اغتيال رياض الحسن في رام الله!!

تابعنا على:   19:20 2016-09-28

داليا العفيفي

إن اغتيال الكاتب الصحفي الأردني ناهض حتّر ذو الأصول المسيحية أمام بوابة قصر العدل في العاصمة عمّان، أثناء توجه لاستكمال محاكمته بتهمة الإساءة للذات الإلهية بعد أن نشر على صفحته في الفيسبوك رسما لكاريكاتير حول الدواعش ونظرتهم الغبية للدين ،بحد ذاته يمثل جريمة شنيعة لا سابقة لها في تاريخ الأردن تحديدا حيث أن جريمة القتل الغادرة وقعت على خلفية رأيه وتكفيره أي بمعنى أنها جاءت على خلفية سياسية ودينية .

حقيقة كانت حادثة مؤلمة ومؤسفة جدا دفع بها الكاتب حتر حياته ثمنا لرأيه ومواقفه السياسية المعروفة والمضادة للتطرف الديني ، بعدما أطلق الرصاص عليه من قبل شخص مجرم من إفرازات الإسلاموية السياسية والتطرف الإرهابي في رابعة النهار على الملأ ، سلم نفسه للشرطة الأردنية بعد تنفيذ جريمته النكراء .

والإعلامي الفلسطيني والوزير السابق رياض الحسن إعتقلته أجهزة أمن السلطة الفلسطينية يوم 27 سبتمبر2016، بعد منعه من السفر إلى خارج الوطن عبر جسر الكرامة، حيث تم توقيفه وسحب جوازه السفر ومن ثم اعتقاله بشكل همجي واقتياده إلى قسم شرطة البالوع في رام الله حيث ما يزال معتقلا حتى اللحظة على خلفية نشره لمقال بعنوان ((المسكوت عنه في غزه-1- )) قام بنشره الوزير السابق الحسن ، وتطرق به بالتفصيل عما قامت به الهيئة المشرفة على وكالة وفا الرسمية التي كان يرأسها حتى وقت قريب من التمييز ضد شباب الوكالة من أبناء قطاع غزة.

واضح جدا أن هذا المقال هو الجزء الأول من سلسلة مواد صحفية بدأ يعدها أو يكتبها ، وهو الرجل الذي كان مطلع ويعلم بأدق التفاصيل في هذا الشأن من الخبايا والمسكوت عنه ، حيث تكلف الحسن بمرسوم رئاسي برئاسة وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية 'وفا' ، ورئاسة مجلس أمناء هيئة الإذاعة والتلفزيون في 2012، علما أن رياض الحسن لم يكن يرغب في التكليف أو المنصب ، إلا أنه التزم بالتكليف وعمل به طيلة الأربع سنوات بشكل نزيه ومحترم حاول جاهدا أن يقدم مابوسعه لاصلاح ما كان أفسده الدهر و مؤسسة الرئاسة التي تشرف بشكل مباشر على كل همسة أو حرف يصدر عبر منابر الإعلام الرسمي .

 

ومن باب الأمانة والوفاء والإخلاص وبعدما تمت إقالته دون أن يتم ذكر الأسباب ووضع ناطق من حركة فتح ليحتل مناصب الاعلام الرسمي كافة ، كتب الحسن مايملي عليه ضميره وعن تجربته في المكان الذي شغله خلال فترة الأربع سنوات ، ومن هنا بدأت الحرب على الحسن من قبل المقاطعة وثار غضب الرئيس محمود عباس وهذا ما أوصله له محمود الهباش قاضي قضاة فلسطين الشرعيين ومستشار الرئيس لللشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية ، قبل اعتقال الحسن بعدة أيام ، حيث طلب الهباش من الحسن الاعتذار عن المقال وتكذيب نفسه ولكن الأخير رفض ، مما نتج عنه اصدار أوامر من الرئيس محمود عباس للنائب العام باعتقاله بشكل مهين دون مراعاة لأي شيء قدمه هذا الرجل .

 

لا فرق كبير بين اغتيال حتر واعتقال الحسن فقد تم في الحالتين على خلفية آرائهما الشخصية ، اغتيال و قتل الكاتب حتر برصاص أحد المرتزقة من المتأسلمين ووضع حد مأساوي لحياته ، لا يقل عنه المس بالكرامة الإنسانية وإهانة الصحفي بشكل مقصود ومتعمد ، لأن الهدف الواحد وهو إسكات وقمع الرأي المختلف ، بالرغم من تدخل وساطات كثيرة للإفراج عن الحسن فإن تعليمات الرئيس أبو مازن واضحة وصريحة أن رياض الحسن يجب أن يدفع الثمن غاليا ، وما سربه الهباش بصفته نذير السوء يؤكد بأن الحسن سوف يتعرض لإجراءات إنتقامية قاسية ، قد تبدأ بتلفيق الإتهامات وتشويه السمعة أو كما قال الهباش محكمة محاربة الفساد جاهزة وتعمل وفق التعليمات ، وهذا ما يعرفه رياض الحسن جيدا ويعرف غيره الكثير بحكم وجوده السابق قريبا من كواليس مكتب الرئيس عباس ، نعم إن ما جرى في فلسطين رام الله هو عملية اغتيال قذرة إستهدفت الوزير الحسن أخلاقيا وسياسيا ووطنيا ، من خلال اعتقاله واهانته وخلق تهم زائفة ومفبركة للتغطية على الحقيقة ، بئس هذا العقل الديكتاتوري الذي لا يراعي أي شكل من القانون والمعايير والأطر الأخلاقية ، ويمارس الفاشية بلا حدود ، وهو يوجه رسائل الترهيب الوقحة على كل صعيد ، ولا فرق بين الفاشية الدينية التي قتلت حتر في عمان ومثيلتها السياسية التي تقتل روح الشعب الفلسطيني في رام الله والحسن ليس ولن يكون أخر ضحاياه .

اخر الأخبار