لماذا يعيش الفلسطينيون والعرب على هامش الحياة السياسية في امريكا

تابعنا على:   10:21 2016-12-13

محمود الشيخ

تتعرض الجالية الفلسطينية ومعها الجاليات العربية لضغوط نفسية ومعنوية كبيره، تلعب دورا في انكفاء المئات اذا لم نقل الألاف عن المشاركة في اي نشاط تدعو له لجان او مؤسسات في هذه الولاية او تلك وتشهد تلك الدعوات تراجعا سنويا في عدد الحضور واهتمام ابناء الجالية في اي نشاط يدعوا له، وبطبيعة الحال هناك اسباب موضوعية وقد يكون هناك اسباب ذاتية لكن الموضوعية لها تأثير كبير في عدم تلبية الدعوات او النداءات او ادارة الظهر لها، ليس كما يقول الصديق جميل السلحوت ان الجالية متقوقعة على نفسها دون السؤال ان كان ذلك صحيحا من جهة ولماذا هي متقوقعه من جهة اخرى.

وهنا سأحاول النبش عن اسباب التقوقع او الإحجام والعزوف عن الحضور والمشاركة بفعالية في النشاطات، ولماذا هم بضع عشرات كما كان في تعليق الصديق جميل السلحوت على مقالي عن ( قصور المثقفين والأدباء والأكاديميين ) في حماية اللغة العربية والحس القومي، وهنا يستحضرني حديثا نبويا شريفا يقول ( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ) وايضا ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) لهذا ارى ان الجالية الفلسطينية هنا في امريكا كونها جزء من النسيج الفلسطيني تتأثر ايجابا وسلبا بما يجري في الوطن المحتل من ارضنا اما ان تعمل على رفع معنوياتها او ان تخلق حالة من اليأس عند ابناء الجالية وفي الحالتين يؤثر ذلك على نشاط الجالية ووضعها.

فان الصراع الدائر على السلطة في الضفة والقطاع منذ عام 2007 وحتى اليوم مع ازدياد الصراع الداخلي في تنظيم حركة فتح كونها التنظيم الأكبر وعمودا فقريا للحركة الوطنية برمتها ،وكذلك غياب دور ( م. ت.ف ) بل اختفائها عن المسرح السياسي بفعل فاعل هذا من جهة.

ومن جهة اخرى فشل القائمين على اتفاق اوسلو ولا زال الفشل قائما ومستمرا باعترافهم ومع ذلك لا زالوا مصرين على نفس الطريق، هنا تشعر الجالية مثلما يشعر كل شعبنا في كافة اماكن تواجده بأنه مخدوع في اتفاق قيل انه سيؤمن للشعب الفلسطيني طريقا للخلاص من الاحتلال واذا بالاحتلال يتجذر ويتمسمر ويبعد اي احتمال لحل المسألة الفلسطينية بشكل عادل كما قررت الشرعية الدولية، وما يزيد الناس غضبا واحباطا هو استمرار القائمين على اوسلو في الرهان على وسائلهم وطرقهم السرابيه، و قد ادرك شعبنا بما في ذلك الجالية الفلسطينية في امريكا ان طرق اوسلو واستمرار لغة التفاوض لن تجلب الا مزيدا من المستوطنات ومزيدا من التشريد والهدم ومصادرة الأراضي..

ولذلك لعب هذا دورا في خلق حالة من الانهيار المعنوي للجالية الفلسطينية في امريكا وليس في امريكا وحدها بل اينما تواجد انسان فلسطيني، هذه وغيرها دفع ابناء الجالية الفلسطينية في كل مكان وبشكل خاص في امريكا الى الاهتمام بمصالهم الخاصة والابتعاد عن الشأن العام المتعلق بالمسألة الفلسطينية، فلا لوم عليهم بعد ان اشبعناهم اوهاما بقرب انتهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية واليوم ايضا نلجأ لنفس الأسلوب في اعتبار عام 2017 عام انهاء الاحتلال  من غير ان نعد انفسنا لشروط دحر الاحتلال وانهائه، بل لجئنا الى مزيدا من الصراع على السلطة والى مزيد من تعميق الخلاف وعلى رؤوس الأشهاد امام العالم اجمع ( ومش خجلانين يا عالم تعالوا وتفرجوا علينا نحن مختلفون شو بدكم اتفرجوا ) وكل يوم سنخلق قضية لهذا او ذلك والقضية المركزية التي علينا العمل من اجلها متروكه لرب العالمين وبنقول ربك بحلها.

ولا ننسى في هذا المقام ان احزابنا وسلطتنا ومختلف مؤسساتنا الفلسطينية تتجاهل الجالية ولا تعد لها لا برامج ولا زيارات وان اعدوا لها شيئا من هذا القبيل يكون الهدف منه هو جمع التبرعات ليس اكثر، لذا لعب استمرار تجاهل الجالية وتجاهل دورها ومكانتها في عدم الاتصال بها مع تنظيم العلاقة معها او ترتيب وتنظيم الجالية او العمل على انشاء جمعيات تعنى بشؤون الجالية وليس بالتبرعات فقط ،بتشكيل مؤسسات تتصدى لقضاياهم ومختلف شؤونهم ومشاكلهم التي يعانون منها على سبيل المثال لا الحصر بإحاطة الأجيال الناشئة بالرعاية من هؤلاء الذين ولدوا وترعرعوا في وطن غير وطنهم ويكتبون على صفحات الفيس بوك خاصتهم كالإعلامية راميا يزيد بان ( وطني انجب جيلا ...لا يعلم رائحة ترابه ) يعني هذا ان تعلقهم بوطنهم كبير جدا وعظيم ومثل هذه الأجيال تستحق الرعاية والحماية.

من هنا يدرك المرء ان هذه الأجيال اكثر تصميما على التمسك بهويتها ووطنها لكنها تتعرض للإهمال والتهميش والإقصاء من خلال تأثرها بما يجري في الوطن المحتل من تصاعد حدة الخلافات والصراعات والتى يدركونها انها صراعات على الكرسي وليس صراعات برامج ورؤى سياسيه.

اليوم لفت انتباهي رسالة جاءتني من الأخ والصديق ريمون قسيس ابن رام الله والمقيم في ولاية متشيغان بعد قرائته لمقالي الأخير عن ( دور المثقفين والأكاديميين ........) يقول فيها بأن مجموعة من الطلاب العرب في جامعة وين ستريت في ميتشيغان وبعد ان لاحظوا بأن اللغة العربية والقيم الاجتماعية تتعرض للتشويه والنسيان والإندثار قاموا بتأسيس مجلة تحمل اسم ( هذه رام الله ) وتصدر عنهم وتوزع على الجالية في امريكا وكندا وجزء من اوروبا للإبقاء على اللغة العربيه وحماية للقيم الاجتماعية.

ولن ننسى هنا ما يجري في العالم العربي من مذابح ترتكب باسم الإسلام والإسلام منها براء فهي الأخرى تلعب دورا في المزيد من الإحباط والانكفاء على النفس ،مما يجري في سوريا والعراق واليمن وليبيا وعلى ايدي من يدعون انهم ثورة لكنها ثورة على الإسلام لتدمير الإسلام وما جرى من تفجير في الكنائس المصرية والقتل المتعمد للجنود المصرين في سيناء او التفجير الذى اودى بحياة مجموعة من الشرطة المصرية كل هذا يساهم في احباط هذه الأجيال ويبعدها حتما عن الإسلام ويدفعهم للتبرأ من العروبة والإسلام ،المهم ان كل ذلك سيترك اثر سلبي على ابناء الجالية الفلسطينية والعربية على السواء مما يتطلب استنكارا واسعا للفعل الإجرامي الذى تدعمه دولة كالسعودية وقطر تدين كما تدعي بالإسلام

هذه أسباب الإخفاقات التي تتعرض لها الجالية الفلسطينية وغيرها علينا التعرف عليها ربما الأشخاص القائمين على المؤسسات والنزاعات القائمة بينهم على تلك المؤسسات وسيطرة ظاهرة الأنا على بعض القائمين على تلك المؤسسات هي التى تدفع ابناء الجالية للتقوقع و الاستنكاف عن المشاركة في اي نشاط .

من كل ما تقدم يتطلب الأمر من مختلف المؤسسات وعلى رأس هؤلاء المثقفين والأكاديميين والأدباء منهم اعادة ترتيب الأوراق والمهام حتى لا تكون العلاقة مع ابناء الجالية علاقة فلوس وتبرعات فقط ،بل ماذا تقدمون لها من خدمات تفيد الكل وعلى رأس هؤلاء فئة الشباب الطلاب منهم والمرأة والشباب العامل القادمين الجدد وغير الجدد بحل قضياهم ومشاكلهم والبحث لهم عن عمل وحل اي خلاف قد ينشأ بين فردين او اكثر مع الاهتمام بالشأن العام.

لهذ مبدأ الاهتمام بالجالية من مختلف الزوايا سينشىء علاقة حميميه بين اللجان الفاعلة في هذا المجال وبين الناس وستكون تلك اللجان قبلة انظار ابناء الجالية وبذلك تكون الجالية فاعله في مختلف المجالات ولا تعيش على هامش الحياة في امريكا بل ستكون في قلبها

اخر الأخبار