"اتفاق روما" التركي الاسرائيلي.."عودة للوصاية" وممر للانفصال الوطني!

تابعنا على:   10:47 2016-06-30

كتب حسن عصفور/ صادقت حكومتي تركيا ودولة الكيان رسميا على "اتفاق المصالحة والتطبيع" - اتفاق روما - والذي أعاد الأعتبار لتلك العلاقة "الخاصة جدا والمميزة"، كانت تعتبر علاقات "نموذجية لا مثيل لها في التعاون الأمني - الاقتصادي" سوى علاقة أمريكا بالكيان، ولم تتأثر العلاقات التركية -ا لاسرائيلية، بطبيعة تغير الحكم فيها، بل تعززت في سنوات حكم أردوغان..

الاتفاق الذي تم  التوافق عليه في روما يوم 26 يونيو 2016، وضع نهاية لـ "خصام" السنوات الستة الطارئ نتيجة "مجزرة مرمرة" في مايو (ايار) 2010، وضمن الاتفاق عودة "الروح والمكانة والمضمون" لما كان، مضافا لها موافقة اسرائيلية على منح تركيا "وظيفة سياسية"، او ما يمكن اعتباره "دور سياسي جديد" في الملف الفلسطيني، لإستكمال ما بدأ عام 2006 نحو تأسيس "الكيانية الغزية"..

مضمون الاتفاق التركي مع دولة الكيان، يحمل أوجه للعلاقات الثنائية، اقتصادية - أمنية وسياسية، وما كان لذلك الاتفاق أن يعتبر "نكبة رابعة" للشعب الفلسطيني، لو أنه اقتصر على علاقات خاصة بين بلدين، بعيدا عن "الغصة التي يصاب بها الفلسطيني" كلما تعمقت وتعززت علاقات دولة تتشدق بالصداقة لشعب فلسطين مع الكيان، علاقة لا مثيل لها في دول المنطقة..

 ولكن خبرة أهل فلسطين، عدا الفئة الضالة وطنيا، علمته أن التجارة باسم فلسطين لم تعد مسألة ممكنة كما كان يوما في ماض السنوات..ولذا فكل "تجارة تركيا" بفلسطين القضية والمصالح باتت "هزل سياسي"، ولكن الخطر الحقيقي لا يأتي من إعادة "العلاقات وتطبيعها" أو "عودة الروح" للأصل في العلاقة، وإنتهاء مرحلة الشاذ منها..

فاتفاق تركيا مع الكيان، مثل مساسا مباشرا بالقضية الوطنية الفلسطينية مشروعا وتمثيلا، حيث قررت أطراف "إتفاق روما"، إعادة مفهوم "الوصاية السياسية" على الشعب الفلسطيني، بعدما تمكنت الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير إنهاء ذلك "العهد السياسي البغيض"، واحتلت فلسطين مكانة دولية فتحت لها الباب لتصبح الدولة رقم 194 في الأمم المتحدة، رغم مصادرة "القيادة الرسمية" هذا الحق تواطئا مع المشروع الأمركي - الاسرائيلي..

"الوصاية السياسية" جسدتها تركيا بالاتفاق مع الكيان، عندما قررت أن تتعامل مع التمثيل الفلسطيني، وفقا لآلية تنفيذ المشروع الاسرائيلي إنطلاقا من "خطف غزة" عام 2007، كمقدمة لـ"خطف قضية فلسطين"، وإعادة صياغتها في إطار جديد، يقطع الطريق على تكريس "دولة فلسطين" في الأراضي المحتلة عام 1967، وما يمهد الباب واسعا للكيان أن ينفذ مخططه التهويدي في القدس والضفة الغربية..

الوصاية السياسية التركية بموافقة اسرائيلية، تمثلت في طريقة التعامل مع "الوطنية الفلسطينية وممثلها"، حيث اعتبرت تركيا وبالتالي اسرائيل، أن حركة حماس هي "الممثل الشرعي" للوضع القائم في قطاع غزة، وهي صاحبة القول الفصل فيما سيكون لاحقا، ليس فقط ما يتعلق بـ"البعد الإغاثي - الانساني"، والذي جسده الإتفاق سمة مركزية لأهل القطاع، ما يعيد الاعتبار لطمس الجوهر السياسي لواقع القضية وخصوصا قطاع غزة..

اعتبار حماس "ممثل شرعي" مواز أكده وزير خارجية تركيا جاويش أوغلو، عندما أشار الى أن تركيا تعمل من اجل ان تكون حماس جزءا من عملية السلام، وأن لا مفاوضات بدونها واسرائيل تعلم ذلك..عبارات قاطعة تؤكد جوهر مفهوم "الوصاية السياسية" المعاصر تركيا وإسرائيليا للممثل الشرعي الفلسطيني..

تركيا والكيان قررا أن هناك "ممثلان" للشعب الفلسطيني، واحد في رام الله، بات بلا حول ولا قوة، وآخر في قطاع غزة، سيكون العنوان المقبل، لتعزيز دوره وسلطته القادمة في "الكيان الغزي"..

ومن "الوصاية على التمثيل"، الى الهدف السياسي منه، وبعيدا عن وقوع حماس في فخ "مؤامرة الوصاية الجديدة" بوعي أو جهالة، فتلك لها وقتها الخاص، فإن "اتفاق روما" يؤدي موضوعيا الى اعادة تكوين المشهد السياسي في قطاع غزة..

آلية تنفيذ الجوانب الفلسطينية في اتفاق روما، تؤدي عمليا الى تكريس الانقسام بل وانتقاله الى المرحلة الأخطر تنفيذا للمشروع الاسرائيلي الخاص لقطاع غزة..وهو فصل القطاع عن فلسطين، وفتح الباب لإقامة "الكيانية السياسية الغزية"، ودون العودة للتاريخ والتذكير بالمشروع الأمريكي - مشروع جونستون - عام 1955 لتوسيع رقعة قطاع غزة نحو سيناء واقامة "دولة غزة المستقلة"، فإن الحاضر السياسي جسدته "خطة شارون" لفصل القطاع سياسيا ووطنيا..

ففي عام 2004، وقبل  أسابيع من إغتيال الخالد ياسر عرفات، والقاتل كان يعلم زمن النهاية، أعلن شارون عن خطته المفاجئة الخروج من قطاع غزة من طرف واحد، دون أي تنسيق سياسي مع السلطة الوطنية، رغم المخاطر الكامنة في تلك الخطة والأهداف الحقيقة لها، لم يكن هناك خيار أمام الرئيس الشهيد الحي الا العمل على "استلام لقطاع"، دون أن يتجاهل الهدف الحقيقي للخطة الشارونية..

وبعد إغتيال ابو عمار وانتخاب "قيادة جديدة"، كما رغب بوش الإبن في خطته الشهيرة عام 2002، بدأ عملية التسارع لتنفيذ مشروع "الانقسام السياسي - الوطني"، ولكن عبر لعبة ديمقراطية، طلبتها أمريكا وتل أبيب ولم يملك الرئيس عباس سوى الرضوخ لها، كونه لا يجرؤ على الرفض لاعتبارات يعلمها جيدا..فكانت الانتخابات عام 2006 بمشاركة مفاجئة من حماس..

الانقسام بدأ عمليا مع فوز حماس وتشكيل نظام "إزدواجية الحكم والحكومة"، الرئيس ببرنامج  سياسي ورؤية وأدوات..وحكومة ببرنامج وأدوات، بدأت تتعامل كأنها ممثل شرعي جديد وبديل..

ومنطقيا وصلت الى النقطة المفترض لها وهي الانقلاب فالانقسام عام 2007، ومع اتفاق روما دخلت مرحلة الانفصال كمقدمة لكيانية جديدة في قطاع غزة، أبن شرعي لمشروع جونستون الأمريكي مع تقزيم مساحته..

لذلك يمكن اعتبار "إتفاق روما" يمثل "النكبة الرابعة" للشعب الفلسطيني، ونقل مرحلة الإنقسام الى مرحلة الانفصال، بعيدا عن "حسن النوايا"..تمهيدا لانشاء "الكيانية الغزية - حكم ذاتي تحت وصاية تركية ورعاية اسرائيلية".

ذلك هو الخطر الحقيقي على فلسطين من أبعاد "إتفاق روما" على فلسطين، وليس اعادة علاقات بين بلدين كانت بينهما علاقات أكثر من استراتيجية ونموذجية..مهما كانت مقيته للشعب الفلسطيني.

لسنا في موضع البحث لماذا فعل أردوغان ذلك، ولما كان "الانهيار السياسي" فله ما له أن يفعل في إطار سلطته، ولكنا ما ليس له ولا لغيره مهما كان المسمى، التلاعب بالتمثيل الوطني، وليس له أو لغيره أي ما كان، أن يمارس "وصاية سياسية" على شعب فلسطين، والعبث بممثله الشرعي والوحيد، مهما كان هوان هذا الممثل راهنا..!

ملاحظة: جنين ..نابلس وما حولهما، صفارة إنذار مبكر لبدء مشروع الاحتلال، اكمالا لإتفاق روما بنشر "الفوضى الغاضبة"..أجهزة الرئيس عباس الأمنية مصرة أن لا ترى جوهر تلك الأحداث..وتراها "عائلية"..المسألة فوق ذلك بكثير!

تنويه خاص: هل يدرك الرئيس عباس أن الوقت بات أسرع من السيف إن لم يقطعه سيقطعه..كل ما حوله يؤشر أن المستقبل ظلامي جدا، ما لم يتحرك فعلا لإضاءة نور الطريق المفروض دون "عناد كافر" نتيجته هلاك حتمي..وذكر  إن نفعت وقد لا تنفع!

اخر الأخبار