الوضع لا يحتمل فما هو العمل؟؟؟

تابعنا على:   18:35 2014-10-24

يحيى رباح

علامات على الطريق

لا يختلف أحد على أن الوضع القائم بيننا و بين إسرائيل فوق هذه الأرض المعروفة بإسم فلسطين التاريخية قابل للإنفجار الدموي في أي لحظة، و السبب أن الحكومة الإسرائيلية الحالية التي يقودها نتنياهو و لا هدف له سوى أن يظل في مقعد رئيس الوزراء!!! هذه الحكومة الإسرائيلية أصبحت عاجزة تماماً عن تقديم أية مبادرات، بل هي تتشبث بالقول لنا صباح مساء و على كافة الأصعدة، أنا أريد و أنتم عليكم أن تقبلوا ما أريد!!! و أنا لا أريد و عليكم أن تقبلوا ما لا أريده، و ليس أمامكم خياراً آخر!!!

بطبيعة الحال، فإن ما تريده إسرائيل مستحيل أن يقبل به أحد، فلقد رضينا بإثنين و عشرين بالمئة من مساحة فلسطين التاريخية لتكون دولة لنا، و هذا ما تدعمه كل قرارات الشرعية الدولية، و لكن حكومة نتنياهو تقول إنه لا دولة فلسطينية على الإطلاق!!! و قبلنا بالمفاوضات أسلوباً للوصول إلى هدفنا الذي تدعمه القوانين و الأعراف و قرارات الشرعية الدولية، و لكن إسرائيل تقول أن المفاوضات بالنسبة لها هي املاءات، و استمرار في سرقة الأرض و تهويد المقدسات، و تصعيد الاتهامات، و أنه لا حصانة على الإطلاق للسلطة الوطنية الفلسطينية، و لا حصانة للإنسان الفلسطيني، و أن أمن إسرائيل هو أول الكلام و آخر الكلام، و إذا لم يعجبكم فاذهبوا إلى الجحيم.

العقدة هنا أن هذا الكلام الإسرائيلي، و هذا السلوك الإسرائيلي، و هذا الفهم الإسرائيلي للأمور لا يمكن أن يقبله أحد، و أن إسرائيل تصعد الأمور إلى حد الاشتعال، ثم تقول لنا أنتم من اشعلتم النار و أن عليكم أن تدفعوا الثمن.

قبل أيام، قام سائق من القدس بحادث مروري عادي، يقع مثله و أسوأ منه في تل أبيب، و يمكن أن يحدث مثله أو أبشع منه ألف مرة في واشنطن أو نيويورك أو لندن أو باريس أو أي مكان في العالم، و الحادث المروري وقع عندما انحرفت عجلة السيارة التي كان يقودها عبد الرحمن الشلودي، فاصدمت السيارة بعدد من المارة و ماتت على إثرها رضيعة إسرائيلية، و حسب شهود عيان كانوا موجودين في المكان، فإن عبد الرحمن الشلودي كان يصرخ لحظة انحراف السيارة بأن عجلة القيادة أفلتت من يده، و لكن الشرطة الإسرائيلية أطلقت عليه النار على الفور و قتلته!!! و ياليتها اكتفت بذلك، بل وصل الأمر بنتنياهو نفسه أنه اعتبر الحادث المروري بأنه إعلان حرب مشترك من السلطة الفلسطينية و حماس ضد إسرائيل، و انطلقت التهديدات و الاتهامات ضد الرئيس و ضد المقدسيين و ضد الشعب الفلسطيني كله في الضفة الغربية.

لاحظوا هنا قتل المتهم على الفور حتى تموت الحقيقة معه، و هذا نفس ما حصل حين خطف الشبان الإسرائيليين الثلاثة في الثاني عشر من حزيران الماضي، و اعتبر الحادث مبرراً للحرب التي كلفتنا في القدس و الضفة عشرات القتلى و مئات المعتقلين و عشرات البيوت المنسوفة ثم توسعت في غزة إلى قرابة خمسة عشر ألف بين قتيل و جريح و عشرات الآلاف البيوت المهدومة، و كانت حكومة نتنياهو قد أعلنت منذ البداية عن اثنين من الفلسطينيين اتهمتهما بعملية الخطف "القواسمي و أبو عيشة" و عندما وضعت الحرب أوزارها تم إلقاء القبض على المتهمين – و يالمصادفة – و تم أعدامهما فوراً حتى تموت معهما الحقيقة.

المأزق في ذروته، فكيف سنجد حلاً لهذا المأزق بدون أن تنفجر حرب جديدة قد يكون مسرحها هذه المرة القدس نفسها التي يتوعدها نتنياهو أو ربما عموم الضفة الغربية؟؟؟

هذا المأزق الدموي،

هذا التصعيد الدموي،

يصنعه نتنياهو على رأس حكومته التي اختارها على شاكلته لتخدم أهدافه و لم يفرضها عليه أحد، و هذه الحكومة تحمل كل الأطراف المسئولية سواء الفلسطينيين أو حتى المجتمع الدولي و لا تحمل نفسها أي مسئولية، و أكبر دليل على ذلك أن المفاوضات الأخيرة التي بدأناها فلسطينياً مع هذه الحكومة و التي بدأت في نهاية تموز من العالم الماضي و انتهت في نهاية أذار هذه السنة، شاركت فيها الحكومة الإسرائيلية برغبتها على أساس حل الدولتين، و قد عملت إسرائيل كل ما في وسعها لإفشال هذه المفاوضات و نجحت في ذلك بامتياز، و على ضوء فشل المفاوضات ذهبت القيادة الفلسطينية إلى بديل آخر، ليس الحرب، بل المجتمع الدولي، مجلس الأمن و الأمم المتحدة و المنظمات الدولية، و ليس الصواريخ و لا الأحزمة الناسفة!!! و آتضح أن حكومة نتنياهو و الجوقة التي حولها لا تريد مفاوضات، و لا تريد مجتمع و قانون دولي، و لا تريد أي شيء سوى أن نسكت فقط، بل إن وزير الجيش قال علناً أن الدولة الفلسطينية لن تقوم أبداً!!! فهل هو غبي إلى حد أنه لا يعلم ماذا يعني ذلك؟؟؟ إنه يعرف بطبيعة الحال أن هذا السلوك الإسرائيلي سوف يؤدي إلى الانفجار الكبير، الانفجار الشامل، و إذا لم تكن هناك مبادرات مسئولة و جدية و مقنعة فإن العنف سوف ينفجر لا محالة مهما كانت النتائج.

أما مسلسل التهم و التهديدات ضد الرئيس أبو مازن، بأنه شريك حماس، و أن حماس مثل داعش، و أن الأولوية بسحق داعش أو سحق إيران كما كان يقال قبل ظهور داعش، فهذا الكلام تافه و غبي و لا يصدقه أحد، و عندما حاول "كيري" وزير خارجية أميركا أن يربط بين استعصاء الحل الفلسطيني الإسرائيلي و الإرهاب في المنطقة، فإن جوقة نتنياهو بدأت بالصراخ، فماذا تريدون بالضبط، و هل أنتم تصدقون أن الشعب الفلسطيني سيقول لكم نعم؟؟؟

اخر الأخبار