"الإخوان" بين الاحتضار والتمرد

تابعنا على:   08:10 2017-01-03

أحمد الشامي

بدأ الصراع الداخلي يعصف بجماعة الإخوان الإرهابية، ويصل بها إلى مرحلة الاحتضار، بعدما أعلنت ما تُعرف بـ«جبهة الشباب» التمرد وتشكيل مجلس شورى مؤقت، في الوقت الذي رفضت فيه القيادات التاريخية بقيادة محمود عزت، القائم بأعمال مرشد الإخوان، والمختفى منذ فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، هذا التصرف، وحرض عزت أعضاء التنظيم على التظاهر في يوم 25 يناير الجاري تزامناً مع ذكرى الثورة، قائلاً إن«نضال الإخوان أقوى من الرصاص»، وطالب عزت العناصر التابعة له في الداخل، بما أطلق عليه «النضال والتضحية ومواجهة الأمن في الميادين»، ورغم تأكيد عدد من عناصر الجماعة بأن «عزت» في عداد الأموات لأنه لم يظهر في أي مناسبة منذ فض الاعتصامين ببث كلمة مسجلة للتأكيد على أنه لا يزال على قيد الحياة، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، إذ تحول إلى «شبح» يسعى أنصاره إلى إحكام قبضتهم على الجماعة باستخدام اسمه، ويبدو أن «عزت» وجبهته يسعون إلى الضغط على الدولة بكافة السبل من أجل عقد مصالحة معها دون أن يراجعوا أفكارهم التكفيرية، وهم يراهنون على تفاعل الشعب معهم لكنهم واهمون لأن دعوتهم بالتظاهر في 25 يناير لن تجد استجابة من قبل المواطنين، وسيكون مصيرها مثل دعوات التظاهر في 11 ـ 11 الماضى التي كان عنوانها الفشل.

الغريب في الأمر أن التنظيم الإرهابي، الذي يعمل بتمويل خارجي من أجل إسقاط الدولة، يعتقد أن مثل هذه المظاهرات الساعية إلى التخريب «تضحية»، ولا يرغب حتى الآن أن يفهم طبيعة الشعب الذي نبذه، وهو الآن يتحمل الصعاب من أجل بناء دولته الحديثة، ولذا فإن دعوة محمود عزت إلى «النضال والتضحية» تؤكد أن «جماعة الأفاعي» لم تتراجع قيد أنملة عن فكر حسن البنا الداعي إلى العنف والصدام مع الدولة، ولذا فإن الشعب لن يقبل بمصالحة مع من تخضبت أياديهم بدماء الشهداء في كل مكان على أرض مصر خصوصاً أبطال الجيش والشرطة الذين يدافعون عن أرض سيناء الغالية ويضحون بأرواحهم من أجل نيل الشهادة، ودعوة الإخوان للتظاهر في 25 يناير ما هي إلا محاولة للتأثير على ضعاف النفوس، في الوقت الذي أعلنت فيه الدولة أنها لن تتراجع عن مواجهة الإرهاب، ولن تكون هذه الدعوات سوى محاولة لإنهاك الأجهزة الأمنية وبث حالة من التوتر بين المواطنين، وهذا تأكيد على أن الإخوان تحتضر وتلفظ أنفاسها الأخيرة بعد الانقسامات التي ضربتها أخيراً، بسبب حركة التمرد التي تفتك بها على يد شباب الإرهاب، إذ يحاول كل طرف إثبات وجوده على حساب الآخر.

وكان محمد منتصر، المتحدث بما يعرف بـ«جبهة القيادة الشبابية»، أعلن عن انتخاب مجلس شورى جديد للجماعة، ومكتب إرشاد مؤقت، مؤكداً أنه تمت الإطاحة بالقيادات التاريخية وعلى رأسهم الدكتور محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام، فيما نفى طلعت فهمي، المتحدث باسم القيادات التاريخية، أي تغيير على قيادات الجماعة وجاء تصاعد الصراع بين قيادات الجماعة نتيجة شعورها بالاحتضار وعدم وجودها على الأرض، ما أدى إلى حدوث الانقسام والصراع بين جبهتين، إحداهما يسيطر عليها الشباب، وهم الذين بايعوا الدكتور محمد كمال، الذي قتل في معركة مع الشرطة في أكتوبر الماضى، والمتحدث باسمها محمد منتصر، والثانية «القيادة التاريخية»، بقيادة الدكتورمحمود عزت، وإبراهيم منير، نائب المرشد العام، ومحمود حسين، الأمين العام للجماعة، ما أدى لتعميق الانقسام، بعد اتفاق أكثر من 100 شاب على عزل القيادة التاريخية، وهذا التصرف من جانب الشباب بقيادة الجماعة محكوم عليه بالفشل لأنهم سيواجهون صعوبة في الحصول على التمويل اللازم للإنفاق، فضلاً عن عدم إعلانهم عن فكرهم وما إذا كانوا سيواصلون العنف أم يجنحون إلى السلم، إضافة لعدم إعلانهم عن رأيهم في الجماعات المسلحة التابعة لهم مثل«حسم» و«لواء الثورة» وما إذا كانوا سيواصلون دعمها من عدمه، فيما تمتلك القيادة التاريخية الأموال وتسيطر على الإعلام في تركيا وقطر، فضلاً عن تأييد القيادات داخل السجون والمكاتب الإدارية في المحافظات لها.

ويأتي دخول الإخوان في مرحلة بين الاحتضار والتمرد للشباب على القيادات التاريخية وانتخاب مكتب إرشاد مؤقت، والإطاحة بالقيادة التاريخية، دليل واضح على الانقسام الداخلي وازدياده بمرور الوقت، وهو ما دفع محمود عزت إلى مطالبة عناصر الجماعة بالتظاهر في 25 يناير الجاري لإثبات وجوده على الرغم من اختفائه منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة، خصوصاً أن الصراع وصل إلى حد الضرب تحت الحزام عندما أعلن محمد منتصر، المتحدث الرسمي باسم جبهة شباب الإخوان الانشقاق عن الجماعة وتكوين جماعة موازية بعيدا عن سيطرة القيادات القديمة وعلى رأسها القائم بعمل المرشد الحالي الدكتور محمود عزت والقادة التاريخيين للجماعة، ويعتبر «منتصر» المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان في مصر، «جبهة محمد كمال»، وهو الذي أعلن أن مجلس شورى الإخوان عقد اجتماعاً بالقاهرة ونشر بياناً أعلن فيه استقالة اللجنة الإدارية العليا مؤكداً إجراء جماعة الإخوان انتخابات قاعدية داخل صفوفها وانتخاب قيادة جديدة للجماعة، وأعلن منتصر 3 قرارات، الأول هو احتفاظ محمد بديع بموقعه كمرشد عام للجماعة، وكذلك احتفاظ جميع أعضاء مكتب الإرشاد في السجون بمواقعهم، والثاني الفصل بين الإدارة التنفيذية للجماعة الممثلة في مكتب الإرشاد والهيئة الرقابية التشريعية الممثلة في مجلس الشورى العام، والثالث انتخاب مجلس الشورى من بين أعضائه رئيساً ووكيلاً وأميناً عاماً.

وفي المقابل، أكد الدكتور طلعت فهمي، المقيم في تركيا، وهو المتحدث الإعلامي باسم جبهة محمود عزت، أن قاله «منتصر» عن انعقاد مجلس الشورى العام للجماعة بالقاهرة غير صحيح، مؤكداً أن منتصر تم إعفاؤه من مهمة المتحدث الإعلامي للجماعة في 14 ديسمبر 2015، وبالتالي فهو لا يمثلها ولا يتحدث باسمها من قريب أو بعيد، وأن المتحدثين باسم الجماعة هم القائم بأعمال المرشد العام، ونائب المرشد العام، ورئيس اللجنة الإدارية العليا، والأمين العام، والمتحدثون الإعلاميون.

وينحصر الصراع داخل الجماعة حالياً بين جبهتين، الأولى هي التي كان يقودها القيادي محمد كمال الذي اغتاله الأمن قبل شهرين في معركة رفض خلالها تسليم نفسه للشرطة، وكان مسؤول عمليات العنف داخل مصر، ويتولى محمد منتصر المتحدث الإعلامي لها، والثانية هي جبهة محمود عزت القائم بعمل المرشد ومعه محمود حسين الأمين العام للجماعة، ويتولى طلعت فهمي منصب المتحدث الإعلامي لها، ويبدوأن «جبهة محمد كمال» يؤيدها عناصر كثيرة من شباب الجماعة الذين لا يجدون مانعاً في استخدام السلاح وتنفيذ الاغتيالات بزعم الدفاع عن الجماعة، بينما يؤيد «جبهة عزت» الراغبون في المصالحة مع الدولة حفاظاً على وجود الجماعة، لكن جبهة «كمال» التي يؤيدها الكثير من أعضاء الجماعة باعتبارها داخل مصر لن تستطيع الاستمرار في حال قطع التمويل عنها وهو ما يُمكن جبهة محمود عزت من السيطرة على مقاليد الجماعة التي باتت تعاني من موت إكلينيكى، ولم يعد أمام جبة الشباب «محمد كمال» سوى العمل السري لاعتمادها العنف والعمل المسلح والاغتيالات وسيلة للضغط على الدولة من أجل العودة للعمل بالسياسة.

ويعتبر عام 2016، بداية النهاية للجماعة على الأرض بعد صدور أحكام قضائية نهائية ضد قياداته بالسجنبسبب تورطهم في قضايا إرهاب، كما أعلن الكونجرس الأمريكى موافقة اللجنة القضائية على مشروع قانون يعتبر الجماعة تنظيماً إرهابياً، وعرض الأمر للمناقشة في الجلسات الخاصة بالكونجرس، فيما أعلنت حركة إخوان الأردن انفصالها عن إخوان مصر، وهى الخطوة التي قال المتحدث باسم إخوان الأردن، معاذ الخوالدة، إنها تأخرت 3 سنوات، كما أعلنت حركة النهضة التونسية، فصل العمل السياسى عن الحزبى، وعقد مؤتمر في تونس لإعلان الانفصال الرسمى عن التنظيم الدولى للإخوان، خاصة بعدما أعلن راشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة التونسية، أن الحركة لم تعد تتبع الإسلام السياسى.
وكان مقتل محمد كمال، رئيس اللجان النوعية وعضو مكتب إرشاد الجماعة، والمسؤول عن الملف المسلح والميليشيات الإرهابية التابعة للجماعة، في تبادل إطلاق نار بمنطقة البساتين، أكبر ضربة أمنية للجماعة منذ عشرات السنين، فضلاً عن صدور حكم نهائي من محكمة النقض ضد المعزول محمد مرسى، في قضية أحداث الاتحادية، بالسجن 20 سنة، كما صدر حكم نهائى ضد مرشد الإخوان محمد بديع، بالمؤبد في قضية أحداث قليوب، وكان فوز دونالد ترامب برئاسة أمريكا أكبر ضربة سياسية للجماعة خلال السنوات الماضية، بعدما كانت تلقى الدعم من هيلارى كلينتون، لتدخل الجماعة النفق المظلم خلال عام 2017، الذي قد يشهد كلمة النهاية لها.

وعلى الرغم من محاولات الإخوان تنفيذ أعمال العنف والدعوة للتظاهر في 25 يناير الجاري، تزامناً مع ذكرى ثورة يناير لمحاولة خلق حالة من التوتر بين المواطنين ووقف مشروعات التنمية التي بدأت تؤتي ثمارها في ربوع مصر كافة، إلا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، دشن المرحلة الأولى من مشروع الاستزراع السمكى لهيئة قناة السويس، والذى يسهم في تعزيز إنتاج الثروة السمكية، كما افتتح كوبرى النصر العائم ببورسعيد الذي يسهل أعمال العبور من الشرق إلى الغرب والعكس دون التأثير على حركة الملاحة بقناة السويس وإنشاء 12 سفينة صيد والمركز الثقافى الترفيهى ببورسعيد، وقال محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية، أثناء الافتتاح، إن الهيئة راجعت 1637 مشروعاً في مختلف محافظات الجمهورية منها 120 مشروعاً كانت معدة للافتتاح الرئاسى وتمت الموافقة على 96 منها وإرجاء افتتاح 24 مشروعاً لتلافى الملاحظات، التي أصدرتها اللجنة، ويقيني أن مراجعة هيئة الرقابة الإدارية للمشروعات المعدة للافتتاح من قبل الرئيس دليل على أن تكون قد نفذت بمنتهى الدقة وخالية من الأخطاء حتى يستفيد منها المواطنون أكبر فترة ممكنة ولا يصيبها التعطل بعد فترة بسيطة من دخولها الخدمة.
وتستعد مصر لدخول عصر الطاقة النووية بعد 60 عاماً من الانتظار سبقتنا خلالها الكثير من الدول في هذا المجال الحيوى، إذ أصبحت عقود محطة الضبعة النووية جاهزة للتوقيع مع شركة «روس أتوم» الروسية، وتتكون المحطة من 4 وحدات نووية بقدرة إجمالية 4800 ميجاوات، تتمتع بأعلى معدلات الأمان العالمية المستخدمة في المحطات الدولية لإنتاج الكهرباء بالطاقة النظيفة، وتتضمن العقود المزمع توقيعها خلال الأسابيع المقبلة عقد تصميم وإنشاء المحطة النووية وهو العقد الأساسي، إضافة إلى 3 عقود خاصة بالتشغيل وأيضا العقود الناتجة عن الاستخدام، إضافة إلى عقود الصيانة والتشغيل والتدريب، وتتحمل الشركة الروسية تمويل 85% من تكلفة المشروع تسدد على 30 سنة من عائد التشغيل وبعد 21 عاماً كفترة سماح، وهو ما يعني أن القيمة المالية لهذه المحطات لن تكون عبئاً على موازنة الدولة، لأن سداد قرض التمويل سيكون من عائد تشغيل المحطة، وبعد 21 عاماً من بدء التشغيل، كما يبدو في الأفق عشرات المشروعات التي باتت على وشك الانتهاء لتكون بمثابة نبع الخير على الشعب المصري الذي تحمل ويتحمل الكثير من أجل وطنه.

ولم تكن كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي، أثناء افتتاح مشروع الاستزراع السمكي، والتي أكد خلالها أن الظروف في مصر ستتحسن خلال ستة أشهر، مجرد كلام للاستهلاك لكنه جاء نتيجة دراسات عن الوضع الاقتصادي في مصر، لكن المهم أن يتكاتف الجميع من أجل عبور هذه الأزمة، وهو ما دعا الرئيس إلى مطالبة رجال الأعمال والمستثمرين إلى مساعدة الحكومة على كبح ارتفاع الأسعار، مشيداً بتحمل المصريين الإصلاحات الاقتصادية الصعبة.

اخر الأخبار