ذكرى رحيل السياسي أحمد حلمي باشا عبد الباقي

تابعنا على:   20:43 2016-06-28

لواء ركن/ عرابي كلوب

أحمد حلمي باشا عبد الباقي رجل سياسي واقتصادي فلسطيني ورئيس حكومة عموم فلسطين وهي أول حكومة فلسطينية قررت جامعة الدول العربية أنشاءها في غزة بتاريخ 23/09/1948م بعد النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني لتكون ممثلة له، حيث لعب دوراً سياسياً واقتصادياً وإنسانياً في مسيرة قضية فلسطين، وقام بأدوار وطنية بارزة للحفاظ على عروبتها والدفاع عنها منذ بداية القرن الماضي.

ولد/ أحمد حلمي عبد الباقي عام 1882م في مدينة صيدا وكان والدة ضابطاً في الجيش العثماني، وقد انتقل مع والده إلى نابلس وتعلم فيها العربية وأصول الدين.

عمل في نابلس بالمصرف الزراعي، ثم انتقل للعمل محاسباً في لواء الديوانية ثم لواء العمارة في العراق، وشغل مدير أملاك الدولة في هذا اللواء الأخير.

أنتسب احمد حلمي باشا عبد الباقي إلى الجمعية العربية الفتاة السرية، وأثناء الحرب العالمية الأولي جمع أحمد حلمي متطوعين في لواء العمارة إلى جانب القوات التركية، وأبلي بلاء حسناً وأسر أحد الجنرالات البريطانيين وأركان حربه، وعند قيام حكومة الملك/ فيصل بن الحسين (سوريا) تم تعيينه مديراً عاماً لوزارة المالية، وبعد سقوط تلك الحكومة، أنتقل إلى عمان وعينه الأمير (الملك لاحقاً) عبد الله مستشاراً للمالية (أي وزيراً) ثم اختاره الملك حسين بن علي عاهل الحجاز وزعيم الثورة العربية الكبرى ناظراً للخط الحديدي الحجازي بالإضافة إلى عمله في الوزارة الأردنية، ومنحه لقب باشا وانتدبه ممثلاً لمملكة الحجاز في مؤتمر الديون العمومية الذي دعت إليه البلدان المنفصلة عن تركيا، وعقدت جلساته في الاستانة وجنيف ولندن في الشهور الثلاثة الأولى من عام 1925م.

ظل احمد حلمي في الأردن وزيراً للمالية إلى أن وجه البريطانيون انذاراً إلى السلطات الأردنية لإخراج الساسة العرب المتطرفين عسكريين ومدنيين بدعوى أنهم يشجعون على محاربه فرنسا في سوريا وشن الاعتداءات عليها، فتم نفي أحمد حلمي إلى الحجاز وانتقل منها إلى القاهرة.

بدعوة من المفتي الحاج/ أمين الحسيني رئيس المجلس الاسلامي الاعلى في فلسطين توجه أحمد حلمي إلى القدس عام 1926م، وشغل منصب مراقب عام الأوقاف بين عامي (1926-1930) فنظم شؤون الحرم القدسي، وأكثر من الجمعيات الخيرية كما أسس فندق بالاس الكبير في القدس، وفي عام 1930م اشترك مع صهره الاقتصادي/ عبد الحميد شومان في تأسيس البنك العربي في القدس وصار مديراً عاماً له، كما شارك في المؤتمر الاسلامي عام 1931م ممثلاً للقدس، وكان أحد أعضاء اللجنة العربية العليا المستقلين الذين نفوا إلى جزيرة سيشل عام 1938م وعاد إلى مصر بعد اطلاق سراحه عام 1940م، ثم سمحت بريطانيا له بالعودة إلى فلسطين إبان الحرب العالمية الثانية.

ويبصيرة الاقتصادي سعي احمد حلمي إلى تدعيم الاقتصاد الفلسطيني من جميع نواحيه فساهم في إنشاء البنك الزراعي والبنك الصناعي وصندوق الأمة العربية للإسهام في إنقاذ أراضي فلسطين ومعهد أبناء الأمة العربية لإيواء الأيتام من أبناء شهداء فلسطين والجمعية الصلاحية في القدس.

وايضاً عمل احمد حلمي باشا رئيساً للغرفة التجارية بالقدس وعضواً في اللجنة الاقتصادية للجامعة العربية وكان له دور بارز في توحيد كلمة الأحزاب (ما أمكن) وإنشاء الهيئة العربية العليا عام 1946م.

يوم اعلان الهدنة الأولى زار الملك عبد الله القدس وعين أحمد حلمي باشاً حاكماً عسكرياً عليها برتبة لواء، وحارساً للأماكن المقدسة مسؤولاً أمامه مباشرة، مثنياً على صبره وشجاعته وكونه الزعيم الفلسطيني الذي تواجد فيها والقائم على عملية تنظيم الدفاع عنها.

بتاريخ 23/09/1948م قررت الجامعة العربية إنشاء حكومة عموم فلسطين في غزة حيث عين أحمد حلمي باشا عبد الباقي رئيساً لأول حكومة فلسطينية، الأمر الذي دفع الملك عبد الله الأول إلى عزل أحمد حلمي باشا من منصبه كحاكم عسكري للقدس، حيث كان الملك شديد المعارضة لتلك الحكومة التي اعتبر أنها خلقت من قبل الجامعة العربية ومنافسين من المسؤولين العرب كي يحولوا دونه ووضع يده على القدس.

عندما نجح اليهود في السيطرة على معظم فلسطين وجد أحمد حلمي باشا نفسه رئيساً بدون وطن حيث لم تعمر الحكومة طويلاً، فأستقر في القاهرة وعمل مديراً لبنك الأمة العربية الذي كان قد أنشأه إلى أن تم تأميمه من قبل الحكومة المصرية وجميع البنوك الأجنبية عام 1961م، فغادر القاهرة وأستقر في بيروت.

وافته المنية في بيروت بتاريخ 29/06/1963م وكان قد بلغ من العمر سبعة وتسعون عاماً بعد أن اشتد عليه المرض، ونقل جثمانه بالطائرة إلى القدس حيث ووري الثرى في الحرم القدسي الشريف، إلى جانب القائد المجاهد/ عبد القادر الحسيني بناءً لوصيته.

كان احمد حلمي باشا عبد الباقي علاوة على كونه سياسياً بارزاً واقتصادياً لامعاً كان أيضاً شاعراً بليغاً ولم يكشف عن شعره في حياته إلاَّ أن اشعاره نشرت بعد رحيله تحت عنوان (ديواني) تميزت بالنزوع نحو التأمل والحكمة والارشاد والتعبير عن الحزن والاحباط إلى جانب تأمله بالكون والحياة.

هذا وقد نعاه السيد عبد الخالق حسونة أمين عام جامعة الدول العربية في الجلسة الأولى للدورة الأربعين لمجلس الجامعة العربية عام 1963م ونعاه أحد الشعراء المصريين بقصيدة مكونة من خمسين بيتاً جاء فيها:

غاب حلمي يوم نعيك يا حلمي

هل أناسا هي الروح أم فاقد العلم

أم الأجل المحتوم جاء معجلاً

بأشجع حر نازعته يد السقم

سبقت فهل لي بقربك مضجعاً

يضم أخاً في الله منطلق السهم

عليك سلام الله من قلب شاكر

هو الشاعر الراوي حديثك عن علم

رحم الله السياسي/ احمد حلمي باشا عبد الباقي واسكنه فسيح جناته

اخر الأخبار