هل يجوز التمسك بأوسلو الآن ؟!

تابعنا على:   15:01 2014-08-21

سميح خلف

هل يجوز التمسك باوسلو ولو على خازوق ! ، وما اكثر من خوازيق اوسلو التي مازالت تهيمن على كل اقدارنا في متجهاتها الأمنية والاقتصادية والسياسية .

مهما تحدثنا عن اوسلو وتطبيقاتها لن نستطيع اعطائها حقها في التخريب الممنهج ، والتي مازال شعبنا يتجرع فشلها وتخبطها وتنازلاتها وتنسيقاتها ، حيث اصبح من المطالب المهمة للشعب الفلسطيني ان يخرج خارج مربعاتها ومخالبها وقيودها .

ليست المرة الأولى التي تعري فيها اسرائيل دولة الاحتلال اوسلو والاوسلويين والقائمين على سلطتها ، لم يكن الاجراء الذي اتخذته سلطة الاحتلال بحق المناضلة عضوة المكتب السياسي للجبهة الشعبية والنائبة في المجلس التشريعي خالدة جرار من قرار بنفيها الى اريحا وهي المقيمة في رام الله ، وهي تحت ادارة وسيطرة السلطة بشكل مباشر هي المرحلة الاولى التي يعري فيها الاحتلال تلك السلطة، حيث لا حماية للمواطن او للمؤسسة او للكادر او للسياسي ، اتذكر منذ شهور عندما عارضت خالدة جرار موقف الرئيس عباس في داخل المجلس المركزي ، حينها كان التهديد والوعيد وقطع موازنة الجبهة الشعبية والتهديد باخراجها من تشكيلة منظمة التحرير.

اجراءات عقابية من هنا وهناك ، لم يتوقف الحال على خالدة جرار ، بل تثبت السلطة بقيادتها الحالية انها عبارة عن خيوط من العنكبوت تحمل في احشائها وفي عمقها وجحرها قوة الاحتلال وتصرفاته الاحتلالية بكل اشكالها في الضفة الغربية .

ما احوجنا اليوم بداية من الضفة الغربية وفلسطينيي الشتات الى غزة الى التي تقف بشموخ وعزة امام العدو الصهيوني لترسم حقبة جديدة من العمل الوطني الملتزم والمنضبط بثوابت الشعب الفلسطيني لا بثوابت اوسلو ، فشتان بين ثوابت اوسلو التي يتغنى بها تلفزيون فلسطين وثوابت الشعب الفلسطيني التي لا تحيد عن مقومات الحقوق الفلسطينية في فلسطين وفي معركة تحرير متصلة ومتواصلة تتجدد فيها الرؤى والمناخات بما يناسب المرحلة ، فاوسلو قد سقطت واسقطها الاحتلال والغريب ان مدرسة اوسلو بسلطتها ووزرائها ورئيسها مازالت متمسكة باوسلو ومفرداتها ولأنها هي الطريق للعمل السياسي المتصل المعبر عن وجودها فقط .

ربما بل بالتأكيد ان اوسلو قد تجاوزها الشعب الفلسطيني في غزة على الاقل وانطلقت المقاومة الفلسطينية والكفاح المسلح لتعيد القضية الفلسطينية الى معطياتها الاولية كقضية حقوق ووطن مسلوب وليست قضية رغيف خبز ومعبر ومطار وميناء ، فهناك من الحقوق ما هو اكبر من ذلك ، وهناك ماهو من الطموح الفلسطيني الذي حققه صمود شعبنا في غزة بمقاومته الباسلة بكل فصائلها ما هو اهم من المطروح سياسيا ً الذين يحاولون جر منجزات شعبنا وتضحياته وصموده الى الخندقة في مربع اوسلو واهدافها ، حيث تعمل تلك السلطة وببعد بعض الدول الاقليمية والدولية الى تثبيت وتكريس مفهومها الذي لم يخرج عن مفردات معيشية للشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال .

من المؤكد ان اوسلو قد فقدت اهميتها وتطورها اذا كان مناسبا ً وطنيا بعد وفاة ورحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي حاول ان ينجز من اوسلو اكثر من ايجابية في طريق مرحلي للوصول الى الغايات الوطنية ، تلك اوسلو التي قال عنها ياسر عرفات ان له عليها الف مأخذ ومأخذ ، ربما اراد ياسر عرفات ان يخرج من نطاق اوسلو بعد واير رفر وتمرد عليها ولأنه رأى من اوسلو سدا ً منيعا ً يحول دون تحقيق الشعب الفلسطيني اهدافه الوطنية ، فكانت الانتفاضة وكان حصار الرئيس وكانت نهايته ايضا ً ، كيف لهؤلاء المتمترسون في الخندقة بمفردات اوسلو ان يستمروا والمقاومة الفلسطينية تمرغ انف العدو وتفرض عليه حصارا ً وتفرض املاءاتها على من اتوا الى اسرائيل من اليهود ليستوطنوا في بحيرة من الامان ، فالمطارات مغلقة والملاعب مغلقة والمتنزهات والمدارس مغلقة ، ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني ان تحقق المقاومة فشل النظرية الصهيونية بل تهاويها على قاعدة الصواريخ والانفاق ، وقبل ذلك صمود شعبنا ومقاتليه .

لم يكن غريبا ً على المقاتل الفلسطيني ان يثبت للعالم انه قادر على ادارة الصراع مع العدو الصهيوني وفرضياته الفاشلة في خلال 66 عام من الاحتلال ، فلقد سبق ذلك التجربة الفلسطينية للشعب الفلسطيني التي لا تنفصل عن التطور التاريخي للصراع والمقاومة الفلسطينية بكل متجهاتها الفكرية ، لقد هزم العدو في اكثر من معركة على حدود شرق الاردن وفي الجنوب اللبناني وفي العمليات الاستشهادية التي نفذها شباب فلسطين وحرائره على مسار الصراع العربي الصهيوني .

بلا شك اننا في مرحلة يجب اعادة تقييمها بشكل دقيق ولأن اوسلو وهيكلياتها وتنسيقها الامني عجزت عجزا ً كاملا ً عن تحقيق اهداف شعبنا بل حمايته .

اذ ا ً لماذا وجود هذه السلطة التي تمخضت عن اوسلو وهي غير قادرة على تحقيق أي انجاز يقال ان السلطة قد حققت انجازا ً دوليا باعتراف الجمعية العامة بفلسطين كدولة غير عضو ، في حين ان منظمة التحرير كانت عضو مراقب في الامم المتحدة منذ عام عام 1974 ، واعتقد ان ما حققته المقاومة الفلسطينية بابناء شعبها جميعا ً يتجاوز كثيرا ً ما حققته الدبلوماسية الفلسطينية الفاشلة على مدار الصراع ، ولأن وجود العدو بني على القوة والقرصنة ، فكان لابد من مواجهة هذا العدو بنفس السلوك والطرق التي اتبعها ، فالسياسة لا تنبع الا من فوهة البندقية وليس العكس ، وخاصة امام عدوان عنصري احتلالي يتبع سياسة الترانسفير والقتل والتدمير والاستئصال لاصحاب الارض الحقيقيين .

نحن نحتاج لإعادة تقييم المرحلة بناءا على نتائج المواجهة مع العدو الاسرائيلي في غزة الان ، ولأن غزة الان ستكون كما قلت سابقا ً هي طليعة البرنامج الوطني الاصيل الذي يعبر عن طموحات الشعب الفلسطيني والذي بالتأكيد ستتلاحم معه قوى شعبنا الاصيل في الضفة الغربية وفي فلسطين عام 1948 وفلسطينيي الشتات ، نحن نحتاج الى مراجعات سريعة قبل الدخول في مفاوضات مباشرة او غير مباشرة مع العدو الصهيوني لنرسم برنامجا ً سياسيا ً وطنيا ً مبنيا على الميثاق الوطني الاصيل ونصوصه وبنوده التي تخلى عنها تيار اوسلو ، فلتذهب اتفاقية اوسلو الى الجحيم والى الابد والنصر لشعبنا .

 

اخر الأخبار