على إسرائيل أن تقرر :ادارة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي أم تسويته ...!؟

تابعنا على:   16:04 2014-09-01

م.حاتم ابو شعبان

المشكلة الاساسية في الفكر الاسرائيلي والذي تطبقه الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة منذ نكبة عام 48 وحتى يومنا هذا، مهما اختلفت توجهات الاحزاب القائمة على هذه الحكومات، هو ان هذا الفكر ينحصر فقط بكيفية ادارة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وليس التفكير بحل وتسوية هذا الصراع، لان التفكير في ادارة الصراع وليس حله هو الاساس في استمرار تطبيق نظرية التوسع لإقامة دولة اسرائيل الكبرى، كما أنه يؤدي إلى عدم تقديم تنازلات من أجل السلام العادل في المنطقة، لان كل رئيس حكومة في كل مرحلة سواء كان يميني او يساري او اياً كان توجهه، فإنه أثناء وجوده في سدة الحكم يدير الصراع وهو يتطلع لتحقيق نصر عسكري حاسم لإسرائيل وعدم تقديم أي تنازلات تؤدي إلى تسوية الصراع وذلك لتحقيق هدف اسرائيل الاكبر بإقامة دولة اسرائيل الكبرى في المنطقة إضافة إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني ورفع الراية البيضاء والاستسلام لأن هذا التفكير ناتج عن العنجهية الاسرائيلية المتطرفة لتحقيق النصر الحاسم على الشعب الفلسطيني أو العربي،... والتفكير في تسوية الصراع لا يحقق هذا النصر الحاسم وإنجاز نظرية التوسع لدولة اسرائيل،.. كما أن همه الاساسي ان ينجح بجدارة هو وحزبه في الانتخابات الاسرائيلية القادمة التي تلي العدوان...               

 

إلا أنه في كل حرب وعدوان قامت به اسرائيل على الشعب الفلسطيني أو على أي دولة عربية لم تستطع اسرائيل تحقيق النصر العسكري الحاسم على الشعب الفلسطيني او اي دولة عربيه منذ عام 1948 وحتى الان، بل كانت تنجح في تحقيق انتصارات عسكرية سواء كانت كبيرة أو محدودة ودمرت مناطق ومدن فلسطينية وعربية بأكملها وارتكاب المجازر الاجرامية في عدوانها، وعلى سبيل المثال لا الحصر مذبحة دير ياسين ومذبحة قانة وجريمة مدرسة بحر البقر في مصر والمجازر التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي في المخيمات الفلسطينية في لبنان على مدار السنوات المتعددة،... وأخيراً وفي العدوان الاخير على قطاع غزة احدث مجازر الشجاعية وبيت حانون وخزاعة ورفح وتدمير أحياء كاملة في مناطق عديدة من قطاع غزة ومسحها عن الخارطة وهدم الابراج وووووو.. إلخ.

 

ولكن اسرائيل في كل اعتداءاتها وعدوانها منذ عام 1948 وحتى الآن لم تنجح في كسر ارادة الشعوب العربية ولم يرفع الشعب الفلسطيني راية الاستسلام، بل استمر الشعب الفلسطيني صامداً رغم كل المآسي والتدمير الذي حل به في كل عدوان، كما أن المحصلة النهائية بعد انتهاء كل حرب وعدوان كانت اجراء انتخابات اسرائيلية مبكرة، وغالباً ما كانت نتائجها بانتهاء الحياة السياسية لرئيس الوزراء الاسرائيلي الذي كان في ذلك الحين والذي شن العدوان على العرب، وفي أغلب الاحيان كان يسقط حزبه في الانتخابات، لان الشعب الفلسطيني ظل باقيا ولم يستسلم ولم يرفع الراية البيضاء نتيجة العدوان الذي احل به، وعلى سبيل المثال لا الحصر تم اجراء انتخابات مبكرة بعد حرب ونكبة عام 1948، وبعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وبعد نكسة حزيران عام 1967، وبعد العدوان عام 1978 وعام 1982 على المخيمات الفلسطينية في جنوب لبنان، والعدوان على الشعب الفلسطيني أثناء الانتفاضة من عام 1987 وحتى عام 1993، والعدوان على غزة عام 2000 والعدوان على المقاطعة في رام الله والذي انتهى باستشهاد الرئيس ابو عمار عام 2004، وعدوان عام 2006 و 2007 على جنوب لبنان، والعدوان الغاشم على غزة عام 2008 و2009 وعدوان عام 2012،.. فإن أغلب هذه الاعتداءات والعدوان افضت في نهاية المطاف بسقوط رئيس الوزراء الاسرائيلي وحزبه في ذلك الحين، وانتهاء الحياة السياسية له، وعلى سبيل المثال .. ليفي اشكول، واسحق شامير، ومناحيم بيجن، ويهود باراك، وإيهود اولمرت، وشارون ...وغيرهم...  ما عدا رئيس الوزراء الاسرائيلي المؤسس لدولة اسرائيل بن جوريون الذي استقال من منصبه بعد العدوان الثلاثي على مصر وقطاع غزة عام 1956 بمحض إرادته، ومن المؤكد الان وبعد انتهاء العدوان الاخير فإن نتنياهو سيضطر لإجراء انتخابات مبكرة  وستنتهي حياته السياسية في اقرب وقت لفشله في تحقيق نصر حاسم على الشعب الفلسطيني في غزة بالرغم من التدمير الهائل كزلزال بقوة 10 رختر الذي أحدثه في غزة لإتباعه نظرية إدارة الصراع فقط، كما يتوقع أن يسقط حزبه في هذه الانتخابات.

 

كل هذا لان اسرائيل تفكر فقط بإدارة الصراع وليس حله وتسويته، لان هذه التسوية تتطلب تقديم تنازلات حقيقية مؤلمه من اجل ان تعيش اسرائيل بسلام مع جيرانها العرب، وهذا ما حدث مع رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق اسحق رابين عام 1993 لأنه الوحيد من رؤساء وزراء اسرائيل عندما بدأ يفكر فعليا بتسوية الصراع مع الشعب الفلسطيني بعد اتفاق اوسلو، فإن اسرائيل استطاعت أن تحقيق الامن والاستقرار لها تدريجياً لعدة سنوات منذ عام 1994 الى ان قتل الاسرائيليون رابين لمجرد تفكريه في حل وتسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لأن ما قام به اسحآق رابين يتعارض مع نظرية التوسع الاسرائيلي في العالم العربي الذي يتبناها غالبية الزعماء والقادة الاسرائيليين.

 

من هنا... اذا ارادت اسرائيل السلام لها ولشعبها فعليها ان تغير نهجها وتفكيرها المتطرف، وتفكر جديا بحل وتسويه الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وليس ادارة الصراع، لأنها مهما حققت انتصارات عسكرية وتدمير للبنية التحتية في الاراضي الفلسطينية، فإنها لن تحقق الامن والاستقرار لها لان ارادة الشعب الفلسطيني لن تنكسر مهما بلغت الخسائر في صفوفه ومدنه وأبراجه، والحل الوحيد يكمن في حل وتسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بالسلام العادل وليس بالعدوان والحرب.

اخر الأخبار