الحكومة "وخُرْجُ" السلطة ... ودرجة وزير

تابعنا على:   14:45 2014-10-31

جهاد حرب

أُدرج على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء قبل اسبوعين مشروع قانون من بند واحد يتعلق بتقاعد بعض المستشارين ورؤساء المؤسسات الوزارية غير الحكومية الذين يعينون بدرجة وزير، أي بمعنى آخر كبار  الموظفين أو  كبار  المتنفذين بعد  السياسيين في البلاد. ينص هذا المقترح على "كل من حصل على درجة وزير يحصل على تقاعد الوزير".

ودرجة وزير  وفقاً لقانون الخدمة المدنية هي درجة وظيفية على سلم الخدمة المدنية وهي تختلف كليا عن منصب الوزير المنصوص عليه في القانون الأساسي الذي ينطبق فقط على اعضاء مجلس الوزراء  "أعضاء الحكومة". وبالتالي ما ينطبق على اعضاء مجلس الوزراء بالتأكيد على لا ينطبق على من يعين بدرجة وزير  سواء في التعيين أو مصوغات التعيين وطبيعة الوظيفة وحتى التقاعد.

وبغض النظر عن طريقة اختيار المستشارين ورؤساء المؤسسات الوزارية في البلاد، فان معايير الاختيار اساسا هي لطبيعة المهام التخصصية لهذه الوظائف، لذا لا بد من احترام القواعد الأساسية التي تنطبق على هذه الفئة الخاصة وفي التعامل معها من حيث الامتيازات التي يمكن الحصول عليها بحكم العمل الوظيفي لهم.

ينطبق على هذه الفئة قانون الخدمة المدنية الذي ينظم عمل الموظفين العامين، وبالتالي الأنظمة "اللوائح" المقرة من قبل مجلس الوزراء لتنظيم العمل في قطاع الخدمة المدنية، وبالتأكيد قانون التقاعد العام ينطبق عليهم. وإن كنت اعتقد أن من حق من يعين في هذه الدرجة التمتع بامتيازات مالية كالبدلات والمكافآت خلال عملهم خاصة أنه يتم استقدامهم بالضرورة لشغل منصب تخصصي قد لا يتوفر  في العاملين في القطاع العام، أي بمعنى آخر يتم جلبهم من متخصصين من الجامعات او المؤسسات البحثية أو عاملين في مؤسسات أجنبية أو دولية، مما يتطلب منحهم امتيازات أعلى من راتب وزير لتعويضهم عن الخسائر  المحتملة لقبولهم العمل في القطاع العام.

لكن هذه الامتيازات والبدلات "والحقوق المالية" ينبغي أن لا تُحمل الشعب الفلسطيني مستقبلا لسنوات طويلة تَبعاتُ تعيين بعض المتخصصين في القطاع العام "لسنوات محدودة" بعد انتهاء عملهم  خاصة انها لا تنطبق عليهم القواعد المحددة في قانون التقاعد العام. 

وهنا لا بد من التنويه الى أن بعض القرارات مثل القرار  الرئاسي رقم 61 لسنة 2010 الذي "يتقاضى رئيس ديوان الرقابة المالية الادارية راتبا مقطوعا يعادل من يعين بدرجة وزير بالإضافة البدلات والمكافآت والحقوق المالية الاخرى المخصصة للوزراء". اتخذت في غفلة من الرقابة وصحوة المؤسسة الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية. او  بالعربي انها "سرقت" في عتمة الليل أو  كما يقال بالفلاحي أيضا "ان ماشفتني راحت عليك وإذا شفتني بضحك عليك".

لن نتوقف على عيوب النص الذي صيغ في هذا القرار ، لكن خطورة هذا النص انها تفتح مدخلا لخلق امتيازات جديدة لفئات أو اشخاص عيونهم عليها مستقبلا وفقا للعرف القائم فلسطينيا "أسوة بالزملاء".  أي وضع قواعد شخصية أو بمعنى آخر استغلال المنصب الرسمي للحصول على هذه الامتيازات  مستقبلا في حالة انتهاء خدمته في هذا المكان أو ذلك، أو ما يعرف تضارب المصالح.

لكن الاخطر  هو التعامل مع الخزينة العامة باعتبارها خُرْجٌ نغرف منه دون حساب، أو مراعاة لقواعد ناظمة محددة للحقوق والامتيازات مما نُصبح كمن يريد الحصول على اقصى ما يمكن من الكعكة ليس فقط في حال وجوده بل أيضا ضمان استمرار الحصول عليها بعد غيابه دون اعتبار  للالتزامات المالية اللاحقة على السلطة الفلسطينية.

بالتأكيد أن البند المدرج على جدول اعمال مجلس الوزراء هذه الايام يحمل "شبهة" استغلال المنصب العام، وهدر المال العام بالإضافة الى تحويل الخزينة العامة الى خُرْجٍ.

اخر الأخبار