• الجمعة 19 ابريل 2024
  • السنة السابعة عشر
  • En
تنويه أمد
يوم 17 أبريل 2007، انطلق "أمد للإعلام"، كضوء جديد نحو رسالة جديدة، موقع حمل منذ الانطلاقة شعار "الاختلاف حق" و"العداء مرفوض"، كان له ثمن كبير..لن ينكسر فـ"أمد للإعلام" وجد ليبقى وينتصر برسالته .

واشنطن في الشرق الأوسط: الواقع والوهم

تابعنا على:   10:44 2016-12-14

عبد الله بوحبيب

عندما اجتاح تنظيم «داعش» مدينة الموصل وشرق العراق وربطهما بمدينة ومحافظة الرقة السورية في حزيران 2014، أعلن الرئيس الأميركي باراك اوباما أن تحرير العراق من «داعش» سيستغرق حوالي سنوات ثلاث. اتهم كثيرون وقتذاك الولايات المتحدة بالتقصير، وربما التآمر لتقسيم العراق، كما حلّل آخرون أن العصر الأميركي في المنطقة العربية قد ولّى.
بدأت معركة استعادة الموصل منذ اكثر من شهرين، بدعم جوي اميركي وقيادة الجيش العراقي بالتنسيق مع البشمركة الكردية وميليشيات الحشد الشعبي العراقية الشيعية. الحملة تشهد تقدما ملحوظا في اتجاه هزم «داعش» وتحرير الموصل. فكيف اذن يمكن تفسير ما يحدث اليوم مقارنة بتلك الاستنتاجات والاتهامات؟
ليس الهدف من المقال الدفاع عن سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، ولا تبرير نياتها او تحليلها. اعتقد ان واشنطن ليست في حاجة الى من يدافع عنها. الهدف هو شرح وتفسير، مرة اخرى، سياسة الدولة الكبرى التي تؤثر كثيرا على منطقتنا بغية تفادي الوقوع في التمنيات الهوائية او الوهمية التي تنعكس سلبا على مصير كل من بلداننا العربية وأمنها واستقرارها.
تركز الإستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط على أهداف ثلاثة: أمن اسرائيل وسلامتها؛ استمرار تدفق النفط من الخليج الى العالم؛ مكافحة الإرهاب بحسب التوصيف الغربي وعلى الأخص الاميركي. اما محاربة الشيوعية الدولية فبقيت هدفاً الى حين انهيار الاتحاد السوفياتي.
طبعا، ليست هذه كل المشاكل التي تواجه واشنطن في المنطقة. هناك قضايا كثيرة منها ذات أهمية كبيرة تهتم بها واشنطن وتعالجها بديبلوماسية، لكنها لا تستدعي التعبئة ولا الحشد العسكري، كما تستلزم المحافظة والدفاع عن الاهداف الإستراتيجية. إن تهديد أمن إسرائيل او سلامة تدفق النفط من كل دول الخليج تعني تحريك الاساطيل والطيران والجيوش والحلفاء، كما حدث عندما تعرضت إسرائيل لهجوم عربي في العام 1973، وعند اجتياح صدام حسين الكويت في العام 1990. كذلك أعلنت واشنطن التعبئة الشاملة بعد احداث 11 ايلول 2001، ومن ثم الحرب على افغانستان مصدر ذلك الارهاب.
اعتبرت ادارة جورج دبليو بوش العراق بعد 11 ايلول مصدرا محتملاً للارهاب فاستوجب القضاء على صدام حسين ونظامه كتدبير وقائي لمكافحة الارهاب، فكانت الحرب على العراق في ربيع 2003 بدعم بريطاني وامتناع معظم الحلفاء عن المشاركة في الحرب. وخرج الاميركيون نهائيا من العراق في نهاية عام 2011.
وبرغم حماسة الرئيس اوباما لما دعي «الربيع العربي»، الا انه لم يعتبر تلك الانتفاضات من ضمن المصالح الإستراتيجية الاميركية، فواجهها بسياسات مختلفة. دعم سياسيا تغيير الرئيس حسني مبارك في مصر، لكنه لم يؤيد الانقلاب/الثورة على الرئيس محمد مرسي، وما زالت علاقات واشنطن مع القاهرة فاترة. في ليبيا دعم اوباما التدخل الجوي البريطاني والفرنسي، لكنه لم يحرك الجيوش والأساطيل عندما أصبحت ليبيا في وضع فوضوي واحتلت «داعش» وتنظيمات ارهابية اخرى الجزء الأكبر والأهم من البلاد.
كذلك، لم يعتبر الرئيس اوباما ان تغيير النظام في سوريا او ما يجري فيها منذ آذار 2011 يهدد، او حتى يمس الأمن القومي الاميركي، ولذلك لم يستعمل قوات بلاده المسلحة ضد النظام السوري، بل اكتفى مع حلفائه الإقليميين بتزويد معارضة النظام السوري بالسلاح والمال بعد تدريبهم في الاْردن وتركيا.
بالعودة الى اجتياح «داعش» الموصل، اعتبر اوباما الحدث ارهابياً بامتياز توجب محاربته وهزمه. لكن معاودة إرسال قوات اميركية الى العراق لاجتثاث «داعش» لم تكن في حسابات الرئيس الاميركي لأسباب ثلاثة:
^ اولاً، وعد اوباما للشعب الاميركي بعدم خوض حروب جديدة.
^ ثانياً، فشل القوات العراقية في الحفاظ على الموصل بعدما قامت القوات الاميركية بتحريرها من «الدولة الاسلامية في العراق» عام 2007، وتسليمها الى الجيش العراقي.
^ ثالثا، اعتبر اوباما ان الانقسام المذهبي والإثني في العراق سمح لـ «داعش» بإحراز الانتصار الكبير.
لذلك أصرّت واشنطن اولاً على تغيير الحكومة برمّتها وترتيب، البيت الداخلي العراقي، بالحد المعقول، بالتوازي مع بدء اعادة بناء الجيش العراقي من اجل تحرير الموصل والحفاظ عليها، والحد من توسع «داعش» باستعمال سلاح الجو الاميركي.
الحكومة ورئيسها تغيّرا وشكّلت حكومة وحدة وطنية؛ أرسلت واشنطن الألاف من قواتها لتدريب الجيش العراقي وتحضيره لمعركة تحرير الموصل، كما عملت على قيام تحالف إقليمي ودولي لمساندة الجهود العراقية لهزم الارهاب. كذلك منعت الضربات الاميركية الجوية المستمرة «داعش» من التوسع في العراق او الى بلد آخر على حدوده.
معركة تحرير الموصل بقيادة الجيش العراقي مستمرة بدعم ومساعدة اميركية جوية وأرضية كبيرة، وستستمر مع عهد الرئيس ترومب، ان لم تنته قبل انتهاء عهد الرئيس اوباما، لأن القضاء على «داعش» اليوم في رأس الأولويات الإسترتيجية الاميركية.

عن السفير

اخر الأخبار