البوركيني: أزمة فرنسا ما بين صراع الهوية والتنافس على الإليزيه

تابعنا على:   23:39 2016-08-29

م. بهاء العقاد

يتفانى الفرنسيون بكل ما أوتوا من قوة إذا ما تعلق الأمر بهوية بلادهم، فهاهم يضربون بعرض الحائط كل ما تغنوا به من المناداة بمبادئ الحرية والمساواة والعدالة، ناسفين بذلك أسس المواطنة والديمقراطية تجاه الأقليات في الجمهورية الفرنسية، للحفاظ على هوية أمتهم.

ان تضارب الموقف الفرنسي على أعلى المستويات إزاء قضية البوركيني والذي أفضى بقرار يوجب على مرتديته التغريم بمبالغ مالية، جاء بإصرار من العلمانيين المتنفذين في الدولة الذين تسيطر عليهم الفوبيا الاسلامية أي التخوف من الزحف الاسلامي، زاعمين بأنه بات يشكل خطراً ملموساً على هوية الدولة.

ووظفوا هذا السجال لأبعاد سياسية ووطنية، فقد استغل اليسار هذا السجال لكسب الرأي العام بهدف الاستفادة من دعم أصوات ما يقارب خمسة مليون مسلم في الانتخابات القادمة، بينما يلوح اليمين بتمادي خطورته على الأمن القومي الفرنسي مع تزامن تفجيرات باريس.

إنها لعبة المصالح يترجمها كل طرف وفق هواه وهذا ما أكدته صحيفة الـ"فاينانشال تايمس" البريطانية والتي لفتت نظر قرائها إلى أن البوركيني الذي لم تلبسه إلا بعض المسلمات الملتزمات في فرنسا أضحى قضية ساخنة جداً على الساحة الفرنسية، فهم يتابعون باهتمام هذا الموضوع الذي تحول إلى سجالاً حاداً جداً على أحد المسلّمات الأساسية في المجتمع الفرنسي ألا وهي الاندماج والعلمانية والهوية.

وتجلى تضارب المصالح بتأييد رئيس الوزراء الفرنسي "مانويل فالس" لاقتراح المجلس الأعلى للاندماج في فرنسا الذي حظر ارتداء الحجاب في الجامعات. بينما رفض الرئيس الفرنسي الحالي "فرانسوا هولاند" هذا القرار لأنه يطمح كثيراً للعودة مجدداً إلى قصر الإليزيه وكسب أصوات الجالية المسلمة في انتخابات الرئاسة القادمة في فرنسا .أما رئيس الجمهورية السابق "نيكولا ساركوزي" الذي أعلن ترشيحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، فقد حسم خياراته في هذه القضية معلناً أن البوركيني هو أمر مستفزّ.

وبناءً على ما تقدم هل يتعلم العرب من هذا الدرس، وهل أصبحوا يعوا ما يتوجب على الأمة فعله إذا ما تعلق الأمر بطمس هويتها ؟!

اخر الأخبار