الانتخابات البلدية و"مفاجآت فتح" ..المفاجئة!

تابعنا على:   10:31 2016-09-08

كتب حسن عصفور/ يوما بعد آخر، تتكشف عمق "الكارثة السياسية" التي أقدمت عليها حكومة الرئيس محمود عباس بإعلانها إجراء "الانتخابات البلدية"، سواء كان المراد نصب "كمين سياسي" لحركة حماس، التي ترفض الاعتراف بالحكومة العباسية والتعامل معها بعد آخر زيارة للوزير الأول رامي الحمدالله الى غزة، وخروجه "شبه مطرود" منها، لكن "حماس" فاجأتهم ووافقت على المشاركة وبدأت هي بنصب "كمينها المضاد"، أو أن تلك الحكومة نصبت "كمينا سياسيا" للشعب الفلسطيني ومستقبله الوطني..

قيادة فتح، رئيسا ولجنة مركزية، تعاملت مع اعلان الانتخابات بكل "خفة سياسية - قانونية"، فهي لم تقف لتعيد تقييم المخاطر التي يمكن أن تحدثها هذه "الإنتخابات" ضررا على القضية الوطنية بكامل أركانها، وعلى الواقع السياسي القائم في الضفة والقطاع..

اصرار الرئيس عباس، على فرض قراره بإجراء الانتخابات على الإطار القيادي الفتحاوي، وفقا لتصريحات رامي الحمد الله، في لقاء مع قناة لبنانية، يكشف أن الرئيس يعرف ما يريد، وان لديه "أجندة خاصة" يرمي اليها من ذلك "الإصرار" على إنتخابات لا تشكل "عنوانا حاسما" لحماية النظام الوطني، أو لتطوير أدائه الخدماتي..

اعلان اجراء الانتخابات جاءت لكل من يتابع "نشرات الأخبار"، متوافقة سياسيا مع "خطة ليبرمان" الرامية لانهاء مشروع "الكيانية الوطنية الفلسطينية"، وأستبدالها بحالات متفرقة من "مظاهر كيانية" في الضفة الغربية، دون أي ارتباط بقطاع غزة، تمهيدا لاعلان ضم ما هو خارج عن تلك "المظاهر الكيانية الفلسطينية" الى دولة الكيان، باعتبارها "رابطا تاريخيا لليهود" بمسمى "مملكة يهودا والسامرا"، ولتوسيع حدود "دولة اليهود الحديثة المسماة حاليا اسرائيل"..

ولا يمكن اطلاقا، أن يصدقن أحد، أن الرئيس عباس وقيادته الفتحاوية، ووزيره الأول الحمدالله، لم يقفوا أمام خطر خطة "ليبرمان"، إلا اذا تعاملوا معها بـ"خفة سياسية"، ستهزم بـ"وحدة الشعب" و"صلابة قرارة"، وكأن "الانقسام الوطني والشرذمة السياسية غير المسبوقة" ليست هي الحاضر الأقوى، دع عنك تردي العلاقات مع غالبية الدول العربية، باستثناء قطر ..

وإفتراضا، أن الرئيس وقيادته الفتحاوية، لم تقم "وزنا للخطر السياسي"، ألم تقف أمام البعد "القانوني" لتلك الانتخابات، واثره على "الوضع القائم في قطاع غزة"، وأن حركة حماس لم توافق على المشاركة فيها الا بعد أن قدم لهم رئيس لجنة الانتخابات المركزية د.حنا ناصر كل الضمانات بأن  أجهزة أمن حماس هي التي ستشرف على الأمن أبان الانتخابات، وليس فرقا "تطوعية متفق عليها" كي لا يصبح لأجهزة حماس "إعتراف قانوني"..

الى جانب أن حماس ضمنت ان "محاكمها" هي التي ستكون "الحكم والمرجعية" في الطعون التي ستقدم، وقد توافقت القوى المشاركة كافة على ذلك بما فيها فتح، فيما وصفه أمين عام لجنة الانتخابات د.كحيل" ميثاق شرف"..

 وتلك المسألتين، الأمن والقضاء، هما ولا غيرهما من حسم موقف حماس للمشاركة في الانتخابات، ولو رفضت فتح أي منهما فلن تشارك حماس فيها حتى لو ضمنت الفوز الكاسح بها، فحماس تدرك جيدا، أن البلديات في ظل الوضع القائم، ليست سوى "صداع يومي" نظرا لعدم امكانية  توفير الخدمات المطلوبة مهما كانت "قدرة المنتخبين وإبداعتهم"..

وبعد أن تقدمت حركة فتح بقوائمها الانتخابية، ووقوعها في "مصيدة حماس" ومن فرض الانتخابات، إكتشفت أنها أمام "خديعة قانونية كبرى"، وأن الطعون على قوائمها كشفت من المظاهر ما يستحق مساءلة شاملة، بعد أن إنكشف جهلها بالقانون الانتخابي اساسا، وبما سبق الانتخاب عليه..علما بأن فتح هي من وضع القانون، عبر وزراء الحكم المحلي، الذين كانوا منها، منذ تأسيس السلطة عام 1994 عدا فترة فوز حماس عام 2006 حتى الانقلاب عام 2007..

المفروض بقيادة فتح، إطارا ورئيسا، أنهم على علم كامل بجوانب القانون الذي صاغوه هم، وليس حماس، أما أن تنكشف قوائم فتح الانتخابية وتتعرى أمام القانون، ثم تكتشف أن مرجعيتها محاكم حماس للفصل في طعونه وتعلن أنها "مفاجئة" من ذلك، بعد موافقتها الرسمية فتلك هي "المفاجأة الكبرى" حقا..

لو صح، أن قيادة فتح تفاجأت بأنها وافقت على "ميثاق الشرف " الذي يمنح محاكم حماس الفصل في الطعون، فهي دون غيرها من يستحق الحساب، إفتراضا كل اشكال "النوايا لطيبة"، وانه لا يوجد هناك "بعد سياسي" لفرض انتخابات بلدية لن تنتج سوى "مصائب شاملة"، فتلك وحدها تمثل تعرية لمن أخذ القرار ووافق عليه، بجهل أو بدونه..فالجهلة لا يجب أن يكونوا في سدة الحكم والقيادة..

في دول تحترم شعوبها، سقطات كهذه تزلزل أركان حكمها، ولكن في حالنا يبحثون عن "خلق أزمات" للتغطية على "الفضيحة الكبرى"، أو يستخدمون "خدع تلفزيونية عبرية"، اعتقادا أنهم سيخدعون شعب الجبارين كما قال دوما الخالد..

الفاشل لا يستحق المكافأة، فما بالنا لو أن "المسألة برمتها" لها هدف سياسي "كامن"..وافتعال "الأزمات" لن تغطي الحقيقة..

فالشمس السياسية لن تغطى بغربال البعبة الشخصية مهما علا صراخها ولبست ثوبا غير ثوبها المعلوم منذ زمن !

ملاحظة: دولة الكيان تبني "جدارا اسمنتيا على طول الخط الفاصل مع قطاع غزة"..القيادة الرسمية تتجاهل أن بعضا من ذلك "الجدار" يبنى فوق أرض فلسطينية وفق لقرار الأمم المتحدة عام 2012..ليت الحريص على "القرار الوطني المستقل" يتذكر ذلك أيضا، لو أنه حقا كما يقول!

تنويه خاص: أطلق خالد مشعل رئيس مكتب حماس السياسي ، رسائل "حميمة جدا" للقيادة الأردنية لم تسمع من اي قيادي حمساوي منذ الخروج من أرض المملكة..هل هي رسائل حسن نية لما بعد انتخابات حماس القادمة واختيار رأس جديد لها..ام أكثر!

اخر الأخبار