الرئاسة وظيفة فقط

تابعنا على:   11:33 2017-01-16

بيير غانم

أرسل المكتب الصحافي للبيت الأبيض قبيل ظهر يوم الأحد تقرير الصحافي المناوب، ويقول ما ترجمته الحرفية: "الطقس مشمس وبارد في البيت الأبيض حيث (نسمع) أصوات الطبول والفرق الاستعراضية وهي تمرّ أمام منصة الشرف ومئات من السياح وإقفال بعض الطرقات يشهد على تدريبات يوم التنصيب. في الساعة 11 تماماً تمّ الإعلان عن أن لا تغطية صحافية لليوم".
*من تود غيلمان مدير مكتب جريدة دالاس مورنينغ

ربما لا تعني هذه الرسالة الإلكترونية الكثير في اللحظة الأولى، لكن الإيضاح مفيد.

لدى البيت الأبيض تقليد يقوم على أن يرافق فريق صحافي الرئيس الأميركي في نشاطاته الرسمية أو لدى مغادرته البيت الأبيض والصحافي تود غيلمان كان مكلفاً بمتابعة الرئيس باراك أوباما يوم الأحد 15 يناير 2017.

سمع غيلمان وهو في البيت الأبيض أصوات الفرق الاستعراضية في شارع بنسلفانيا وهي تستعد لاحتفال استقبال الرئيس العتيد دونالد ترمب بعد خمسة أيام.

نعم، أوباما أيضاً كان يسمع هذه الأصوات.

من عادة أوباما أن يذهب للعب الغولف يوم الأحد، وفي آخر يوم أحد له في الرئاسة لم يشأ أن يترك المقرّ، وجلس مع عائلته فيما العالم يستعد لرؤيته مغادراً وخليفته مقبلاً.

هل تستطيعون تخيّل أوباما يسمع هذه الأصوات تتسرّب عبر النافذة وتقول له:"أنت تذهب في صباح الجمعة ويأتي غريمك بعد خمسة أيام لينام في غرفة استعملت سريرها ثماني سنوات؟".

هل تتخيّلون أوباما القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية وهو يسمع الطبول تقول له: "لن تكون القائد بعد خمسة أيام وسيجلس غريم لك في المكتب البيضاوي ويقود أكبر جيش في التاريخ؟".

لن ننتظر من أوباما أن يحبّ ذلك، لكنه يقبل به مثلما قبل به ثلاثة وأربعون رئيساً أميركياً قبله!

المشكلة هي لماذا لم يقبل بذلك معمر القذافي؟

هل قتل الليبيين أفضل من ترك باب العزيزية ثم الموت قتلاً على حافة الطريق؟

المشكلة هي لماذا لم يقبل بذلك بشار الأسد؟

هل تفتيت سوريا وتهجير نصف أهلها ومذابح داعش أفضل؟

لماذا لم يف علي عبدالله صالح بوعده أن يخرج من الرئاسة وعاد وترشّح مرّة أخرى؟

لا! لا أتحدّث عن الديمقراطية في الولايات المتحدة عندما يسمع الرئيس الحالي طبول خروجه من البيت الأبيض!

بل أتحدّث عن أن الرئيس الأميركي يتسلّم وظيفة، وظيفة فقط، يعيّنه فيها الناخبون بالاقتراع العام ولمدّة أربع سنوات، قابلة للتجديد مرّة واحدة وغير قابلة للتجديد أكثر من ذلك.

إنها وظيفة، يأخذ عليها الرئيس معاشاً شهرياً وتمنحه الدولة خلال ولايته منزلاً للسكن وسيارة وطائرة للتنقّل.

نرجوكم أن تفهموا أن الرئاسة وظيفة فقط، وينتهي المعاش والبيت والسيارة والطائرة يوم 20 يناير ويأتي موظّف آخر ليعمل على المكتب ذاته وينام في غرفة النوم ذاتها.

الرئاسة وظيفة، رجاء، ولا حاجة لموت الآلاف من أجل معاش ولا لقتل الآلاف من أجل بيت وطائرة!

عن العربية نت

اخر الأخبار