"المونيتور" الأمريكي: أزمة صامتة بين الإمارات والسلطة الفلسطينيّة تنفجر إعلاميّا

تابعنا على:   09:50 2016-06-29

أمد/ رام الله- المونيتور: فجّر مقال صحافيّ للكاتب جهاد الخازن نشرته صحيفة "الحياة" الصادرة في لندن بـ12 حزيران/يونيو تحت عنوان "رأي خليجيّ في أوباما والقضيّة الفلسطينيّة"، خلافاً صامتاً بين السلطة الفلسطينيّة والإمارات العربيّة المتّحدة، نقل فيه جهاد الخازن قول مسؤول خليجيّ لم يذكره: "إنّ القيادة الفلسطينيّة يجب أن تتقاعد لأنّها خليط من فشل وفساد، ولا ثقة فيها".

وقال الخازن في مقاله، نقلاً عن المسؤول: "إنّ الإمارات أوقفت كلّ المساعدات إلى السلطة ، لأنّها اتّهمتها بتبييض الأموال من خلال جمعيّة في الضفّة الغربيّة يديرها رئيس الوزراء السابق سلام فيّاض. وإنّ الإمارات تطالب باعتذار السلطة عن ذلك الإتّهام".
وهاجمت وكالة الأنباء الفلسطينيّة الرسميّة "وفا" الخازن في مقال للمحرّر السياسيّ بعنوان "جهاد الخازن.. عيون البذاءة وآذانها" في 14 حزيران/يونيو، وقالت فيه: إنّ المسؤول الخليجيّ المشار إليه في المقال هو الشيخ محمّد بن زايد، الّذي طالبته الوكالة بنفي ما جاء في المقال نفياً قاطعاً، في حين طالبت حركة فتح في بيان بـ15 حزيران/يونيو بن زايد بموقف صريح من مقال الخازن، لكن لم يصدر عنه اي رد او توضيح.
وضمن أجواء الأزمة، في حين زجّت صحيفة "الحياة الجديدة" الفلسطينيّة (شبه الرسميّة) في 18 حزيران/يونيو بالإمارات في خبر عن زيارة المسؤول الفلسطينيّ السابق المطلوب للقضاء بقضايا فساد خالد إسلام للقدس، ولقائه ضباطاً ومسؤولين إسرائيليّين، وتوجّهه مع أحدهم إلى مستشفى نهاريا للقاء أحد قادة جبهة النّصرة السابقين، وحركة أحرار الشام حاليّاً، وأكّدت الصحيفة أنّ "الإمارات على علاقة وثيقة بما يقوم به إسلام، خصوصاً أنّ إقامته محصورة الآن في شكل كبير ما بين أربيل وأبو ظبي"، وهو من المقربين جدا من محمد دحلان، في اشارة مناكفة غير مباشرة الى العلاقات الجيدة بين اسرائيل والامارات، والتي ينفذها خالد اسلام، ودور الامارات في دعم والتواصل مع جماعات متشددة.
مسؤولون فلسطينيّون التزموا الصمت ورفضوا التعليق على هذه الأزمة، لكنّ مصدراً مسؤولاً في حركة "فتح" رفض الكشف عن هويّته، قال لـ"المونيتور" الأمريكي: "هناك خلافات قديمة، وليست جديدة، بين فلسطين والإمارات، لا أستطيع التحدّث عنها لأنّنا غير معنيّين بتأزيم العلاقة مع الإمارات".
أضاف المصدر: "الموضوع حسّاس جدّاً، ونحن لسنا معنيّين بتأزيم العلاقات مع الإمارات. ولهذا، تكتفي السلطة بالصمت، واختارت أن يكون الردّ عن طريق الإعلام، والتزم جميع المسؤولين بالصمت".
إنّ الأزمة بين السلطة والإمارات قديمة، بدأت منذ فصل حركة "فتح" للنائب محمّد دحلان من الحركة في 11 حزيران/ يونيو من عام 2011، ولجوء دحلان الى الامارات للعيش بها، نتيجة العلاقات القوية التي تربطه بالاسرة الحاكمة، وخاصة محمد بن زايد الرجل القوي في الامارات، والذي يعمل لديه مستشارا امنيا، ورفض الرئيس محمود عبّاس الوساطة الإماراتيّة لوقف الإجراءات بحقّ محمّد دحلان قبل فصله من "فتح" ورأب الصدع داخل الحركة. وكذلك بعد فصله، اتّسعت فجوة الخلاف، عقب قيام النائب العام الفلسطينيّ عبد الغني العويوي في 15 حزيران/ يونيو من عام 2015 بحجز أموال مؤسّسة "فلسطين الغد للتنمية"، التّي يترأسها رئيس الوزراء السابق سلام فيّاض بتهمة غسل الأموال وإدارة المال لأهداف سياسيّة، وهو ما أغضب الإمارات، خصوصاً أنّ معظم الدعم المقدّم إلى الجمعيّة هو من الهلال الأحمر الإماراتيّ، قبل أن تقرّر المحكمة العليا الفلسطينية في 8 تمّوز/يوليو من عام 2015 رفع الحجز عن الأموال.
وقال القياديّ المفصول من المجلس الثوريّ لحركة "فتح" والمقرّب من دحلان سفيان أبو زايدة لـ"المونيتور": "بدأت الأزمة الفلسطينيّة – الإماراتيّة حين أفشل الرئيس عبّاس محاولات الشيخ محمّد بن زايد لرأب الصدع مع محمّد دحلان، إذ أنّ الرئيس عبّاس وعد بن زايد بوقف الإجراءات بحقّ دحلان، لكنّه تراجع عن وعده وفصله من الحركة، وهو ما أغضب الإمارات".
أضاف: "إنّ الأزمة توسّعت مع إدخال السلطة اسم الإمارات في أكثر من قضيّة، الأمر الّذي اعتبرته الإمارات مسيئاً لها، كاتّهامها بتبيض الأموال عن طريق جمعيّة لسلام فيّاض والزجّ بها (الامارات) في فصل ياسر عبد ربّه من أمانة سرّ اللّجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير في 30 حزيران/يونيو 2015، وعدم تعليق السلطة على اتّهام الإمارات في تحقيق صحافيّ نشر في صحيفة الاخبار اللبنانية في 27 ايار/مايو 2016، يتهم الامارات وشخصيات فلسطينية مثل محمد دحلان بشراء بيوت في القدس وبيعها إلى مستوطنين".

من جهته، قال المدير التنفيذيّ لمفوضيّة الإعلام والثقافة في حركة "فتح" وعضو المجلس الثوريّ موفّق مطر لـ"المونيتور": "نحن لسنا معنيّين بأيّ خلاف مع أيّ بلد عربيّ، لكنّ محمّد دحلان الذي يعمل مستشارا امنيا لدى الامارات، والذي سهل عليه ذلك في تقوية علاقاته مع مصر، يعمل منذ أن لجأ إلى الإمارات على خلق الفتنة بين القيادة الفلسطينيّة والدول العربيّة، وخصوصاً الإمارات". من خلال التحريض على القيادة الفلسطينية

أضاف: "الخلاف ليس شخصيّاً بين الرئيس عبّاس ودحلان، نحن في فتح نرفض ذلك الوصف، لأنّ دحلان مطلوب للقضاء بملفّات قتل وفساد، لكنّ السؤال الأهمّ هو كيف تأوي الإمارات دحلان وتدعمه، وهي تعلم أنّه مطلوب للقضاء الفلسطينيّ؟".
وتابع: "إنّ دحلان يقوم ببيزنس أمنيّ ضمن منظومة دوليّة (أميركيّة وإسرائيليّة) لضرب مواقف القيادة الفلسطينيّة وتعكير علاقاتها مع الدول العربيّة، ويستغلّ خوف الدول العربيّة من إرهاب بعض الجماعات الإسلاميّة بحكم خبرته الأمنيّة سابقاً في قطاع غزّة" ويقدم نصائحه لمحاربة هذه الجماعات.
وبدوره، قال المدير العام لـ"المركز الفلسطينيّ لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجيّة – مسارات" هاني المصريّ لـ"المونيتور": "الخلاف بين الإمارات والسلطة قديم، وهو ينفجر بين حين وآخر، وسيستمرّ طالما بقي أساسه قائماً، وهو يتمثّل بتبنّي الإمارات لدحلان".
أضاف: "على السلطة أن تفصل بين الخلاف مع الإمارات في شأن دحلان، وبين إقامة علاقات فلسطينيّة - إماراتيّة قويّة".
وأخيراً، إنّ إمكانيّة إنهاء الأزمة بين السلطة الفلسطينيّة والإمارات العربيّة تبدو ضعيفة، ومن المتوقّع أن تستمرّ في ظلّ عدم قدرة السلطة وحركة "فتح" على حلّ الخلاف مع دحلان، الّذي يحظى بدعم إماراتيّ رسميّ وعلاقات جيّدة مع رؤساء بعض الدول العربيّة كالرئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي، في الوقت الّذي تقول فيه حركة "فتح" والسلطة إنّ دحلان متّهم ويجب مثوله أمام القضاء.

اخر الأخبار