عن قيمة الحياة أتحدث

تابعنا على:   21:38 2016-12-03

د. يسرا محمد سلامة

تُعرف قيمة الحياة بالأشخاص المتواجدين فيها، ليس في عددهم بل بتأثيرهم على حياتنا، الأمر الذي يجعلنا – في بعض الأحيان – نغفل عن قيمة هؤلاء الأشخاص؛ نظرًا لوجودهم الدائم بقربنا، ويُهيأ لنا أنهم لن يرحلوا عنّا أو يغيبوا في يومٍ من الأيام، مهما تجاهلنا ولو قليلاً أهميتهم لدينا.

معرفة أنْ يكون أحدهم موجود، ومُتاح لكَ دائمًا أمرٌ يبعث على الارتياح لا مَحالة، فجميعنا بحاجة ماسة إلى الاهتمام، إلى من يستمع، إلى من يُقدر، يَعذر، يُشعرنا بمدى احتياجه إلينا وأهميتنا – لكننا – عندما نعتاد على وجود هذا الشخص ونعتبره أمر مُسلم به، تُصبح النتيجة كارثية.

العطاء لا يمكن أنْ يسير في اتجاه واحد، العطاء صفة مرتبطة بالمبادلة، فالمنح يجب أنْ يقابله منح من الطرف الثاني، وعندما يظل الانسان يُعطي دون مقابل، دون الشعور بقيمة ما يُعطيه، في هذه اللحظة ، ينضب النبع الذي يُمطر الآخر بالعطايا، يزهد عن تقديم ما كان يُقدمه، ويظل يتساءل ماذا فعلت لكي يُفعل بي ذلك؟ هل تماديت في الاهتمام؟!، هل تواجدت في حياة هذا الشخص بالقرب الذي جعله لا يعبأ بي؟!، وقتها تكون الإجابة بالفعل لا بالكلام، عندما يَهم الشخص المعطاء في لململة ما تبقى من كرامته ويستعجل الرحيل عن حياة الطرف الآخر دون إبداء أي أسباب، فجأة سيستيقظ الشخص المتجاهل يومًا ما، ليجده اختفى تمامًا عن ناظريه، ومهما حاول وبذل مجهودًا في البحث عنه، لن يجده، حينها فقط سيعلم قيمة من فقده – لكن – بعد فوات الأوان.

ومثال آخر على الفقد، عندما نعيش على ذكريات ماضينا، نتحسر على شخص ما، أو عمل خسرناه، أو مكانٍ عيشنا فيه أيامًا جميلة، واضطرتنا ظروف حياتنا إلى البعد عن كل هذه الذكريات، ودعناها نعم، لكن الله منحنا غيرها، إلا أننا غفلنا عن نعم الله هذه، وظللنا في بوتقة الماضي، نتألم لما فقدناه، لا نشعر بقيمة ماهو موجود بالفعل بين أيدينا – مع أنه – قد يكون أفضل مما فات وعوضنا المولى عزَّ وجل به خيرًا كثيرًا، لكننا من كثرة تغافلنا وعدم حمدنا لله على فضله، نفقده هو الآخر.

لماذا لانُقدر قيمة ما هو موجود في حياتنا، فالله سبحانه وتعالى لن يُعطيك إلا كل ماهو خير لكَ، وإذا أبعد عنك شخصًا فلذلك حكمة وسبب، وعندما يَهبك غيره فتأكد أنْ هذه الهِبة الإلهية نعمة كبيرة يجب عليك الإمساك بتلابيبها وبقوة كي لا ترحل عنك، فالالتفات للماضي أو كلمة يا ليت، لن تُعيد لكَ ما تمنيت، ستضرك أكثر ما ستنفعك.

لا تحزن على المفقود كي لا تفقد الموجود؛ لأنّه من عند الله أبقاه لكَ حتى تنعم بالسكينة والراحة والطمأنينة، اشكره عليه ليظل بقربك دائمًا، لا يُفارقك، أعطيه من وقتك واهتمامك.

أنْ يُحبك شخص ما دون مصلحة، يُعطيك من وقته وصحته وتركيزه، لهي نعمة لا يمكن وصفها، ستشعر أنت معها كم أنَّ الله سبحانه وتعالى راضٍ عنك، لا تخذله بإهمالك لتلك النعمة؛ لأنك ستندم كثيرًا على ما فرطت.

اخر الأخبار