في انتظارِ عِشْتار ( محمد كامل غريب)

تابعنا على:   00:00 2016-09-25

 هو ذا المكانُ يُبارحُ بُقْعةَ الضوءِ الوحيدةِ ، ثم يستلقي بعيداً ..علّهُ يرتشفُ بعضاً من قهوتهِ ، يتأمّلُ ، يتثاقَلُ ... يغفو

تُطِلُّ زهورٌ بيضاءُ من أُصُصٍ عافَتْها نافذةٌ تشتاقُ سكونَ العَتْمةِ ، تبدو والهةً ..

أرّقَها خوفٌ أن يسرقَها وقتُ الغُربةِ ، أو أن يمحو ضوءُ نهارٍ طُهْرَ العشقْ

زاغَ البَصرُ،

وأثْقَلتْ بَوائقُ الجارِ لساني

نادتني نَبْتةُ ياسَمينَ بعدَ أن أطلّتْ من شرفتي :

عِمْتَ صباحاً أيها المسافرُ في الضبابِ و في الغيومِ

لِتَقْتَفي أًثرَ الورودْ .

يا زهرةَ الهوى الفَوّاحِ يختَزِلُ المسافةَ من أبواب دمشقَ إلى حاراتِ يافا

بلدُ الغريبِ ..

نأى المُحبُّ و ما لِعِطرِكِ من سبيلْ

قد أبحَرَ بعضُ نسيمِكِ شوقاً لبنفْسَجةٍ ترقدُ في ظلِّ الصَّفصافِ و حُضنِ النّيلْ

وأنا انتظرتُكِ

أنتِ تَميمةُ عشقي ،

وأيقونةٌ تحفظُ إرثَ الضّحيهْ

لماذا ابتعدتِ بعد أن تنفّستُ عبيرَكِ و احتضنتُ أيامَ الرّبيعْ ؟!

عِشتارُ غادرَت المكانَ و أَخَذَت معها بعضَ حروفِ الأبجديّهْ

علّها تمزُجُ الكلماتِ بالعَبَراتِ ،

طالِ النّوْحُ و اختلطَ العَويلْ

والنار تخبو لا تقوى على جَوْرِ الصقيعْ

والرّاعي المقيّدُ بالسّلاسلِ ينظمُ الشِّعرَ يغنّي ضارعاً للشمسِ

ها يدَيَّ تُحيلُ دماءَها خمراً لتسقي الأرضَ

أيّتها الفَتيَّةُ فاسمعي ..

قد لا يُفيدُ الانتظارْ

حين سألتُ الريحَ أنكرت مكانَكِ لكنني تنسّمتُ عبيرَك ،

كان يصاحبُها بحثاً عن عشقٍ تَساقطَ مع أوراقِ الأشجارْ

الآنَ أراكِ فلا معنى للقسوةِ عشتارْ

ما من صوتٍ في صدرِكِ أقوى من صوتِ الرّعدِ

تعالَي نحنُ وحيدان في منفى بلا أسوارْ

والأرضُ هي الأرضُ ..

قصرٌ و قبرٌ ورحمٌ و تيهْ

و مُنْتهَى جَدَليّهْ

لا تَعذِليني ..

و لا تخذُليني ،

أنا الغيثُ أيتها المجدليّهْ

اخر الأخبار