أضواء على الصحافة الاسرائيلية 21 نيسان 2015

تابعنا على:   14:10 2015-04-21

العليا تنتقد سيطرة اسرائيل على اراضي الفلسطينيين في الغور وتسليمها للمستوطنين

قالت صحيفة "هآرتس" ان المحكمة العليا، اصدرت امس، امرأ احترازيا يطالب الدولة بتفسير سبب رفضها اعادة الاراضي الفلسطينية الواقعة بمحاذاة الحدود الاردنية الى اصحابها الفلسطينيين، والتي يديرها مستوطنو الاغوار اليوم. ويجري الحديث عن 5000 دونم منعت إسرائيل اصحابها الفلسطينيين من دخولها وزراعتها، بعد الاحتلال، ومن ثم قامت في التسعينيات بتحويلها الى المستوطنات الإسرائيلية في غور الاردن، لزراعتها.

وفي اعقاب كشف صحيفة "هآرتس" عن الموضوع تقدم ورثة اصحاب هذه الأراضي بالتماس الى العليا بوساطة المحامي وسام اسمر، يطالبون فيه باسترداد الأرض. وقد انتقد قضاة المحكمة امس السلوك الاسرائيلي. وقال القاضي ميني مزوز انه "تم هنا القيام بعمل غير مسؤول" فيما قالت القاضية مريام ناؤور انها لا تعرف كيف حدث ذلك، بينما سالت القاضية دفنا براك ايرز "اذا كان الحديث عن منطقة عسكرية يمكن الدخول اليها وزراعتها فلماذا لا يفعل ذلك اصحابها؟" واضافت "هناك مناطق مغلقة يسمح لاصحاب الارض فيها بدخولها وزراعتها. ويجب اتاحة مسألة الملكية للناس بما يتفق مع النظم الامنية".

وادعى ممثل الدولة المحامي روعي شويكا، ان النيابة لا تعرف كيف تم تسليم الارض للمستوطنين لأن ذلك حدث منذ سنوات بعيدة. ورد القاضي مزوز قائلا: "توجد هنا حالة واضحة عمليا، فانتم تعترفون بأن الحديث عن ارض خاصة، وتعترفون بأن تسليمها لأيالا سميث (مستوطنة تدير هذه الاراضي  ) كان خلافا لقرار اللجنة الوزارية للشؤون الامنية. اذن فان واجب الدولة الأول هو اعادة الوضع الى سابق عهده. وهذا يعني انه من يجب ان لا يكون هناك فلن يكون هناك، ومن يملك الحقوق يكون صاحب الحقوق".

وقال محامي ايالا سميث، هرئيل ارنون انه "يصعب التفكير بواقع افضل من تسلم المزارع الاسرائيلي لأرض مهجورة وزرعها وبناء مشروع حياة عليها. واليوم توجد مشكلة بسبب خطأ الدولة. وكلما كانت الدولة تعتقد انه يجب معالجة هذه الشائبة باخلائها، وهو طلب لم يطرح، فاننا نعتقد انه لا يمكن حل ظلم من خلال ارتكاب ظلم آخر".

وقال المحامي اسمر ان ما تم في المحكمة هو "خطوة كبيرة تعترف بحقوق الملاكين الذين ديست حقوقهم. حتى لو قرروا عدم زراعة بذرة واحدة، فان القضاة لم يفهموا كيف يمكن حدوث مثل هذا الأمر".

المعسكر الصهيوني يرفض التعاون مع المشتركة في محاربة هدم البيوت

كتبت "هآرتس" انه فشلت امس اول محاولة للتعاون بين قوى المعارضة، حين لم تنجح القائمة المشتركة بتجنيد تأييد 25 نائبا لعقد جلسة طارئة للكنيست خلال عطلتها، لمناقشة قضية هدم المنازل العربية وازمة الإسكان في الوسط العربي، اذ رفض المعسكر الصهيوني التوقيع على الطلب.

وعلم ان المشتركة توجهت الى رئيس كتلة المعسكر الصهيوني ايتان كابل ونواب من يوجد مستقبل، لكن طلبها رفض، بينما وافق نواب ميرتس الخمسة فقط على دعم الطلب الى جانب نواب المشتركة الـ 13. وقالت النائب عايدة توما سليمان التي بادرت الى اجراء الاتصالات بأن رفض المعسكر الصهيوني يثبت انه لا ينجح في لحظة الحقيقة باتخاذ قرارات شجاعة والوقوف ضد سياسة القمع والتمييز.

ورد المعسكر الصهيوني قائلا ان "الموضوع المطروح يجب ان يناقش في اطار حالات معينة ولم نر من المناسب الدعوة لاجراء نقاش طارئ حول هذا الموضوع خلال العطلة. الموضوع كله ليس متفقا عليه في المعارضة وسنكون مشاركين فاعلين في طرحه مع افتتاح الكنيست".

يشار الى ان لجنة المتابعة العليا قررت اعلان الإضراب العام وتنظيم مظاهرة ضد سياسة الهدم في الثامن والعشرين من الشهر الجاري احتجاجا على هدم المنازل العربية في الوسط العربي. وخلافا لتظاهرات سابقة فان المظاهرة ستجري هذه المرة في تل ابيب. واوضح المنظمون انهم يريدون عرض القضية امام الجمهور الاسرائيلي ايضا.

والتقى المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشتاين، امس، بخمسة من ممثلي القائمة المشتركة لمناقشة الموضوع، هم احمد الطيبي واسامة سعدي وحنين زعبي وطلب ابو عرار ود. يوسف جبارين. واكد النواب الخمسة امام فاينشتاين انه لا يمكن ايجاد حل لظاهرة البناء غير المرخص بدون القيام بتدابير كبيرة لازالة العوائق المؤسساتية. وقال النواب ان فاينشتاين ابلغهم نيته تدارس الامر مع الجهات المسؤولة وتشكيل طاقم في مكتبه لفحص ما طرحوه من ادعاءات.

القائمة المشتركة ترفض دعوة لزيارة مقر الجامعة العربية

كتبت "هآرتس" ان القائمة المشتركة رفضت تلبية دعوة وجهتها اليها الجامعة العربية لزيارة مقرها في القاهرة. وبررت القائمة موقفها هذا، بعد مشاورات اجرتها امس، بانها تفضل حاليا الانشغال في المسائل المتعلقة بالجمهور العربي في اسرائيل. واعتبرت ان التوقيت غير مناسب وقالت انها ستنظر في دعوة مشابهة في المستقبل.

وقالت مصادر مطلعة لصحيفة "هآرتس" ان القائمة قررت رفض الدعوة خشية اتهامها من قبل الجمهور العربي بتفضيل قضايا خارجية على المسائل المحلية الملحة. وقالت مصادر فلسطينية ان الجامعة العربية اظهرت اهتماما كبيرا بتشكيل القائمة المشتركة وابعاد ذلك على الحلبة السياسية في اسرائيل، ولذلك طلبت الاطلاع على التطورات.

ونقل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء السبت الماضي، الدعوة الى رئيس القائمة المشتركة النائب ايمن عودة. وعلم ان القائمة ناقشت الدعوة ووقع خلاف بين مركباتها حول العلاقة مع العالم العربي وحجمها، في ضوء الازمة التي تمر بها بعض الدول العربية. وعلم انه طرحت في البداية فكرة عقد اللقاء في عاصمة قطر الدوحة بدل القاهرة، لكن المشتركة رفضت ذلك خشية التعرض للانتقاد من قبل الشارع العربي. وقال مصدر في القائمة ان "قطر لا تحظى بالاجماع في المجتمع العربي في اسرائيل خاصة على خلفية دورها في كل الاحداث التي يشهدها العالم العربي، تقريبا، وخاصة في سوريا".

واضاف: "بالنسبة لنا فان مقر الجامعة العربية هو القاهرة واذا كان يجب ان تتم هذه الزيارة فيجب ان تتم هناك. وقال احد نواب القائمة امس: "نتلقى الكثير من الدعوات ونسمع الكثير من الكلمات وكأن المشتركة فازت برئاسة الحكومة، هناك سقف توقعات عال لا يتفق مع الخارطة السياسية في إسرائيل".

اسرائيل تحيي ذكرى جنودها القتلى ومراسم اسرائيلية فلسطينية بديلة في تل ابيب

كرست الصحف الإسرائيلية غالبية صفحاتها اليوم لمراسم احياء ذكرى ضحايا "معارك اسرائيل" و"الاعمال العدائية" التي ستبدأ مساء اليوم الثلاثاء، والتي يحتسب "ضحاياها" منذ عام 1860(!). ويبلغ عددهم حسب المعطيات الرسمية 23.320 قتيلا.

وستجري المراسم بعد ظهر اليوم في مقر "ياد لبانيم" (يد للابناء) في القدس، بحضور رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الكنيست يولي ادلشتاين، والحاخامات الرئيسيين. وفي الساعة الثامنة مساء سيتم اعلان بدء مراسم يوم الذكرى، ومن ثم يتم ايقاد المشاعل في ساحة حائط المبكى بمشاركة الرئيس الاسرائيلي رؤوبين ريفلين، والقائد العام للجيش غادي ايزنقوت. وفي التاسعة مساء ستقام مراسم رسمية في الكنيست بمشاركة الشخصيات الرسمية والعسكرية.

يشار الى ان اسرائيل تختار اعتبار من قتل من اليهود ضحايا لحروبها منذ العام 1860، وهو الموعد الذي اخرج خلاله المستوطنون اليهود من داخل اسوار القدس.

في المقابل ورغم احتجاج الجمهور (خاصة لجنة المستوطنين) ستقام في تل ابيب، مساء اليوم، المراسم البديلة، الاسرائيلية – الفلسطينية المشتركة لاحياء ذكرى الضحايا الذين سقطوا في الجانبين. ويجري تنظيم هذه المراسم للسنة العاشرة على التوالي بمبادرة من حركة "نحارب من اجل السلام" الاسرائيلية، و"منتدى العائلات الاسرائيلية الفلسطينية الثكلى". وسيتحدث في المراسم اسرائيليون وفلسطينيون فقدوا ابناء عائلاتهم خلال الصراع.

طعن شاب عربي على خلفية قويمة في هرتسليا

ذكرت "يسرائيل يهوم" ان شابا عربيا (27 عاما) تعرض الى الطعن في هرتسليا، امس، على خلفية قومية. وقد اعتقلت الشرطة مواطنا يهوديا بشبهة تنفيذ العملية وقالت انه اعترف بطعن الضحية لكونه عربي. ومن المنتظر احضار المشبوه (30 عاما) الى المحكمة اليوم، لتمديد اعتقاله.

وعلم أن الضحية هو مواطن من الشمال ويعمل في قسم النظافة في البلدية، وقال انه كان يسير صباح امس، في احد شوارع المدينة عندما فاجأه شخص غريب بطعنه في كتفه الخلفي بواسطة آلة حادة. وافاد انه سمع الجاني يصرخ "الموت للعرب". وبعد قيام الشرطة بتمشيط المنطقة تم اعتقال الجاني الذي يقيم على مقربة من مكان وقوع الاعتداء.

حزب كحلون يرفض دعم قوانين تمس بمكانة المحكمة العليا

كتبت صحيفة "هآرتس" ان طاقم الليكود المفاوض أبلغ الأحزاب التي يسعى لاشراكها في الائتلاف الحكومي أنه قرر تضمين الاتفاقيات مشروعين يهدفان الى اضعاف قوة المحكمة العليا. المشروع الأول، "أمر التفوق" – وهو مشروع قانون سيسمح للكنيست باعادة سن قوانين ألغتها المحكمة العليا، وسيصعب بالتالي على المحكمة الغاء قوانين إلا اذا صادق على ذلك تسعة قضاة من بين تركيبة تضم 11 قاضيا.

اما القانون الثاني فيهدف الى تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة. وحسب الاقتراح فان عدد السياسيين في اللجنة سيزيد عن عدد المهنيين والقضاة. وعلم أن الطاقم المفاوض في حزب "كلنا" (الذي يعتبر كفة الميزان في التركيبة الحكومية المرتقبة) ابلغ نظرائه في الليكود رفض الحزب لهذه التشريعات او تضمينها الاتفاق الائتلافي، او حتى دفع هذه القوانين خلال الدورة الحالية للكنيست. ويفحص حزب الليكود حاليا كيف سيواجه هذه المسألة.

في المقابل تم، امس، احراز تقدم في المفاوضات بين الجانبين حول الاصلاحات الاخرى التي سيتم تضمينها للاتفاق الائتلافي. والتقى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، مع رئيس حزب كلنا، موشيه كحلون، ومن المتوقع عقد لقاء آخر بينهما اليوم، لمتابعة ما تم احرازه من تقدم. وحصل نتنياهو، امس، على مهلة اسبوعين اضافيين من رئيس الدولة لاستكمال المفاوضات من اجل تشكيل الحكومة، وسيكون عليه في نهايتها عرض حكومته امام الكنيست. وكان كحلون قد صرح في لقاء مع صحيفة "هآرتس" الشهر الماضي، انه يعارض بشدة سن "أمر التفوق" واضعاف قوة المحكمة العليا، وقال انه يعتقد بضرورة تعزيز المحكمة العليا، وعدم نسيان كون المحكمة العليا هي القلعة الأخيرة للضعفاء ويجب ان تكون قوية بما يكفي.

وقال مصدر في الجهاز القضائي، امس، ان نتنياهو منع سن هذين القانونين في الكنيست السابقة لعدم رغبته بالدخول في مواجهة مع قضاة المحكة العليا، ويمكن الافتراض بأنه سيسره هذه المرة كون "كلنا" يتولى مهمة اخراج "الكستناء من النار" لأجله، ويمكنه القول لرجال الليكود والبيت اليهودي ان كحلون لوى ذراعه.

ريفلين ونتنياهو رفضا لقاء كارتر

رفض رئيس الدولة رؤوبين ريفلين ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، التقاء الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر، الذي يتوقع وصوله الى البلاد خلال الأسابيع القريبة. وقال مسؤول رفيع في القدس لصحيفة "هآرتس"، ان ريفلين ونتنياهو رفضا التقاء كارتر بعد مشاورات جرت بين وزارة الخارجية ومقر الامن القومي في ديوان نتنياهو.

وقد اوصت الخارجية بعدم التقاء ريفلين ونتنياهو مع كارتر بسبب مواقفه التي تعتبرها الوزارة " معادية لإسرائيل" في السنوات الأخيرة، خاصة موقفه من حرب غزة الأخيرة، حيث انتقد كارتر الحرب بشدة ودعا الى اخراج حماس من قائمة التنظيمات الارهابية في وزارة الخارجية الامريكية. وعلم ان كارتر سيزور قطاع غزة، ايضا.

مطالبة اسرائيل الاعتراف بمذبحة الأرمن

كتبت "يديعوت احرونوت" انه في الوقت الذي لم تعترف فيه إسرائيل بعد بمذبحة الأرمن التي ارتكبتها الامبراطورية العثمانية قبل 100 سنة، الا انه سيمثل اسرائيل في مراسم احياء الذكرى في ارمينيا، عضوي الكنيست نحمان شاي (المعسكر الصهيوني) وعنات باركو (الليكود). واوصت وزارة الخارجية الإسرائيلية النائبين بالتطرق الى الحدث "كمأساة قومية" وليس "ابادة جماعية".

في المقابل وقع عدد من رجال الاكاديميا والامن وشخصيات رسمية اسرائيلية على عريضة تطالب اسرائيل بالاعتراف بمذبحة الشعب الارمني، كما فعلت 23 دولة بالإضافة الى البابا. ومن بين الموقعين على العريضة الاديب دافيد غروسمان والاديب أ. ب. يهوشواع، والاديب سامي ميخائيل، والجنرالين (احتياط) عمرام متسناع وعاموس يادين، والوزير السابق دان مريدور والمغني كوبي اوز والمستشار القضائي السابق للحكومة ميخائيل بن يئير.

منع دخول 18 شاحنة فحم الى غزة

ذكرت "يديعوت احرونوت" ان اسرائيل منعت امس، دخول 18 شاحنة محملة بالفحم، الى قطاع غزة، بادعاء ان الفحم يستخدم لانتاج الأسلحة. وحسب ادعاء إسرائيل فانه يتم استخدام الفحم كمادة مشتعلة لتشغيل افران لصهر المعادن، ويمكن استخدامه من قبل التنظيمات الارهابية لانتاج الأسلحة. وتدعي اجهزة الامن انه يلاحظ خلال الاشهر الأخيرة ارتفاع عدد محاولات تهريب مواد ممنوعة الى قطاع غزة.

مقالات

هل حققنا الاستقلال فعلاً؟

يسأل نحاميا شتراسلر، في "هآرتس"، عشية احتفال اسرائيل بعيد استقلالها الـ67، عما اذا كانت تعتبر مستقلة فعلا، وما اذا كانت تقف على ساقيها بفضلها. ويقول ان استعراضا عاجلا لوضعنا الاقتصادي يبين بأنه ليس فقط غير سيء، بل انه جيد بما يكفي. فمن دولة كان عدد سكانها 600 الف نسمة في 1948، وصلت الى دولة تضم 8.3 مليون نسمة. ومن مستوى معيشة بقيمة 3000 دولار للفرد حلقنا الى مستوى 35 الف دولار – بفضل الانتقال من اقتصاد اشتراكي بادارة حكومية الى اقتصاد سوق منافسة. ووصل فائضنا من العملات الاجنبية الى رقم قياسي: 86 مليار دولار، بينما كاد مخزن الدولارات يشغر في عام 1985. ويصل الدين العام الى 67% من الناتج، وهذا ليس افضل ما يمكن ولكنه ليس الاكثر خطورة. فهو في غالبيته ديون داخلية وليست خارجية.

حالة التضخم انخفضت جدا وبشكل غير مسبوق، من 449% في عام 1984 الى نسبة صفر، ويمكن اليوم الحصول على قرض اسكان لعشرين سنة بفائدة غير مرتبطة تصل الى حوالي 3%، وهذه اعجوبة بحد ذاتها. ووصلنا في سوق العمل الى مستوى بطالة منخفض، نسبته 5.6%، وهي تصل الى نصف نسبة البطالة في اوروبا، واسرائيل وصلت الى المكان التاسع عشر في عالم مقياس الرفاه. كما وصلت الى مرتبة عالية في مقياس الاختراعات. فمن دولة كان "برتقال يافا" يعتبر صادراتها الاساسية الى دولة هايتك، ومن حالة عجز مزمن في ميزان المدفوعات الى وضع يتفوق فيه فائض الصادرات مقابل الواردات.

فهل حققنا بذلك الاستقلال. ليس تماما. في الجانب الامني تعتبر اسرائيل الدولة الوحيدة في العالم المعرضة لتهديدات الابادة، وتواجه طوال الوقت خطر الحرب. ولكي يتم مواجهة كل هذه التهديدات، لدينا "صديقة كبيرة" توفر لنا تفوقا عسكريا. انها التي تمنحنا اكثر الطائرات تطورا. وهي التي تمنحنا محركات الدبابات والاموال لتطوير القبة الحديدية. وهي تزودنا سنويا بمنظومات اسلحة بقيمة 3 مليارات دولار، وغير مستعدة لتقديم مثلها لأي دولة اخرى. هذا هو التفوق النوعي الذي يسمح لنا بالبقاء، وبكلمات اكثر فظاظة، حياتنا معلقة بالولايات المتحدة بشكل تام.

وهذا يشمل المسالة الاقتصادية ايضا. يكفي ان يعلن الرئيس اوباما، مثلا، انه يفكر "باعادة النظر" في العلاقات مع اسرائيل، كي تنهار البورصة لدينا ويرتفع سعر الدولار. في مثل هذه الحالة ستتوقف البنوك الدولية عن منحنا الاعتماد. وسيفرض علينا مجلس الامن عقوبات اقتصادية تشلنا، وستنقلب كل المعطيات الاقتصادية الجميلة الى صورة انهيار سوداء. سيما ان إسرائيل متعلقة جدا بالتصدير: حوالي 30% من ناتجنا القومي معد للتصدير. ولذلك فان فرض المقاطعة على اسرائيل يعتبر سما للاقتصاد.

 

وهناك بوادر لمثل هذه المقاطعة: مبادرة 16 وزير خارجية اوروبي الى وضع علامات فارقة على منتجات المستوطنات. هذه خطوة واحدة تسبق فرض المقاطعة الشاملة. ويمكن لسكان العربة ان يحكوا من تجربتهم ما يحدث للمزارعين الذين لا يتمكنون من بيع الفلفل في اوروبا.

من المناسب ان نتذكر، ايضا، اننا عندما واجهنا ازمات مشابهة في السابق، حصلنا دائما على دعم من الأنكل سام. مرة بصورة هبات خاصة ومرة بصورة ضمانات. ومن يضمن عدم عودة مثل تلك الازمات الى تهديدنا؟ يمكن ان نكون مهمين لامريكا لأننا نستخدم بالنسبة لها كحاملة طائرات برية في الشرق الاوسط المجنون. ولكنه يمكنها ان تتخلى عن خدماتنا هذه وتواصل حياتها. اما نحن فلا يمكننا الوجود من دونها، وهذا هو كل الفارق. ولذلك عندما نحتفل بيوم الاستقلال بعد غد، سنعرف في قرارة نفوسنا اننا لا نزال بعيدا جدا عن الاستقلال الحقيقي.

موتهم كان عبثاً.

تحت هذا العنوان تكتب ايريس لعال، في "هآرتس" انه ستشارك في مراسم احياء ذكرى شهداء معارك إسرائيل، لأول مرة هذه السنة 67 عائلة تعيش الحزن المطلق منذ عدة أشهر. الجيش سيرسل الى هؤلاء الذين دفن اولادهم في المقابر المدنية شماسا يعوض في انشودة "الله الرحوم" غياب الجيش والدولة والمؤسسات الدينية. اما المقابر العسكرية فتعج بالجنود الذين سيقفون صامتين كانوا هم ايضا، مثل كثير من القتلى، شبانا وابرياء ابدوا استعدادهم للتضحية بأنفسهم من اجل الدولة.

سيتم في هذا اليوم بذل كل جهد ممكن لفرض تناسي الذنب. وسيتم انتهاج كل خطوة تهدف الى تمويه التبذير الصارخ، الموت العنيف والعبثي جدا، وسيتم عرضه كجزء من خطة قومية كبيرة وأهم حتى من الموتى انفسهم. ولكي يتم ازالة عدم الفائدة التي التصقت منذ الصيف بكل جوانب الحياة، سيتم اطلاق شعارات البطولة الخانقة، وسيتحدث الشعب كله بتأثير بالغ عبر افواه رئيس الدولة ورئيس الحكومة ووزير الامن، وسيضمن للعائلات المنكوبة بالحزن ان يكون اولادها هم اولاد الجميع، وانه لن يتم ابدا التخلي عنها وتركها لوحدها في حزنها.

من الواضح انها ستبقى لوحدها. فهي لوحدها منذ زمن. الوحدة هي احدى المركبات الخاصة للثكل. ولكن المفاجئ هو ان ما يمنع التنفس بوحشيته هو حقيقة ترك هذه العائلات بشكل مخجل وجماعي من قبل غالبية الشعب الرحوم والحنون، الذي يمسح دمعة التضامن كما لو انه لم يعيد قبل شهر وبدون أي تفكير آخر، انتخاب المسؤولين عن خزي "الجرف الصامد" واعادوا الثقة بالقادة الذين انزلوا هذه الكارثة على رؤوسهم.

عندما تسمع صفارة الانذار صبيحة يوم الاربعاء، وتنتقل كصرخة الموت على طول وعرض البلاد، سيكون من المعروف مسبقا انه لم يتم جر اسرائيل رغم انفها الى هذه المواجهة. وانها سعت خلال حملة "عودوا يا اخوتنا" الى تصعيد الاوضاع وبذلت كل جهودها من اجل ضمان اشتعالها، عندما تصرفت في الضفة الغربية بعنجهية تتجاوز جهود العثور على الفتية المفقودين – وعندما اشتعلت النار اخيرا قامت بتصعيدها. كما انه لم يتم القضاء على الارهاب، وبقيت عمليات القصف التي نفذها الجيش عديمة الجدوى ولم تقلص رشق الصواريخ. كما سيكون من المعروف انه لم يكن ولا يمكن للعمليات في غزة ان تحقق الردع، لكنها نجحت بتحقيق المصالحة بين فتح وحماس، وهو التحالف غير المرغوب فيه من قبل اسرائيل، والذي كان تفكيكه احد الاهداف المعلنة لتلك الجولة من الحرب. بالإضافة الى انه وكما الثعبان الذي يعض ذنبه، فان كل جولة كهذه من الحرب، خلقت المشكلة القادمة.

مواطنو الدولة الذين صوتوا مرة اخرى لمن وعدهم بصفر من الرؤية السياسية ورفض كل اتفاق بشكل صارم، لا يزالون يؤمنون بانه مع كل الالم، فان الواقع الذي خلقه الفلسطينيون هو المسؤول عن سقوط  القتلى. لكنهم يعرفون هم ايضا انه لن تمضي فترة كبيرة حتى تصل الجولة القادمة من العنف. ومع ذلك فانهم في كل جولة انتخابية يعتمدون على فكرة اللامفر التي تقول انه لا يوجد شريك، كما لو انه كان بمقدوره المساعدة. ولذلك، اذا كان هناك امل في هذا اليوم، فهو ان لا يستطيع احد الجنود الذين ارسلوا الى مراسم احياء الذكرى، التغلب على فضوله، والنظر في الوجوه المنكوبة للعائلات، وعندما تصطدم عيناه بعينا ام يطل منها الحزن، يخفض نظره محرجا، ويتخيل على الفور صورة امه تجلس على قبره فيؤدي هذا الاعتراف بهذه الامكانية غير المستحيلة الى تجميد الدم في عروقه.

المُصاب الذي لا مثيل له في العالم كله

يكتب دان مرغليت، في "يسرائيل هيوم" أنّ نهجًا جديدًا وصل الى هذه الدولة، التحفظ على طابع الحداد لأكثر من 23 الف اسرائيلي في معارك الأمة. وهو يربط بين باحثين يحملون نوايا صافية، وآخرون يحملون نوايا سيئة ويريدون تشويه سمعة الدفاع الوطني عن السيادة، بالإضافة إلى من يوجعهم الفقدان الى حد استعدادهم (وهو امر طبيعي)، للتمسك بوجهة نظر يمكن ان تكون مختلفة.

جميعهم يطرحون تساؤلات حول تقاليد التوحد مع الذين لم يعودوا منس احات الحرب، أو سقطوا بيد القتَلة الإرهابيين. ويمكن الافتراض أنه منذ البداية لم يملك قادة إسرائيل موجها للحداد القومي. لكن الأمور حدثت بشكل عفوي. ما الذي نعرفه عن قرار دافيد بن غوريون جمع انتاج ضحايا حرب الاستقلال في مشروع "صفحات النار" لتخليد ذكراهم؟ وتلك الخطوة الرمزية، التي لا يوجد ما هو اكثر حكمة منها، في تنظيم مراسم احياء الذكرى الرئيسية في باحة حائط المبكى، رغم انها تثير غضب بعض الذين ينشغلون في موضوع تخليد الذكرى؟ سيما انه كان يمكن لكل شيء ان يبدو مختلفًا لولا حرب الأيام الستة (67)، التي حققت مقولة "تقف اقدامنا عند ابوابك" التي اورثها الملك داوود لكل الأجيال.

وآخر موضة هي الادعاء وكأن هناك ظاهرة "التباكي على الضحايا"، كما لو أن هناك عائلات ثكلى توجهها قصة "التضحية باسحاق" في تعاملها مع المأساة التي اصابتها. هذا هراء. لقد عرفت الكثير من العائلات الثكلى التي فقدت أعزاءها، الاب، الزوج، الابن – في الحرب لانقاذ القدس من أجل الشعب اليهودي. سواء في حرب الاستقلال عام 48، او حرب الايام الستة، لم أجد أي عائلة وصلت إلى هذا الوصف. لكن كانت هناك الكثير ممن عضت على شفاهها بألم وقالت الحقيقة لأنه لا يمكن غير ذلك، بشكل دائم تقريبا.  إسرائيل ستبدأ هذه الليلة باحناء رأسها طوال يوم كامل، وهي كمن ستجلس سبعة ايام لتترحم على أبنائها  اليهود والآخرين – الذين دفعوا الثمن. انه حزن خاص، حزن مميز، ربما لا يوجد مثله في العالم كله. نوع من احترام التوحد مع ذكرى الاقرباء الى جانب الألم الحقيقي وغير المصطنع لمواطنين من خارج العائلة، واذلين ينظرون كما لو اصابهم السحر الى قائمة الضحايا، ويشعرون بأنهم هم ايضا، جزء من لحمهم. صحيح ان هناك من يريدون التغيير والتحول والاضافة والاختصار. ولكن لا يوجد ما هو اكثر حقيقيا ومؤلما وحارقا للقلب ومسيلا للدموع اكثر من الاولي، الأساسي.

القوة ليست استقلالا

يكتب غدعون عيشت، في "يديعوت احرونوت" انه كان من شبه الغريب مشاهدة الفوضى التي ثارت في اعقاب الرسالة التي وقعها 16 وزير خارجية اوروبي يطالبون بتفعيل قرار وضع علامات فارقة على منتجات المستوطنات التي تباع في اوروبا. ولنفترض انه سيتم غدا المصادقة على القرار المطلوب، فما الذي سيحدث لإسرائيل؟ الجواب الصحيح هو لا شيء. وما الذي سيحدث للمستوطنات؟ لا شيء تقريبا.

قبل عشر سنوات تقريبا، عندما كان اريئيل شارون رئيسا للحكومة، وبنيامين نتنياهو وزيرا للمالية، وايهود اولمرت وزيرا للصناعة والتجارة، اطلق الاوروبيون صرخة في الموضوع ذاته. وادعوا ان زجاجة "سودا ستريم" التي تصنع في معاليه ادوميم ليست منتوجا اسرائيليا ولذلك يجب فرض جمارك عليها. واجتمع القادة الثلاثة واستسلموا، ومنذ ذلك الوقت تدفع إسرائيل الجمارك عن كل زجاجة سودا ستريم تدخل الى السوق الفرنسي.

كل حكاية التصدير من المستوطنات تفتقد الى قيمة اقتصادية، وعلى الرغم من ذلك يسيطر الخوف وادعاء الضحية. كيف ذلك؟ قبل 40 سنة كان يمكن لمسالة كهذه ان تولد مشكلة. فاسرائيل كانت دولة ترزح تحت كاهل الديون والعجز. اما اليوم، فعلى الأقل في التدريج العالمي المتعارف عليه، تعتبر إسرائيل دولة رتبت حساباتها، بل ان هناك فائضا في حساباتها مع الخارج، الى حد ان الشيكل تقوى وبات يكفي اربعة منه لشراء الدولار، بينما كان ثمن الدولار قبل عدة سنوات يبلغ خمسة شواقل.

المساعدة الأمريكية التي تصل الى اكثر من ثلاثة مليارات دولار، كانت تعتبر في السابق رقما كبيرا. لكن هذا المبلغ يعتبر صغيرا جدا اليوم في دولة يتجاوز مدخولها القومي اكثر من تريليون شيكل في السنة. حسب افضل المقاييس المعروفة، تعتبر اسرائيل اليوم مستقلة وضخمة اكثر من أي وقت مضى، واكثر من عدة دول في الاتحاد الاوروبي ذاته التي يراوح اقتصادها مكانه. بل اكثر من ذلك، ذات مرة كانت هناك دول معادية بشكل حقيقي لإسرائيل – مصر، الاردن، سوريا، الجيوش العربية. اليوم اصبحت هذه الجيوش بمثابة فضيحة.

التنظيمات الصغيرة نسبيا مثل حزب الله والدولة الاسلامية وحماس وامثالها، تنجح كما هو معروف بالصمود امام الجيوش الاقوى منها. انظروا كيف تقوم حتى الولايات المتحدة وشركائها بقصف سوريا والعراق دون ان تهتز داعش. وفي اليمين يلقن الحوثيون درسا للسعودية التي تهاجمهم بطائرات "اف 16" الاكثر تحسنا في منطقتنا.

هناك من يدعي، وبحق، ان لدينا جيشا ضخما ولكنه يعاني من مشكلة واحدة: ليس لديه من يحاربه. كل الدبابات والغواصات وسفن الصواريخ والطائرات لا تستغل. ربما تصدر عن ايران ذات مرة اصوات حرب، كما يعد رئيس الحكومة، ولكن ما يطلقونه هناك حاليا هو مجرد كلمات.

الاقتصاد يتضخم والامن يسيطر. في مقاييس الاستقلال نحن في القمة، فلماذا اذن البكاء الذي رافق رسالة وزراء الخارجية الاوربيين؟ هناك من يحملون الذنب لنتنياهو. فهو فنان تأجيج الغرائز، انه لا يتوقف عن التخويف، والمواطنين يحبون جدا رئيس حكومتهم حتى يستوعبوا العيش في ظل التهديد. هذا التفسير يفترض ان جميعنا، او على الاقل غالبيتنا، حمقى. لكن ثلاثة ارباع المصوتين لم يصوتوا لليكود خلال الانتخابات الأخيرة.

بشكل اساسي لا يقاس الاستقلال الاسرائيلي بالناتج القومي، القبة الحديدية، العوزي  والهايتك. حتى دبابة المركباه، التي تعتبر اسرائيلية تماما، تسير بمحرك اجنبي. كل الطائرات والغواصات جاءت من هناك. واذا غضبوا علينا "هناك"، سيصطدم كل "التايتنيك" الاسرائيلي بالجليد.

بشكل اساسي لا يختلف وضع اليهود في ارض إسرائيل عن وضع اليهود في اوروبا. اذا قام خامينليتسكي بضربنا في نهاية الامر، فسيضربنا هنا وهناك. والسبب واحد: الصهيونية لم تتعلم، ويدعي البعض انها لم تستطع، ترتيب امورها في الشرق الاوسط. نحن نشعر هنا تماما كما شعر اباؤنا في بولونيا واليمن. وهكذا تنهار كل مقاييس الاستقلال امام مشاعر الخوف التي لم تقتلعها الصهيونية من الحاضر اليهودي.

تقرير

يوم الجمعة الأسود، هل كمنت حماس للواء جفعاتي؟

ينشر امير بوحبوط تقريرا في موقع "واللا" حول ما حدث خلال الاسبوع الاول للمناورة البرية في عملية "الجرف الصامد"، حين انيطت بكتيبة الدورية في لواء جولاني، بقيادة المقدم ايلي جينو، مهمة كشف وتدمير النفق الهجومي في جنوب قطاع غزة، في منطقة المزارع التي تقوم فيها دفيئات زراعية وحقول مفتوحة على المشارف البعيدة لرفح.

وقامت الكتيبة بتمشيط المنطقة لكنها لم تعثر على النفق، وقدرت القيادة الجنوبية بأن قصف سلاح الجو للمنطقة دمر النفق ومنع امكانية كشفه. وفي وقت لاحق تم استدعاء قوة جبعاتي لمهمة اخرى في شمال تلك المنطقة، في منطقة خربة خزاعة، لكن عدم النجاح بالمهمة ازعج الضباط. ورغم مرور الوقت واصلت المعلومات الاستخبارية تحذير القيادة الجنوبية من وجود نفق هجومي في منطقة الحلقة مقابل رفح، وتواجد مسلحين بداخله.

في اعقاب ذلك قررت قيادة الجنوب العودة الى المنطقة. وتم تكليف المهمة مرة اخرى لكتيبة الدورية في جبعاتي. ووجه العقيد جينو جنوده الى زيادة اليقظة والتأهب والامتناع عن عدم اللامبالاة. واكد انه يجب تجاهل عمليات التطهير التي جرت في المباني القائمة هناك قبل اسبوع، لأنه يمكن لحماس ان تكون قد غيرت استعداداتها.

وفي المساء ذاته، يوم الخميس 30 تموز 2014، ابلغت الاستخبارات الاسرائيلية عبر عدة قنوات بأن حماس عقدت اجتماعا لقادة الفصائل في غزة كي تبلغها بوقف اطلاق النار ابتداء من الساعة الثامنة من صباح اليوم التالي. ولم يكن هذا هو اول وقف لاطلاق النار، الا ان شعورا سيئا ساد لدى عدد من الضباط الكبار في مقر قيادة اللواء الجنوبي.  ورغم انه تم اتخاذ القرار مساء الخميس، الا ان جهات في اللواء ادعت انها تلقت بلاغا حول ذلك قبل ساعة واحدة فقط من موعد بدء تطبيقه. وأن التعليمات كانت عدم إطلاق النار إلا حال تعرض حياتهم للخطر.

وفي ساعات الليل بدأت كتيبة الدورية بمناورة برية للكشف عن النفق. وتقدمت القوات في المنطقة، وكانت خطة العقيد جينو تشمل عزل المنطقة بواسطة كتيبة دبابات، وكتيبة مدفعية وكتيبة هندسية. وقال احد الجنود: "قالوا لنا ان سلاح الجو قصف المنطقة لأن الاستخبارات ابلغت عن وجود انفاق. ولذلك عدنا الى هناك". وقال أحد الجنود: "سرنا حوالي 1.5 كم ونحن نحمل أوزان ثقيلة في منطقة زراعية، كنا في قمة التعب والإرهاق، ليلة بيضاء. وتوقفنا عدة مرات. كان هناك اطلاق للنيران وواصلنا حتى البيوت وقام الجميع بتطهيرها وتركزنا بداخلها. وبدأنا بدراسة المهمة."

في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة الأول من آب أكملت الوحدة السيطرة على المنطقة، والى الغرب من هناك كان محور تانتشر، وهو عبارة عن مسار خيالي ضم في جزء منه طريقا يفصل بين المناطق الحضرية والريفية في رفح المكتظة. في الساعة السادسة صباحاً بدأت عملية احتلال المنازل،  واشتعل ضوء احمر عندما اكتشف الجنود مباني مفخخة كان تم تمشيطها في المرة الماضية، هنا ثارت الشكوك بأن حركة حماس استعدت لعود الجنود للمكان.

في الساعة السابعة استعدت الكتيبة لعملية الدفاع وتم تغطية الشابيك ونشر القناصة والرشاشات ونقاط المراقبة في مناطق مسيطرة. في الساعة الثامنة أبلغت إسرائيل الجنود والضباط بالهدنة، بعدها بعشرة دقائق شوهد شخص يركب دراجة نارية في شارع رئيسي على بعد 250 متر الى الشمال من القوة المرابطة في المكان. وقام راكب الدراجة باجراء جولة في المكان وعاد في الاتجاه الذي جاء منه. وحاولت القوة وقفه ولكن راكب الدراجة الذي تبين لاحقا أنه جاء ليراقب المنطقة تمكن من الهرب. وقد اثار ذلك اشتباه قادة الكتيبة فقرر قائدها رفع حالة الاستنفار، وأبلغ الجنود بأن عليهم البقاء على درجة عالية من اليقظة، ولم يستبعد احد ان تكون حماس تعد لعملية ضد القوة.

قرر الضابط المسؤول تمشيط المنطقة. في هذه الاثناء ذهب عدد من الجنود للنوم، فيما واصل بقية الجنود الحفاظ على حالة دفاع عن المكان. وامر الضابط شرئيل بتوزيع القوة إلى ثلاث فرق لتمشيط المنطقة. وبقي شرئيل وليئال غدعوني وهدار غولدن في المكان لمراقبة احدى الفرق في منطقة كان فيها مباني مهجورة وجدران وأراضي زراعية. وخلال فترة وجيزة لوحظت حركة شخص يثير الاشتباه في برج يقوم في الجهة الجنوبية للمكان. ولوحظ انه بدون سلاح، وتبين فيما بعد أنه برج مراقبة لحماس.

بعد المعركة ساد التقدير بأن حماس قامت بعملية استفزاز لخلق وضع يتيح اختطاف جندي حتى لو كان الثمن تفجير التهدئة. وابلغ شرئيل عبر جهاز الاتصال بأنه سيخرج "لقطف" رجل حماس. وقال "انتظروني هنا ووفروا لي التغطية". واخذ معه القوة العسكرية التي يقودها وقسمها الى فرقتين، واقترب شرئيل من المبنى الذي كان فيه المراقب من حماس، وكان معه غولدين وغدعوني. ولم يستصعب بقية الجنود رؤية ما يحدث. وبصورة مفاجئة اطلقت نيران كثيفة على الجنود الثلاثة وبعدها سمع صوت انفجار، وسقط الجنود الثلاثة على الأرض. ويستدل من التحقيقات اللاحقة أن مسلحا بالزي العسكري فتح عليهم النار من مسافة 20 متراً من داخل المبنى، كما تبين ان خلية كانت داخل النفق خرجت وقامت بجر غولدن الى داخل النفق.

وعند الساعة 9:06 سمعت القوة صوت إطلاق النار، وابلغ الضابط في جهاز الاتصال أنه في الطريق لمعالجة أمر المراقب. وقال احد الجنود: "كنا 14 جندياً، أوقفنا بنياه شرئيل على مسافة 300 متر من المكان، وأمر قوة من 5 جنود بالتفرق، بعدها لم نسمع أصوات الجنود في جهاز الاتصال، وحينها فهمنا أن امرا سيئا قد حصل. ومرت عدة دقائق حتى قام قائد القوة بإبلاغ قائد اللواء العقيد عوفر فاينتر بما حدث. عرفنا أنه حصل شيء ما، ولكن لم نفهم بالضبط ماذا جرى، الجنود قرروا إطلاق صاروخ على المبنى والاشتباك، وحاصر 20 جندياً المبني استعداداً لدخوله، وعثر قائد الفريق في مدخل المبنى على بنادق ومخازن رصاص وقاذفات أربي جي.

وبالقرب من المكان عثر على جثتي شرئيل وغدعوني وجثة مخرب، بالقرب من فتحة النفق، وقام الجنود بجر جثني شرئيل وغدعوني الى داخل المبنى الذي اتضح انه كان مفخخا. وامر فوند الجنود باحتلال البيوت المحيطة لعزل المنطقة، ومنع القوات من الاقتراب من المبنى المفخخ. حينها صرخ أحد الجنود أن غولدن هدار غير موجود. ففهمت أنهم جروه لداخل النفق.

حينها قرر –الضابط “فوند” اعلان تفعيل نظام هانيبال وقام بإلقاء قنبلة داخل النفق خوفا من خروج  مسلحين منه، وطلب الإذن بالدخول للنفق، فقال له جينو: انا في الطريق اليك، افعل ما تراه مناسباً. ودخل فوند الى النفق ومعه مسدس وبدون لباس واقي، وعاد ومعه أدلة تثبت مقتل غولدن هدار، بعدها عاد بوند مع عدد من الجنود وعثروا على كميات كبيرة من الأسلحة في النفق. وكان قائد المنطقة الجنوبية الجنرال سامي ترجمان يصغي طوال الوقت لما يحدث، وكان يعرف عن هجمات المروحيات الحربية والدبابات في محاولة لاحباط تهريب جثة غولدن.

وفي وقت لاحق وصلت معلومات استخبارية تفيد بأن حماس فقدت الاتصال مع الخلية التي اختطفت الجندي، والتي دفنت كما يبدو تحت الانقاض. بعد الهجوم قتل اكثر من 40 فلسطينيا، ربعهم من المسلحين، واكثر من الربع من المدنيين غير المتورطين بالارهاب، فيما لم يتم تشخيص هوية الباقين حتى اليوم. وتم تحويل مواد التحقيق الى النائب العسكري الرئيسي الجنرال داني عفروني، الذي يفترض فيه اتخاذ قرار حول ما اذا كان سيأمر بفتح تحقيق جنائي ضد الجنود.

اخر الأخبار