

في أواخر العام 1972 حاول قادة من حركة فتح ( كمال عدوان وابو يوسف النجار ), وعن طريق احد قادة فتح اليساريين ( عبد اللطيف عبيد ), الاتصال بالرفيق ديب الهربيطي, ليكون مفوضا سياسيا للحركة في قطاع غزة, الا ان هذا الامر لم يتم, لعدم تخلي الرفيق ذيب الهربيطي عن قناعاته .

في 11فبراير سنة 1973, رحل ذيب اسماعيل الهربيطي عن عمر يناهز عاما, في عملية اغتيال جبانة, فاجأت قطاع غزة بأسره, من أقصاه الى أدناه, وأصابت الجميع بالذهول والدهشة والإستياء والغضب والإستنكار حتى هذه اللحظة, وقد اصدرت القوى والشخصيات والفعاليات الوطنية في قطاع غزة, وفي مقدمتهم الراحل الكبير الدكتور حيدر عبد الشافي, وثيقة تشهد بنضالاته الوطنية ونظافة يده, واستمرت سيرته العطرة حية على كل الالسن, وحتى بعد سبعة وعشرون عاما من استشهاده, أقيم في مخيمه, مخيم الشاطيء, مهرجانا جماهيريا تكريميا له, شاركت به كافة القوى الوطنية .

كان الرفيق ذيب اسماعيل الهربيطي شخصية مميزة جدا, على المستوى الاجتماعي خاصة, محبا للناس, خادما لقضاياهم السياسية والاجتماعية, بسيطا ومتواضعا, كريم النفس واليد, شهم وشجاع, يتعامل مع أبناء شعبه, بمودة وبساطة ومحبة, ولا عجب انه كان الشيوعي المعروف, كان من اقرب أصدقاؤه الأستاذ احمد ياسين المنتمي للاخوان المسلمين, في حديث مع والد ديب الهربيطي بعد استشهاده, ذكر أحد كوادر الإخوان المسلمين وهوالحاج يعقوب ابو كويك, انني لو رأيت ديب يصوم ويصلي لقلت انه نبي

نم قرير العين يا رفيقنا ومعلمنا, فالقاتل من مات, وبقيت انت حيا في ذاكرة شعبك وحزبك .

اخر الأخبار