الوزير يكشف عن مخاطر حجز العوائد الضريبية على الاقتصاد الفلسطيني

تابعنا على:   01:27 2015-03-26

أمد/ رام الله : قال جهاد الوزير محافظ سلطة النقد الفلسطينية (البنك المركزي) الأربعاء، إن قرار إسرائيل احتجاز عائدات ضرائب مستحقة للسلطة الفلسطينية بقيمة 130 مليون دولار شهريا يخنق الاقتصاد ويجعل النظام المصرفي في وضع محفوف بالمخاطر.

وأوقفت إسرائيل تحويل عائدات الضرائب والرسوم الجمركية في يناير/ كانون الثاني، تعبيرا عن استيائها من سعي الفلسطينيين للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية من أول أبريل/ نيسان وهو الموعد الذي يمكن فيه إقامة دعاوى جرائم حرب في حق إسرائيل.

ومنذ ذلك الحين حجبت إسرائيل أكثر من 500 مليون دولار عن الاقتصاد الفلسطيني مما اضطر السلطة الفلسطينية التي تدير الضفة الغربية إلى خفض رواتب معظم موظفيها بنسبة 40 بالمئة وألجأها إلى اعتماد ميزانية طارئة.

وقال الوزير لرويترز: "نحن أبلغنا الحكومة أن المصارف وصلت الى الحدود الاحترازية المسموحة أو قاربت الى الوصول الى هذه الحدود".

وهذه ليست المرة الأولى التي تحبس فيها إسرائيل التحويلات إلى السلطة الفلسطينية. فقد اتخذت خطوات مماثلة في الأعوام 2006 و2007 و2008 لكن المخاطر هذه المرة قد تكون أكبر وتجعل الاقتصاد أكثر اعتمادا على المساعدات من المانحين الدوليين الذين لم يفوا بتعهداتهم في الأشهر الأخيرة.

ومع بلوغ العجز بالفعل حوالي 15 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، ونظرا لأن التحويلات الضريبية تساهم بنحو ثلثي الدخل، فإن الميزانية تشهد عجزا متزايدا شهرا بعد شهر. وبلغ معدل البطالة 25 في المئة ومن المتوقع أن ينكمش الإنتاج هذا العام الأمر الذي سيزيد مخاطر زعزعة الاستقرار والعنف.

وقال صندوق النقد الدولي في تقرير في نهاية يناير /كانون الثاني "قد يتعذر استمرار هذا الوضع مع ازدياد مخاطر الاضطرابات الاجتماعية والإضرابات التي قد تؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي".

وأضاف الصندوق قوله "هذه المخاطر الشديدة يمكن تخفيفها إذا استأنفت إسرائيل بسرعة تحويل عائدات الجمارك وعجل المانحون بإرسال مساعداتهم".

وكان الجيش الإسرائيلي حذر الحكومة من أن احتجاز العائدات الفلسطينية يذكي العنف في الضفة الغربية.

وتلوح في الأفق فرصة أن تستأنف إسرائيل التحويلات إلى الفلسطينيين قريبا بعد تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة لكن لم تبدر عنها أي إشارة الى أنها تنوي أن تفعل ذلك. وتلقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رسميا طلبا لتشكيل حكومة ائتلافية اليوم الأربعاء ومن المتوقع أن تتشكل حكومة جديدة في غضون أسابيع.

غير ان الفلسطينيين لم يصدر عنهم أي مؤشر على تراجعهم عن السعي للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية ولذلك فإن نتنياهو قد يقرر مواصلة الضغط عليهم. وقد يتم أيضا قطع التمويل الذي يقدمه الكونجرس الأمريكي للفلسطينيين إذا وجهت اتهامات جرائم حرب إلى أسرائيل.

وقال دبلوماسي يتابع الموقف إنه إذا لم تتلق السلطة الفلسطينية أي تحويلات بحلول يونيو/ حزيران فإن ماليتها العامة سوف تنهار.

وخلق هذا الوضع ضغوطا مالية هائلة على الفلسطينيين العاديين.

وقال نضال صدقة (47 عاما) وهو أب لأربعة وموظف بوزارة الاقتصاد الفلسطينية في رام الله انه خلال الأشهر الثلاثة الماضية لم يتلق سوى 60 بالمئة من راتبه المعتاد. ونصف ما يتبقى كل شهر لا يكفي إلا لدفع القروض المصرفية وديون أخرى.

واضاف صدقة واصفا ظروفا شائعة بين قرابة 160 ألف شخص يعملون بالسلطة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية "نقبض حوالي 60 في المئة يروح منها 50 في المئة للبنوك في قروض يعني مثلا ايجار الدار لم أدفعه الثلاثة أشهر الماضية... هذا حال الموظفين كلهم".

وجعلت هذه الأوضاع البائسة مزيدا من الفلسطينيين يحاولون إيجاد عمل في إسرائيل. ويعبر بالفعل نحو 130 ألفا الحدود كل يوم، 30 في المئة منهم بدون تراخيص، وتعد إسرائيل خططا للتعامل مع ما يصل إلى 200 ألف عامل فلسطيني.

ومع أن هذا يتيح توفير دخل، فإنه يقدم أيدي عاملة رخيصة لإسرائيل ويقلص الإنتاجية في الاقتصاد الفلسطيني. والعمل لا يمكن التنبؤ به، وهو ما يعني أن أي قروض شخصية يتم الحصول عليها بضمان راتب متوقع قد تتعثر بسرعة.

ويذهب نصر عبد الكريم الخبير الاقتصادي في الضفة الغربية إلى تقدير أن موظفي السلطة الفلسطينية اقترضوا ما بين 600 مليون إلي 700 مليون دولار من بنوك فلسطينية. وتدين السلطة الفلسطينية بنحو 1.5 مليار دولار للمؤسسات نفسها وهو الحد الأقصى الذي تسمح به سلطة النقد الفلسطينية.

وقال عبد الكريم: "الوضع صعب لا يخفي على أحد، واعتقد ان الأزمة أصبحت بنيوية وأكثر عمقا مع أنه كان هناك أزمة سابقة طبيعية تمثلت في عجز سنوي مقداره مليار ونصف دولار في الموازنة، أضف عليها حاليا عجزا في السيولة 140 مليون بسبب حجز اسرائيل لأموال الضرائب".

وأضاق قوله "أنت تحكي عن ازمة بحجم 300 مليون دولار تقريبا، وبالتالي واضح تماما أن السلطة غير قادرة على دفع الرواتب بانتظام، وهي الآن تدفع 60 في المئة وربما اذا استمر الوضع على ما هو عليه ربما لن تستطيع دفع الستين في المئة من الرواتب وأنا اظن ان هذا مرجح... الإجراءات العقابية الاقتصادية الإسرائيلية ربما تشتد في الأيام القادمة حسب التطورات السياسية".

ومع أن بعض المؤسسات الفلسطينية الكبيرة ما زالت تحقق أداء جيدا ومنها شركة الاتصالات "بالتل" والمجموعة الاستثمارية "باديكو القابضة" فإن الاقتصاد على المستويات الدنيا يتعرض لضغوط شديدة.

وقال الوزير الذي تلقى تعليمه في بريطانيا ويرأس سلطة النقد منذ عام 2008 "وضع الاقتصاد بشكل عام يتراجع ونحن في انحسار اقتصادي وحجز الأموال أثر على الحركة الاقتصادية بشكل كبير".

اخر الأخبار