وديع فلسطين.. حارس بوابة الكبار الأخير (الحلقة الثانية والثالثة)

تابعنا على:   11:40 2016-10-03

القاهرة- ولاء أبو ستيت

استكمالا للحلقة الأولى التي نشرت من كتاب "وديع فلسطين.. حارس وبوابة الكبار الأخير، ننشر الجزء الأهم في مسار حياة وديع فلسطين حيث عمله بالأهرام وصولا للمقطم، وتدريسه في الجامعة الأمريكية فإلى الحلقة الثانية من الكتاب..

*بين المقتطف و الأهرام و المقطم

عمل وديع فلسطين بعد تخرجه في مجلة المقتطف، الثقافية الشهرية –دار المقطم والمقتطف-، التي يقول أنها كانت بوابته الأولي على عالم الأدب والأدباء، حيث الندوة الأسبوعية للمجلة، والتي كان يرأس تحريرها  "فؤاد صروف" أستاذه في الجامعة.

وكما يبني العالم مراحل تطوره وارتقاءه تباعا، كانت المقتطف وندوتها الأسبوعية المعين الأهم الذي سيبني فلسطين منها أول أعمدته التي سيؤسس عليها بنيانه الشاهق الذي سمح له بالتعرف على رموز الابداع والأدب منذ وقتها وحتى الآن.

يستمر عمله في المقتطف الشهرية، لكن الأمر لن يقف معه عند هذا الحد، فسيكون على موعد مع العمل في أهم صحفتين في ذلك الوقت في مصر، برغم اتجاه كل منهما المغاير، حتى يأتي التحول على يد "كريم ثابت" باشا، وهو شخصية مثيرة للجدل وللبحث والدراسة، غما أثير عنه وحتى مذكراته، ومن قبلها كتاباته والحكايات حوله تدفع لملايين من التساؤلات.

 وفي زيارة، هي الوحيدة التي زرت فيها وديع فلسطين في بيته في 2014، سألته عن "كريم ثابت"، وكنت قد قرأت له مقالا قديما في مجلة " الهلال " يتحدث فيه بلغة بديعة عن رحلة قام بها إلى اليمن، إضافة إلى حديث عما أثير حول علاقته بالملك، وطبيعة ما أثير حول الرجل بعد ثورة 23 يوليو 1952 ولايزال، وهو ما سيأتي تناوله لاحقا في الكتاب.

وكالعادة جاء السؤال الذي وجهته له مصدرا للسرد، فبدأ يعيد الحكي حول قصة عمله في الأهرام وكيف انتقل منها إلى المقطم، بعد أن فشل الرجل في العمل بالتحرير الصحفي في الجريدة العريقة والتي  ساعدها القدر في الاستمرار إلى الآن، لتكون الصحيفة الرسمية الأولى في مصر.

حكى فلسطين أن "فؤاد صروف " خلال إحدى زيارات وديع فلسطين له في أعقاب تخرجه من الجامعة سأله إن كان يحب أن يعمل في الأهرام، وهو الأمر الذي رحب به فلسطين بشدة وقتها، ليعطه صروف خطابا لمدير الادارة، الذي كان وفقا لحديثه  قريبا لصروف، إلا أن القدر شاء أن يعمل في قسم التوزيع، وظل ثلاث سنوات في الأهرام في نفس القسم  (1942 :1945)، بعيدا عن التحرير والكتابة التي رغب فيها، وقد حاول مرارا التحول باتجاه قسم التحرير، لكن دون جدوى على ما يبدو.

ثم جاء التحول إلى المقطم، وكان " كريم ثابت " رئيسا لتحريرها، خلفا لوالده خليل باشا ثابت، وطلب من فلسطين العمل معه، أو كما يقول فلسطين أنه أغراه بالعمل معه، فترك الأهرام ليلتحق بالمقطم، رغم أن الأهرام كانت يومية تصدر في الصباح، في حين كانت المقطم يومية مسائية تصدر في الثانية ظهرا، وقت عودة الموظفين من أعمالهم.

تولى كريم ثابت رئاسة المقطم في أول مارس 1945، لكن ذلك لم يستمر لأكثر من عامين أو يزيد قليلا، حيث وقع نزاع شديد الوطأة بين " فارس باشا نمر " وشركاءه من آل صروف وشاهين ميكاريوس وثابت، ووصل الأمر للمحاكم بالفعل، مما أدى بكريم ثابت ووالده إلى ترك المقطم، وهي الحالة التي سنفرد لها جزءا كبيرا من العمل، للتعرف على حالة الصحيفة التي كانت لسان حال الاحتلال الانجليزي، وهو ما يفنده فلسطين مطولا في أحاديثه، ويقول بأنها قدمت لمصر وللقضايا العربية خدمات لم تقدمها غيرها.

وإذا كانت المقطم هي المرحلة الأهم والأعصب أيضا في مسار حياة الرجل، فقد شكلت حالة التحول الكاملة له لاسيما بعد الثورة، والتي جاءت وهو رئيس تحرير المقطم الفعلي، ومحرر افتتاحيتها وإن لم يزيلها باسمه، لكنه أكد لي أنه خلال السنوات الأخيرة من عمر المقطم كان محررها الأول الذي يخط افتتاحياتها بقلمه.

ستكون المقطم بعد ثورة "يوليو1952" ـ والتي يرفض هو تسميتها بالثورة ـ سببا في دخوله السجن لأيام، ليخرج بعدها بلا عمل، ثم ليقرر مغادرة كل ما له علاقة بالسياسة، إلى ما كان يقوم به سلفا ـ إضافة إلى عمله ـ وهو ممارسة الكتابة الأدبية والنقدية، والحكي عن سير أصدقائه الذين عاصرهم من كبار الأدباء والمبدعين المصريين والعرب، وليعيش حياة الهامش بدون أن ينال التقدير الذي تمناه من بلده، في الوقت الذي تكرمه لبنان غير مرة، ويُحتفى به في مجمع الأردن، وتقف له المملكة العربية السعودية بالرغم من مسيحيته لتكرمه في أحد أهم المحافل البارزة وهي "اثنينية خوجة"، ويتحرك ناشر في الكويت لنشر مقالاته أو آثاره في مجلدين فاخرين، كل هذا في حين تتقاعس المجلة التي ينشر بها دوريا عن نشر أعماله، ثم تتوقف في فترة من الفترات، وبشكل كلي، عن نشر المقالات.

إذا أبديت تعاطفا، أو بحثت عمن يريد أن يكرم الرجل في بلده، فسيخرج لك علي الفور أحد المسؤولين ليقول لك، إنه رجل لا يخجل من الإعلان عن أنه كتب كتبا لصالح آخرين.

*التدريس بالجامعة الأمريكية

بدأ وديع فلسطين خلال مساره في مجال التدريس الجامعي، وكما كان من أوائل الخريجين المتخصصين في الصحافة، فقد كان من أوائل المصريين الذين اشتغلوا في تدريس علوم الصحافة، وجرى ذلك في الجامعة الأمريكية التي تخرج منها، وبدأ التدريس في 1948 م، وبالرغم من استمراره في التدريس ما يقارب العشر سنوات، إلا أنه خلال فترة ما بعد ثورة يوليو 1952، والتي لم يشتغل فيها بالصحافة كان يتحدث بأنه بلا عمل.. فالعمل لديه هو الكتابة، وكأن تدريسها شيء بديهي أو على الهامش.

ومن بين أعماله المطبوعة يأتي عمله "استقاء الأنباء فن: صناعة الخبر" وهو مترجم صدر في 1960 عن دار المعارف، و " العلاقات العامة فن" وهو أيضا مترجم صدر عن المعارف في طبعة أولى في 1959، وفي طبعة ثانية عام 1967 م.

وجاء عمله  مدرسا للصحافة بالجامعة الأمريكية بالتوازي مع عمله الصحفي - الذي سعى خلاله أن يقدم عصارة فكره في أعمال صحفية، وكتابات متنوعة في الصحافة الثقافية والسياسية والاقتصادية- حتى أن مشاهير الصحافة والإعلام المصريين والعرب ممن تخرجوا في الجامعة الأمريكية يعتبرونه معلمهم وأستاذهم الأول.

*حياته بعد المقطم

أُغلقت المقطم، في أعقاب ثورة يوليو، وعاش فلسطين معتمدا على الترجمة بعد أن تقطعت به السبل، وأيقن أنه لن يستطع العمل في الصحافة، حتى أنه كان كبير –رئيس- المترجمين في التحكيم الدولي المعروف بقضية أوناسيس، ولمدة قاربت العامين منذ 1955 ومنها عمل في ادارات العلاقات العامة والقانونية في شركة أرامكو البترولية ، كما عمل في بعض هيئات السلك الدبلوماسي.

خلال هذه الفترة لم يتوان عن الكتابة، حيث كان يرسل مقالاته لمجلة الأديب اللبنانية، والتي ظل مراسل لها منذ بدايتها ولمدة قاربت من الأربعين عاما وفقا لقوله، وهي فترة كبيرة، قدم فيها حالة من الاتساق مع الحالة الثقافية المعاصرة وكان معبرا عنها وعن مبدعيها المعاصرين، إضافة إلى غيرها من المجلات التي تصدر خارج مصر، خاصة في المهجر، ليغرد بقلمه خارج السرب لكن بدون أن يخوض في السياسة التي قاطعها، وكان يؤكد على أنه قد هجرها إلى الأبد، حتى تغير الأمر تدريجيا بعد ثورات القرن الحديثة.

و قد عمل مديرا لمكتب شركة أرامكو السعودية في القاهرة، بعد قضية أوناسيس، وخلال هذه الفترة ساهم بشكل كبير في مجلة "قافلة الزيت"، واستكتب عددا كبيرا من أصدقائه ومعارفه من كبار الأدباء والكتاب والمبدعين، وحكاياته في هذا الصدد كبيرة، فكثيرا ما حكى لي عن كتاب كبار، وربما أصحاب مجلات ثقافية شهيرة كانوا يتصلون به عاتبين على عدم استكتابه لهم في المجلة التي كانت تقدم مكافآت كبيرة جدا.

ويقول أن العقاد كان أول من استكتبه في المجلة، والسربوني، وعزيز باشا أباظة، ومحمد عبدالغني حسن، و فؤاد صروف و وداد سكاكيني وكثيرين، حيث ظل 13 عام مسئولا عنها من الناحية الثقافية.

في 1968  سافر فلسطين إلى ليبيا  ظل هناك لفترة امتدت عامين ليعمل مترجما لإحدى شركات البترول، ويحكي عن كونها فترة صعبة، لم يستطع أن تستمر لأكثر من ذلك ليعود للقاهرة مع بداية 1970، ويبدأ مسار عمل جديد.

يقول عن هذه التجربة في حياته والسبب في انتهائها مبكرا :" حكومة القذافي طردتني في24 ساعة، حيث استدعوني في مكتب وقالوا لي لابد أن تسافر غدوه، وغادرت فورا أنا وأسرتي".

ولدى عودته للقاهرة بدأ وديع فلسطين عمله في السلك الدبلوماسي، حيث بدأ عمله مديرا لمكتب السفير الإيراني لدى مصر في الفترة من 1971، وحتى 1982.

لا يتحدث فلسطين عن هذه الفترة ويمر عليها مرور الكرام، بالرغم من ثراءها لاسيما فيما يتعلق بتاريخ إيران التي كانت على موعد مع حالة التحول التي لا زالت أصداءها تؤثر ليس على الإمبراطورية الفارسية القديمة فحسب، بل على كل دول المنطقة فيما بعد، وربما لم يرد التطرق إليها أيضا حتى لا يقع في السياسة، وهو الذي اتخذ قراره بعدم الخوض في السياسة بعد الأيام المعدودة التي قضاها في الحبس بُعيد حركة الضباط الأحرار، والتي اتخذت هذا المسمى في البداية قبل تحولها إلى مسمى الثورة.

الغريب في الأمر أنه بدأ عمله في نفس العام الذي بدأ معه أفول نجم المملكة الإيرانية تحت حكم الشاه وتحولها للجمهورية الإسلامية، حيث حلت في نفس العام ذكرى مرور 2500 عام على إنشاء الإمبراطورية الفارسية، وقد اقيم وقتها احتفال امتد ثلاثة أيام مليئة بالتبذير حتى أشيع أن التكلفة الخاصة بالحفل تراوحت بين 100 : 120 مليون دولار، فيما كانت ولايات عديدة في المملكة تعيش في حالة فقر وقحط، بل وجفاف.

خلال سنوات عمله بدأت حالة التزمر إلى أن اشتعلت نيران الثورة، وقد غادر فلسطين عمله مديرا لمكتب السفير الايراني، حيث تعاقب عليه أربعة سفراء، في 1982، ومن وقتها وهو متفرغ للكتابة والترجمة والتحرير.

* في الحلقة الثالثة من كتاب وديع فلسطين.. حارس بوابة الكبار الأخير تقديم لبقية الفصل الأول حيث ميراث الجماهير من وديع فلسطين وكتاباته التي قدمها للجمهور، وما ناله من تكريمات وما شغله من عضويات، وبعض من الفصل الثاني حيث آراءه ومواقفه، وحديث عن نشأة جريدة المقطم، وحقيقة ما إذا كانت لسان الاحتلال الانجليزي حتى نهايتها أو ماذا.. فإلى نص وديع فلسطين..

*ميراثنا من وديع فلسطين

ولوديع فلسطين ما يزيد على أربعين كتابا، في الترجمة والأدب والسياسة والصحافة، كما أنه قام بالعمل في الترجمة في مجالات وفروع متخصصة.

في وقت عمله بالأهرام بقسم التوزيع عكف فلسطين على ترجمته الأولى، فبعد ثلاث سنوات من وفاته قدم الأديب السويدي "أوجست سترينبرج" للمكتبة العربية عبر ترجمة مسرحيته "الأب"، والتي يحكي أنه ما أن أكملها حتى توجه بها إلى لجنة النشر للجامعيين، والتي نشرتها في 1945، لتكون بذلك أول تقديم لهذا العمل الهام، والذي يقدم بعد عقود في سبعينيات القرن الماضي في الكويت في سلسلة من المسرح العالمي، مع مسرحيته الأخرى الشهيرة "مس جوليا".

البحث عن هذه المسرحية لن يجدي نفعا، لا سيما أن فلسطين نفسه لم يعد لديه أي من أعماله بما فيها هذه الترجمة، لكن في لحظة لعب فيها الحظ معي وبعد كثير من البحث خرج أمامي فجأة تسجيل نادر عن الإذاعة المصرية.. التسجيل عبارة عن مسرحية "الأب" والتي يمتد توقيتها إلى قرابة الساعتين.

وفي التقديم لها صوت المذيع معرفا : " من ترجمة الأستاذ وديع فلسطين، إخراج صلاح عز الدين"...

بعد انجازه لترجمة المسرحية بدأ في رحلة بحث عن ناشر يخرجها إلى النور، ولم يكن وقتها لديه ناشرا يتوجه له بها، كما لم تكن له علاقة بمسرحيا يتبناها، ويقدمها على المسرح، لكن اعلان في الأهرام وقتها (عام 1943) عن رواية "رادوبيس" للأديب الذي سصل للعالمية فيما بعد، "نجيب محفوظ" عن لجنة النشر للجامعيين، الناشر مكتبة مصر بالفجالة، أدى به للذهاب إلى الدار، ومنها التعرف على نجيب محفوظ، وأصدقاءه بعد أن صدر في الشهرين التاليين لرادوبيس، رواية "ويك عنتر" لـ"عادل كامل"، "إخناتون ونفرتيتي" لـ"علي أحمد باكثير".

أحزن وديع فلسطين بشدة مسألة عدم تناول أديب نوبل العالمي نجيب محفوظ اسمه بالذكر، رغم قصه المسرحية التي أدت إلى تعرفه على مجموعة لجنة النشر للجامعيين، فيقول بأن محفوظ عندما سئل عن الأدب السويدي وإذا كان قد تعرف عليه أو قرأه، فكان تعقيبه بأنه قرأ مسرحية الأب، لكنه لم يذكر اسم المترجم الذي نقلها للعربية، وهو وديع فلسطين خلال المقابلة التي أجرتها معه هيئة الجائزة السويدية بالأساس.

لم تكن هذه هي المسألة الوحيدة التي أحزنت فلسطين في مسارةه من أديبنا العالمي، فيقول أيضا بأنه كان أول من كتب عنه في الصحافة وهو ما لم يعلنه محفوظ، لكنه أرسل لي قصاصة تعود عمرها لأربعينيات القرن الماضي تؤكد قوله، وسأتناول علاقات وديع فلسطين مع الكتاب والمبدعين في عصره في الفصل الأخير، من واقع حكاياته هنه وكذلك مقالات، ومن بينها حكايته مع أديب نوبل العالمي، وقصة لجنة النشر للجامعيين التي ستيعرف فيها أيضا على أحد رفاق عمره، وهو الأديب الراحل على أحمد باكثير.

وعقب ذلك صدر له كتابه " قضايا الفكر في الأدب المعاصر"، طبعة أولى، المكتب الفني للنشر 1959م، وقد أرسل لي نسخة من الكتاب في طبعته الثانية، وصدرت في لبنان عن دار الجديد عام 1994م.

 وقال لي وقتها صراحة بأنها الاصدار الوحيد له المتاح عنده، كونه لم يكن يسعى لأن يؤرشف لديه أعماله، بل انه أشار إلى أن له الكثير من الترجمات التي بفعل الوضع آنذاك وعدم مقدرته في نسخ نسخة منها قبل ارساله للجهات المختلفة لم يكن يعرف مصيرها، ولأنه كان منشغل دوما بما هو جديد فلم يكن يلق بال لذلك، وفيما بعد أرسل لي جزء من مجلد وديع فلسطين وأعلام عصره (في جزأين)، وأهداني هجرة الأدباء الشوام إلى مصر.

وفيما يلي توضيح ببعض من أعماله المطبوعة، وبعضها لا يحكي عن ناشرها وربما لا يتذكر:

- " فلسطين في ضوء الحق والعدل "، للمشرع الفلسطيني هنري كتن، ترجمة، 1970 طبعة أولى، مكتبة لبنان، وأعيدت طباعته مرات.

- تحقيق لديوان " الانسان الجديد "، أحمد زكي أبو شادي.

 - تحقيق لديوان " النيروز الحر " أحمد زكي أبوشادي، إضافة إلى ديوانين آخرين له.

- مراجعة لكتاب الإمام جعفر الصادق كما عرفه علماء الغرب، ترجمة نور الدين آل علي، في الكويت.

 - أوليفروندل هولمز القاضي الشاعر الأمريكي، ترجمة، مكتبة الأنجلو، 1966.

 - على درب الحرية، ترجمة ذاتية لمارتن لوثر كنج، مكتبة الوعي العربي 1965.

- استقاء الأنباء.. فن صناعة الخبر، ترجمة، دار المعارف 1960.

 - العلاقات العامة فن، ترجمة، دار المعارف 1959

- ناجي.. حياته وأجمل أشعاره

 - مي.. حياتها وصالونها الأدبي.

- طه حسين

- عبدالرحمن شكري والأربعه عن مكتبة الفجالة، لصاحبها ابن سلامة موسى.

- تطور صناعة الزيت في الشرق الأوسط، ترجمة، دار المعارف، 1957.

 - مقدمة إلى وسائل الاتصال، ترجمة.

- جزيرة العرب في القرن العشرين، للشيخ حافظ وهبة، ترجمة إلى الانجليزية

- مختارات من أعلام الشعر المعاصر وكلام في الشعر، مركز الأهرام،

 - وديع فلسطين وأعلام عصره في جزئين - من مقالات وديع فلسطين في الأدب والتراجم، مكتبة فهد الدبوس للتراث الأدبي - الكويت في جزأين 2012، 2013.

- هجرة الأدباء الشوام إلى مصر، دار نلسن، 2014

كما شارك في عدد من الموسوعات منها، الموسوعة العربية الميسرة، موسوعة الأقباط، وقد صدرت في 8 أجزاء عن جامعة يوتا الأمريكية، موسوعة أعلام مصر والعالم، موسوعة من تراث القبط، وهو من ستة أجزاء، راجعه لغويا وطباعيا.

*عضويات وتكريمات

 و قد انتخب وديع فلسطين عضوا في مجمع اللغة العربية في سوريا في عام 1986، وفي مجمع اللغة العربية في الأردن عام 1988، إلا أنه لم ينل عضوية مجمع اللغة العربية المصري، حيث ترشح له مرارا على مدار عقود بدون جدوى، وهو الأمر الذي تسبب له في غصه كبيرة، كانت تبدو حينما يطرح الموضوع، حتى أنه كان إذا سئل عنه يقول لا أدري اسألوهم في مجمع اللغة العربية.

وقد سبق أن نال الأستاذ وديع فلسطين جائزة فاروق الأول للصحافة الشرقية في عام 1949، وكانت لها قيمتها الكبيرة آنذاك كونها الجائزة الأهم في الصحافة والتي تحمل اسم الملك، وهي عبارة عن خمسين جنيه، وشهادة، في وقت كان يعمل في الأهرام بمبلغ شهري 8 جنيهات، ووقتها قدم لهم التكريم مندوب الملك كريم ثابت باشا.

وإذا بحثنا سنجده أكبر وأقدم أعضاء نقابة الصحفيين، وأكبر وأقدم أعضاء اتحاد الكتاب أيضا، ويحزنه ويصرح عن ذلك في غير مرة لأن أي منهما لم يتذكره فيكرمه مرة ولو لأنه أقدم الأعضاء وأكبرهم سنا.

وقد كرم أيضا في عدد من العواصم العربية فكرمته اثنينية عبدالمقصود خوجة في احتفال كبير يليق به، لازال يحكي عن أجواءه، كلما جاء الحديث عن تكريماته، وكان من بين الهدايا التي منحها في تكريم الاثنينية لوحة تكريمية كتب فيها اسمه بماء الذهب على قماش أسود مطرز فخم في هيئته، تقارب في طولها متر ونصف وضعها بعناية في بيته خلال الزيارة الوحيدة التي زرته فيها، وقال بشيء من السعادة، كان احتفاءً رائعا، وقالوا لي أن هذه اللوحة التكريمية مصنوعة من أستار الكعبة، والكتابة بماء الذهب الخالص، وهذا شيء فخم جدا.

وكذلك في التكريم الذي جرى له في لبنان مؤخرا، والذي جرى على هامشها ندوته التي تحدث بها عن الشوام وهجراتهم إلى مصر والشخصيات التي رافقها عملا أو صداقه، ومعرفة.

أضاف لي مؤخرا أيضا شيء عن تكريم جرى له فقال"كرمتني نقابة الصحفيين بدرع، كما كرمتني الجامعة الأمريكية، بشهادة تكريم".

الفصل الثاني: حكاياته وآراءه

المقطم لسان حال الاحتلال البريطاني: انضم وديع فلسطين للعمل في جريدة المقطم في العام 1945، ليتدرج فيها ويصبح أحد كتابها النافذين، سألته عن علاقة المقطم بالاحتلال الإنجليزي والاتهامات التي وجهت لها، فقال غير مرة بأنها خدمت الكثير من القضايا الوطنية.. وخلال أحاديث متعددة عما قدمته الصحيفة في الإطار العربي قال بصورة واضحة، أنها قدمت العديد من الرؤى والأطروحات التي دعمت القضية الفلسطينية، ودعمت الدعوات نحو القومية العربية، وكانت داعمة لفكرة إنشاء الجامعة العربية التي كانت حلم العروبة الأهم في البدايات.

خلال أحاديثه لم يقل بأن الصحيفة لم تكن لسان حال الاحتلال، ولم يرد على حالات الاتهام الكثيرة التي وجهت نحو الصحيفة، وهي أمور لا يمكن نفيها أو اقصاءها..

وقبل الحديث عن وديع فلسطين وقصته في عالم صحيفة المقطم، فإن هناك إطلالة لابد منها في تاريخ الصحيفة قبل وديع فلسطين، والتي تمتد لنحو 56 عاما.

*نشأة المقطم

في الرابع عشر من فبراير 1889م صدر في القاهرة العدد الأول من صحيفة المقطم، لأصحابها " فارس نمر، ويعقوب صروف، وشاهين مكاريوس" وكان توصيفها كجريدة "يومية سياسية تجارية أدبية" .. جاء ذلك في وقت برزت فيه سياسة الاحتلال الإنجليزي في إغلاق الصحف الوطنية والتضييق على غيرها، وكانت من الصحف الرئيسة البارزة في ذلك الوقت الأهرام، التي تغير مسارها بعد معارضة الثورة العرابية وانتقاداتها التي وجهت لعرابي ولرفاقه إلى صحيفة وطنية تعارض الإحتلال الإنجليزي (1882- 1952) وتقف في مواجهته بكافة السبل.

وخرجت المقطم لتكون الناطق بلسان حال المحتل، والصحيفة التي يسعى بها الاحتلال للرد على "الأهرام" بل و محاربتها، وقد بدت المسألة واضحة حتى من التسمية وتفنيد أصحاب المقطم لها.

في كتابه "المقطم..جريدة الاحتلال البريطاني في مصر" يقول دكتور تيسير أبو عرجة " سعى المحتلون أيضا إلى اجتذاب عدد من الصحف نحوهم، ومنها، مرآة الشرق، الاتحاد المصري، البرهان والزمان التي عاودت صدورها بعد أن عطلها الاحتلال لفترة من الزمن، لكن هذه الصحف لم تكن بالقوة والتأثير الذي يتفق وحجم الأحداث السياسية التي رافقت الاحتلال، وأعماله ومعاركه المنتظرة ضد الحركة الوطنية، فلم تكن هذه الصحف احتلالية خالصة في ضلوعها مع الاحتلال،ووفق ما يرتئيه رجاله وعميده، في الوقت الذي اتخذت فيه (الأهرام) موقفا صلبا ضد الاحتلال، في الوقت الذي كان فيه الاحتلال بأمس الحاجة إلى تثبيت أقدامه في مصر في مواجهة السياسة الفرنسية والتركية.

من هنا كان اهتمام المحتلين بإيجاد صحيفة تنطق بلسانهم وتعادل الأهرام في قوتها وتأثيرها، وتقف في مواجهتها، فقد تعجب رجال الاحتلال أنفسهم من تقلب الأهرام وأذهلهم رجوعها إلى صفوف الوطنيين، فعملوا على إصدار جريدة المقطم ليحاربوا بها الأهرام".

حكايات فلسطين المتقطعة عن المقطم تتمازج، فمرات يحكي عن تسمية المقطم، والتي حكاها مرارا فارس باشا نمر، ليقول بأن المقطم، ووفقا لرأي سائد وقتها هو الجبل الذي صنعت من أحجار الأهرامات وبذلك يكون المقطم هو الأساس للأهرام، كإسقاط على جريدة الأهرام الرائدة آنذاك.

ويشير إلى أنها ـ ومنذ بدايتها ـ بعد مرور الأعداد الثلاث الأولي، بدأت في الانتظام في الصدور بصورة يومية، وكانت صحيفة مسائية، على عكس الصحف المسائية اليومية، تصدر في الثانية مساءً ليتلقفها الموظفين في مسار عودتهم إلى منازلهم بعد يوم عمل شاق.

وكانت من الحالات الوطنية التي تشير إلى عمالة المقطم وقتها للاحتلال الانجليزي، صحيفة " المؤيد " التي كانت بمثابة لسان حال الحركة الوطنية المصرية، والتي صدرت بعد شهرين من صدور المقطم، وكانت تصفها بأنها تقدم دفاعا مستميتا عن الاحتلال، وتتلقى دعما كبيرا من اللورد كرومر.

وخرجت المؤيد في الأول من ديسمبر 1889، لتكون اول جريدة يومية يصدرها مصري بعد الثورة العرابية.

*ذكرياته مع المقطم

يحكي وديع فلسطين عن تاريخ المقطم معه في مقال له بعنوان"المقطم بين الجبل والجريدة" أن للمقطم تاريخا معه، بدأ في حديثه عن المقطم الجبل، وحكايات بين التسلق في المدرسة الثانوية، وأخرى في المرحلة الجامعية خلال دراسته بالجامعة الأمريكية، إلى أن يصل إلى جريدة المقطم، فيسرد الحكاية كاملة:

كنت على موعد جديد مع المقطم عندما تركت العمل في جريدة الأهرام التي عملت بها بعد تخرجي في قسم التوزيع بين عام 1942 و 1945، أي منذ 69 عاما، قبل أن يولد جميع العاملين حاليا في الجريدة، من صحفيين وموظفين وعمال، ثم التحقت بجريدة المقطم كواحد من محرريها.

وكان يؤرقني سؤال أحببت معرفة الإجابة عنه؛ ألا وهو: لم أختير جبل المقطم تحديدا ليكون اسما لهذه الجريدة؟ وهي جريدة يومية مسائية سيرتبط بها عملي المهني في المستقبل.

وتقدمت من الدكتور فارس نمر باشا، الباقي على قيد الحياة من مؤسسي الجريدة الثلاثة، أما زميلاه فقد توفيا، شاهين مكاريوس في 1910، والدكتور يعقوب صروف في 1927، في حين مد الله في عمر نمر باشا إلى سن الخامسة والتسعين حيث توفي في ديسمبر 1951، وعنَّ لي أن أسأل الدكتور نمر باشا عما أغراه في جبل المقطم، فاختاره مع زميليه اسما للجريدة.

فقال: عندما جئنا من بيروت إلى القاهرة في عام 1885 لكي نستأنف إصدار مجلة المقتطف الثقافية الشهرية، اشترينا مطبعة خاصة بالمجلة، واستخدمنا عمالا ومشرفين، ثم اكتشفنا أن المطبعة تنجز المقتطف في أسبوع، ثم تبقى خاملة بقية الشهر، بينما نتحمل خلاله أجرة العمال والمشرفين، عندئذ قررنا إصدار جريدة يومية مسائية حتى لا نكون في منافسة مع الأهرام الصباحية التي سبقتنا إلى الصدور بأربعة عشر عاما، واحترنا في اختيار اسم الجريدة، لكن طرأ علينا خاطران، أولهما أن صاحبيّ الأهرام " سليم وبشارة تقلا " لا يحملان أي درجات علمية، في حين أن الدكتور نمر باشا والدكتور يعقوب صروف كانا يحملان الدكتوراه من جامعة نيويورك، كما كانا أستاذين في الكلية السورية الانجيلية (وهو الاسم القديم لجامعة بيروت الأمريكية)، أي أن أصحاب المقطم على درجة علمية أكبر من صاحبيّ الأهرام، أما الخاطر الثاني فهو أن أهرام الجيزة بنيت من صخور أقتطعت من جبل المقطم، فأردنا أن نقول للناس إن جريدة الأهرام وإن سبقت للصدور فإن المقطم هو الأصل، فمن حجارته بُنيت الأهرام في الجيزة على أيدي الفراعنة.

وقد صدر العدد الأول من المقطم في عام 1889 واستمرت في الصدور إلى منتصف نوفمبر 1952، أي أنها عاشت 64 عاما، كانت خلالها الثانية بعد الأهرام من حيث العمر، ولا تقل عنها أهمية.

*كريم ثابت باشا وعلاقته به

سألته خلال زيارة له في منزله عام 2014، عن كريم ثابت باشا، وكنت قد قرأت له مقالا قديما في مجلة الهلال حول رحلته إلى اليمن، ولفتت نظري كتابته عن رجل قيل أنه سبب نكبات مصر في المرحلة الأخيرة من عمر الملكية، فحكى لي حديثا طويلا عن هذا الرجل وثقافته الواسعة، وإصراره الكبير الذي عايشه بنفسه، وكيف أنه كان يغطي تكلفة سفرياته بنفسه إلى مناطق مختلفة، من أجل الوصول إلى موضوعات صحفية مختلفة.

كان حوارا مطولا لـ " وديع " خلال المقابلة، سجلته على جهازي ولم أتمكن من تفريغه، أو نقله إلى جهاز آخر، قبل أن تتم سرقته من قلب "جامعة الدول العربية" أثناء اجتماع لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، لا زلت أندم عليه خاصة أنه تحدث عن كثير من الأمور، وبتفصيل لم يجرِ من قبل.

غير أن ما أذكره بشدة من هذا الحديث، هو الهالة الكبيرة التي وضعها " فلسطين " على " كريم ثابت " وعلى رؤيته وعقله الرصين الذي تعلم على يده الكثير والكثير، مؤكدا على أن أغلب ما قيل عنه هو بالفعل من قبيل الإساءة والتشويه للرجل، الذي ساعده عمله وحضوره لأن يكون مُقربا إلى درجة كبيرة من الملك.

ومن حكاياته عنه يقول فلسطين :" كانت له هواية أن يسافر على نفقته الخاصة، يقابل القادة والملوك، ويطلب صور معهم يوقعون عليها ، وربما هذا ما جعل الملك يلتفت إليه، فكان ينشر مقالاته في الهلال والمصور وحتى في اخبار اليوم، والحقيقة إن له تاريخ صحفي هام وكبير قبل أن يتوظف، هذا بالرغم أنه نشر في سلسلة اقرأ كتاب عن الملك فاروق، و هذا كله أهله ليختاره مستشارا له في الامور الصحفية".

وعن آخر لقاء جمعه بكريم ثابت يقول كان في المقطم قبل ما يعتقلوه ويحاكموه، حتى جاءت جنازته وحكايتها الغريبة التي يرويها بالتفصيل فيقول:

عرفت خبر وفاته من الجريدة حيث قرأت في الوفيات كلمة موجزة وهي ( توفي أمس كريم ثابت... تشيع الجنازة الساعة ... من كنسية قصر الدوبارة).. وقتها ومن النعي الغريب تأكدت أن المقصود هو كريم ثابت فعلا وفي الكنيسة جلس إلى جواري "طاهر الطناحي"، وكان أغرب ما جرى أن القس عندما تكلم عنه قال:" نزولا على رغبة من لا أستطيع لرغبتهم ردا فلن أذكر الفقيد طوال الجنازة".. وظل طوال الوقت يقول الفقيد بدون ذكر اسمه.

وقتها قلت للطناحي لو كنت أكتب مقالات الآن لكتبت أن "ثورة عبد الناصر ترتعد فرائصها من جثة مسجاة في تابوت".. ولم أكتب ذلك طبعا، وقد اطهدوه حتى آخر لحظة حتى أن اسرته عندما أحبت تعمل اربعين له ذهبوا إلى كنيسة أخرى، وحتى يتخلصوا من أزمة ذكر اسم الراحل أتوا بصورة له مجلدة بالسواد حتى يعرف الناس أنهم جاءوا إلى هذا الشخص حتى لو لم يذكروا اسمه.

 

اخر الأخبار