"هجوم الجنرالات"..و"خطيئة هنية"!

تابعنا على:   10:24 2016-06-18

كتب حسن عصفور/ منذ أيام واعلام دولة الكيان يشهد "معركة سياسية" خاصة، تتعلق بطبيعة "الأخطار" التي تهدد اسرائيل، الحقيقي منها والوهم المستخدم لأغراض سياسية..معركة وصفتها وسائل اعلام عبرية بأنها "هجوم الجنرالات" على رئيس حكومة الكيان بيبي نتنياهو..

وجوهرما قاله "كبشة الجنرالات" يمثل أحد أهم "الوثائق السياسية" لفضح وتعرية حكومة تل أبيب، ليس من حيث ما تمثله هي من "خطر على المنطقة والإقليم"، بل من كمية "الأكاذيب والأوهام" التي تشيعها من أجل مواصلة حركة "إبتزاز دولية"..

بقليل من التركيز لا أكثر، سنجد مادة ثرية جدا، وغير مسبوقة من أبرز قادة جيش الكيان في السنوات الأخيرة، كان من بينهما من احتل منصب وزير الجيش، يهود باراك وموشيه يعلون، وريئيسي أركان غانتس وأشكنازي..

أن نجد قادة أركان جيش اسرائيل يرون في "نتنياهو خطر على اسرائيل"، فتلك مسألة تستحق كل الاهتمام السياسي، خاصة في ظل معركة "الدجل الترويجي" التي يحاول نتنياهو تمريرها إقليميا ودوليا، بل ويعمل على إظهار قدرته الى تقديم "الخدمات العامة السياسية والأمنية" لمن "يريد المساعدة"، وكان آخر عروضه ما تقدم به لحلف الناتو بعد افتتاح مكتب للكيان في مقر الحلف أخيرا، كـ"هدية أردوغانية" له..

اتفاق أهم أربع جنرلات لجيش الكيان في السنوات الأخيرة، على تشخيص موحد حول ما يمثله نتنياهو، وانه هو الخطر، رسالة تفرض إعادة تقييم المشهد السياسي الإقليمي لمحاصرة الكيان، أن يرى قادة الجيش الاسرائيلي في رئيس حكومة الكيان، الخطر الأبرز على كيانهم، فهو بالتبعية الخطر الأبرز على المنطقة ودول الجوار..

أحاديث الجنرالات لفضح خطر بيبي وحكومته، لا يجب أن تذهب وكأنها حدث وخبر، يقف البعض أمامه إما بعجالة في زمن حركة "السيولة الخبرية"، أو يراه، كما عادة البعض المهزوم روحيا وثقافيا، ليس سوى كلام في كلام..

"هجوم الجنرالات" لتعرية نتنياهو، يمثل تحولا لحظيا مهما لحصار تلك الحكومة وفضح أخطارها على المنطقة، خاصة في ظل ما يشاع عن "مؤتمر باريس الدولي حول السلام وانهاء الصراع في المنطقة"، لتصبح أوراق قوة سياسية في المعركة القائمة، دون أي استخفاف أو تسطيح..

عندما تقرأ تصريحا لرئيس أركان جيش الاحتلال، بأنه لا يوجد تهديد وجودي على دولة اسرائيل، فذلك "إنقلاب  فكري وسياسي"، يستحق كل جوانب الإهتمام، خاصة وأن دولة الكيان اعتاشت طويلا على تلك الإكذوبة، ولا تزال، بانها مهددة من دول الجوار سواء كانوا عربا أم عجما..

الآن هناك شهادات يمكن اعتبارها "شهادة إيزو عسكرية" أزاحت الغطاء المزمن على "مكذبة التهديد الوجودي"، تصريح قد يكون ألأول لقائد جيش اسرائيلي، منذ قيامها فوق أرض فلسطين عام 1948..قول يجب أن يتحول الى "أيقونة سياسية" في مواجهة عدوان الاحتلال وجرائمه..

ومع "هجوم الجنرالات" وما يستحق من متابعة، خرج علينا رئيس حركة حماس في قطاع غزة، اسماعيل هنية، وخلال خطبة الجمعة التي باتت درسا مقررا على أهل القطاع، بتصريح شكل "مفاجأة سياسية" لا تقل عن مفاجأة "جنرلات الكيان"، عندما اعتبر أن "اسرائيل باتت تصرف وكانها في حلف سني عربي"..

ما ورد من  أقوال هنية في خطبة الجمعة الموافق 17 يونيو (حزيران) 2016، مثل "فجيعة سياسية تصل الى حد الخطيئة الكبرى"، فهو من حيث المبدأ ذهب الى تصنيف المشهد السياسي وفق للمذهبية الدينية، "سني وشيعي ودرزي ولاحقا مسيحي بكل طوائفهم"، وهو وصف لا يجافي الحقيقة فقط بل هو "رذيلة كبرى"..

من حق هنية أن يتهم من يشاء دولا وأطرافا حول العلاقة مع الكيان، لو كان لديه ما يؤكد ذلك، مع أنه تجاهل كليا الحقيقة التي باتت معلومة للكافة، وهي أن الدولة "المسلمة" الوحيدة التي تقدم "خدمات سياسية - اقتصادية" علنية لدولة الكيان هي الدولة التركية برئاسة رجب طيب اردوغان، فهي من كان شريكا في ترشيح دولة الكيان لترؤس أخطر لجنة في الأمم المتحدة، ومنحتها صوتها بلا أي خجل أو حساب لحماس وأنصارها..

تركيا من منحت الكيان مكتبا في مقر حلف الناتو، وايضا للمرة الإولى منذ قيامها فوق أرض فلسطين، وهي ايضا من يمتلك أهم عناصر التبادل التجاري معها، بقيمة آنية تقارب الـ6 مليار دولار..الى جانب كل ما يتطلبه ذلك من "تنسيق أمني خاص"..

اسماعيل هنية، بما قاله سقط في وحل طائفي، لم يكن يوما جزءا من الثقافة الوطنية الفلسطينية، ويبدو أن هناك محاولة لاسترضاء إيران على حساب الدول العربية، قبل مؤتمر حماس الحاسم، خاصة وأن كتائب القسام وقائدها الجديد، تربطهم علاقات مميزة مع ايران، وهم من كانوا وراء تراجع القيادي التاريخي في الحركة د.موسى أبو مرزوق حول ايران، ثم اصداره بيان يتحدث عن الدعم الكبير..

الإشادة بدعم إيران لحماس هو واجب أخلاقي، بحكم ما تقدم منها وما تأخر، نكران ذلك كان "نقيصة سياسية"، لكن أن تشكر إيران شيء وأن تذهب لإستخدام ثقافتها السياسية شيء آخر..

أن تهاجم دول عربية لـ"إعتبارات إخوانية" شيء، وأن تخفي حقيقة الدور التركي في تعزيز مكانة الكيان الاسرائيلي سياسيا وأمنيا وإقتصاديا شيء آخر..

ما حدث لا يستوجب الإعتذار العلني من قيادة حماس على "خطيئة هنية"، بل تصويبا حقيقيا لمنهج وسلوك نحو الداخل الوطني قبل المحيط الإقليمي، فمن يشيع المنهج الطائفي لا يمكنه مطلقا أن يكون شريكا في النسيج الوطني الفلسطيني الخاص والدقيق والحساس جدا..

هي رسالة علها تصل ويتم التصويب قبل فوات الآوان..!

ملاحظة: احتلت مشاركة احمد مجدلاني عضو تنفيذية المنظمة "الملتبسة"، في مؤتمر هرتسيليا مساحة اعلامية واسعة منددة ومتهمة لشخصه، علما بأن قراره لم يكن فرديا بل قرار رئاسي مباشر..مش هيك!

تنويه خاص: تسريبة اعلام الكيان حول تنصيب يحيى السنوار قائد كتائب القسام خليفة لخالد مشعل في رئاسة الحركة تحمل كمية من الرسائل تستحق اهتماما أوسع من اعتبارها خبرا اعلاميا!

اخر الأخبار