ترمب وخطاب إضاعة الفرصة

تابعنا على:   11:36 2017-01-21

د. جمال خالد الفاضي

لم يتأخر "ترمب" كثيراً في التأكيد من خلال خطاب التنصيب، على أن "ترمب" الرئيس في البيت الأبيض، هو "ترمب" الذي كان مرشحاً خلال الانتخابات، وما بينهما "ترمب" المثير للجدل، فها هو يمارس هواية الفوقية و هواية رجل الاعمال الذي سيبني في الأرض الجرداء.
ففي خطاب، كان خطاب داخلي بامتياز، شبيه برؤية أفلاطون للمدينة الفاضلة، هاجم فيه الحضور، أكد "ترمب" أنه اعاد السلطة للشعب من الساسة في واشنطن، وكأن هذه الدولة العظمى مخطوفة، وأن الشعب أصبح حاكم هذه الأمة مجدداً، وهل من شعب يتمتع بقيم الديمقراطية والحرية مثل الشعب الامريكي، وأن الفوضى في الولايات المتحدة ستتوقف الآن، أي فوضى هي التي تضرب الولايات المتحدة، القطب الأوحد على رأس النظام الدولي، وأن الأولوية ستكون لأميركا أولاً، وهل من شك أنه منذ الحرب العالمية الثانية، والأولوية بالنسبة للسياسيين الامريكيين هي امريكيا أولاً، ولم نلحظ أنها كانت في يومٍ أنها ثانياً، وقال: سنحمي حدودنا واقتصادنا، وهل من اقتصاد أفضل من اقتصاد يشكل 25% من الاقتصاد العالمي، أميركا ستنتصر أكثر من أي وقت، هل سيكون الانتصار الامريكي من أجل العدالة والقيم الأمريكية أو انتصار يمثل مزيدأ من الظلم لشعوب العالم، وقال: سنبني بلادنا من جديد وسنكون قدوة، هل يمكن لها ان تكون قدوة للوقوف مع الشعوب التي طال ممارسة الظلم عليها. من اليوم فصاعداً، فإن رؤية جديدة ستحكم بلادنا. مضيفاً: معا سنجعل أميركا قوية مرة أخرى، سنجعل أميركا ثرية مرة أخرى. فهل أمريكا دولة منهارة، هل يعني أن امريكيا في طريقها لممارسة عزلة عن عالم تسببت في كثير من إشكالاته.
نعم، إنه خطاب منقوص، لا يحمل إلا مفردات الفوقية والشوفينية والشعبوية والعزلة، إنه خطاب الإحباط الذي لم يفاجئ فيه "ترمب" مستمعيه، فهو خطاب لم يكن توحيدي، وجهه "ترمب" إلى أنصاره، ولم يوجهه إلى الشعب الأمريكي ككل، أكد خلاله على حالة انفصام ستحدث في أمريكا، فأمريكا الامس لن تكون امريكا اليوم، رؤيته لم تكن متماسكة وربما لم تكن منطقية، فهو يريد أن يبدأ تاريخ امريكا معه، وما دون ذلك ليس أمريكياً.
فعلاً، هذا رئيس مختلف حقًّا؛ أضاع فرصة أن يكون رئيساً للكل الأمريكي، ورؤيته لا تبعث على الاطمئنان، فسياسته سترتكز إلى رؤية ضيقة، ستقود لتدهور ثقل الولايات المتحدة المعنوي وتراجع موقعها الأخلاقي أمام نفسها، وأمام العالم. يبدو أن ترمب اليوم لا يعرف هل سيكون ترمب الغد، ولعل غياب ابتسامة زوجته "ميلانيا" في كل لقاءاته تخفي شيئاً ما سيظهر يوماً ما.

اخر الأخبار