قبل حوالي أسبوع أعلن اتفاق وقف إطلاق النار من القاهرة، و بشكل مفاجئ تناقلت أخبار هذا الاتفاق انطلاقا من غزة و تحديدا من حركة حماس، معلنة عن بدء سريان وقف إطلاق النار و بناء على بنود اتفاقية 2012 و تأجيل بعض القضايا العالقة كالمطار و الميناء في مفاوضات لاحقة بعد شهر، و قد احتفلت غزة بهذا الاتفاق معلنة الانتصار، و تعالت تكبيرات النصر في أرجاء القطاع، رغم حالة الغموض التي شابت اتفاق التهدئة، التي ذكرت فيه وساطات عديدة كالوسيط القطري و الأمريكي، كما أن كان بمقدور حماس الموافقة سابقا على هذا الاتفاق، قبل أن تتدحرج الأمور للأسوأ، ويزداد عدد الشهداء و يتعاظم حجم الدمار، لكن و حسب ما ذكر فإن الأوامر أتت من قيادة حماس في قطر للموافقة على التهدئة لإعطاء الفرصة للتوجه للانضمام للمواثيق الدولية و محكمة الجنايات الدولية ، بجانب السلطة الفلسطينية ، لكن سرعان ما تراجع التراشق الإعلامي بين فتح وحماس و الاتهامات المتبادلة حول عرقلة بدء مشروع الاعمار و ازمة الرواتب ، و اتهام أبو مازن الذي جاء في الوقت الخاطئ بوجود حكومة ظل تعمل في غزة، و هذا أوجد حالة من الاستهجان حول تلك التصريحات، بالرغم من وجود محاور إقليمية تؤيد رجوع أبو مازن لغزة و كذلك دعت حماس إلى قدوم السلطة إلى غزة ، لكن يبدو أن مشكلة أبو مازن مع غزة بعيدة عن المنحى السياسي وهو لا يريد مزيد من الأعباء التي قد تضعف سيطرته السياسية ، لكن أيضا يفترض أن تبذل حماس مزيدا من التجاوب السياسي و تمتنع عن الأعمال السلبية التي تمارسها ضد منتسبي الأحزاب الأخرى في غزة و عليها أن تدرك أن الانتصار كان إنجاز وطني للمجتمع الغزي بجميع فصائله .

إن التهاون السياسي و الرجوع للمربع التصادمات الحزبية بين حماس وفتح أبشع ما يمكن أن يحدث في هذه المرحلة ، و يزيد من الأزمات التي يعانيها الغزيون بعد الحرب، فالمواطن الذي أصبح بلا مأوى الآن ، ينتظر حلول عاجلة على الأرض تعوضه ولو بصورة جزئية ، ليس أن يستمع إلى التصريحات المخزية من هنا أو هناك ، التي لا تخدم إلا الاحتلال ، بل يقدموا إليه إنجاز مجاني لطالما تمناه ، في الوقت الذي لم يشعر أهل غزة بأي إنجاز على الأرض سوى السماح للصيد البحري ل 6 أميال ، أما الإنجازات الأخرى لم يتحقق منها شئ ، وهذا بحد ذاته مصدر قلق لأهل غزة ، تهيئ الظروف للانفجار في أي لحظة ، خاصة وأن السلطة لم تقوم بواجباتها إزاء قطاع غزة المنكوب كما هو متوقع حتى الآن .