سايكس بيكو 2 واغتيال ياسر عرفات ...

تابعنا على:   11:20 2014-10-30

د.مازن صافي

في الذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس الرمز ياسر عرفات "أبو عمار"، علينا أن نقف عند ثلاثة رسائل خطيرة شكلت المطاف الأخيرة من واقع الحياة للرئيس ابوعمار، وكلها تزامنت مع القمة الرئاسية التي انعقدت في كامب ديفيد بتاريخ 13/7/2000 بدعوة من الرئيس الأمريكي بل كلينتون، وقد شكلت منعطفاً هاما جدا في سياق المفاوضات والمواجهات الفلسطينية الإسرائيلية اللاحقة وتفجر الأوضاع واستخدام (إسرائيل) لكافة أنواع الأسلحة العسكرية وبما فيها الصواريخ والقذائف المدمرة، ومما شكل أزمة عميقة لمصداقية اتفاقية أوسلو والتعهدات الدولية والموقف الأمريكي الذي انحرف من جانب "الوسيط" الى جانب " المنحاز" بل وصل الى جانب " الشريك" مع الاحتلال في قمع وتدمير الحياة الفلسطينية على كافة المستويات، ووصلت الأمور الى الثامن والعشرين من أيلول 2000 وهو يوم اندلاع انتفاضة الأقصى وما تلى ذلك من اجتياح المدن وقصف المقرات الأمنية والعسكرية والمدنية الفلسطينية وحتى حصار الرئيس وقتله في 11/11/2002.

الرسالة الأولى كانت عبارة عن تهديد مباشر وعبارات سمعها الشهيد أبو عمار من جورج تينيت رئيس المخابرات الأمريكية في اليوم الأخير لكامب ديفيد، حيث قال له مهدداً بصيغة التحذير عندما رفض عرفات اقتراح تقسيم المسجد الأقصى "فكّر وتذكّر أنك عائد إلى منطقة مضطربة، خارطتها قابلة للتغيير، وستجد نفسك محاصراً وحولك دم كثير، وتجد نفسك معزولاً ولن يتصل بك أحد، فكّر وتذكّر" .

وجاءت الرسالة الثانية جاءت في ختام قمة كامب ديفيد حيث قال الرئيس الأمريكي السابق بل كلينتون وبغضب للرئيس الشهيد أبو عمار : "إذا كان بإمكان الإسرائيليين، أن يقدموا حلولا وسطاً، بينما تعجز أنت عن القيام بذلك، ينبغي أن أعود إلى منزلي، لقد مضى عليك هنا أربعة عشر يوماً وقلت لا لكل شيء .. هذه الأمور تترتب عليها نتائج، الفشل يعني نهاية عملية السلام .. فليكن ما يكون ولنعش مع النتائج ..؟!"

وأما الرسالة الثالثة فقد جاءت بعد عودة الرئيس ابو عمار الى فلسطين، وفشل قمة كامب ديفيد، حيث التقى الشهيد ياسر عرفات مع مبعوث روسي جاء لإبلاغه بأمر مهم، ويتمثل في حصول روسيا على وثيقة أمريكية حول إعادة تقسيم الوطن العربي على أسس جديدة، باعتبار أن اتفاقية سايكس بيكو لم تعد صالحة، وأن التقسيم الذي وضعته بريطانيا وفرنسا في الحرب العالمية الأولى عفا عليه الزمن.

وهنا علينا أن نقرأ ماذا حدث بعد ذلك من أحداث هامة : لقد حصل ايهود باراك على ضوء أخضر أمريكي لتدفيع الثمن للسلطة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني والبدء في حصار ياسر عرفات.

وبينما جمد الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية في الوقت الذي كانت المنطقة غارقة في الدماء والتفجير والاجتياحات والعمليات العسكرية في صورة واضحة ومتفجرة ومتصاعدة، وكانت الاتهامات الأمريكية والاسرائيلية توجه بصورة مباشرة للقيادة الفلسطينية بأنها غير مؤهلة لشراكة السلام ، واتهامات للرئيس ابوعمار انه هو زعيم ومهندس الانتفاضة وانه يدعم كل الفصائل والأجنحة والتيارات المسلحة .

 

وخرجت آنذاك التصريحات العنصرية والتحريضية ضد الفلسطينين، فالحاخام عوفاديا يوسف زعيم حركة شاس "آنذاك" وصف العرب بالأفاعي وطالب عليهم.

ولقد وصلت التهديدات الى القدس، فلقد أصدر باراك تعليماته المباشرة بتعزيز واحكام السيطرة على القدس وخاصة الجزء العربي منها، بحيث تبدأ أكبر هجمة استيطانية وتمثلت بالفعل ف مواصلة البناء الاستيطاني في جبل أبوغنيم، ومصادرة الأراضي وهدم البيوت، وتسهيل دخول المتطرفين واليهود الى داخل الأقصى، وشكلت زيارة شارون الصاعق الذي فجر المنطقة كلها .

 

ووصلت الأمور بعد أن تفجرت المنطقة إلى الحصار الفعلي للرئيس ياسر عرفات في المقاطعة وفرض العزلة عليه، ويومها لم يتجرأ أي من زعماء العرب والمسلمين من الاتصال عليه او كسر الحصار عنه ( ..؟!) وكانت المنطقة تغرق في الدماء وتغيرت الخارطة وتحولت الى مواجهات مسلحة ومباشرة وصلت الى داخل المدن الفلسطينية والاسرائيلية، حتى تم إغتيال ابوعمار بصورة أفجعت الكل الفلسطيني والعربي وكلما طال سنوات الفراق كلما تعمق الحزن واتضحت الصورة أكثر وحجم المؤامرة وسيناريو تغيير جغرافية المنطقة، بحيث لا تتوقف على المناطق الفلسطينية، بل وصل للفعل الى سايكس بيكو جديد، وتخرج الدراسات الحديثة التي تتحدث عن أن الربيع العربي والأحداث اللاحقة هي خطة عالمية لاعادة تقسيم المنطقة العربية بحيث يتم تمكين القوة والاحتلال الاسرائيلي وامتدادة واضعاف الى إمكانية لمقاومة وجودة لشعرات السنوات القادمة، وفي نفس الوقت إعادة السيطرة على منابع الاقتصاد والثروات، ودعم عدم الاستقرار وخلق الفوضى والعنف .

 

لهذا تم إغتيال الرئيس الشهيد أبوعمار، لأنه قال للمشاركة في مشروع الشرق الأوسط الجديد أو ما سيعرف بــ سايكس بيكو جديد يبدأ بتقسيم الأقصى، وعلينا أن نعيد قراءة الأحداث التي نعرفها جيدا وتلك التي تمت أثناء حصار الرئيس ابوعمار وحتى اليوم، لكي نعيد تركيب السيناريو، وفي المقال اجتهدت لأجيب عن سؤال "لماذا اغتيل ابوعمار" ويبقى السؤال :"كيف ومَن الذي قتل" .

اخر الأخبار