"حماس" وأزمة القضية الفلسطينية

تابعنا على:   21:11 2017-01-21

أمد/ القاهرة - كتب د.عماد جاد: قطاع غزة عبارة عن شريحة من الأرض تبلغ مساحتها ٣٦٠ كيلومتراً مربعاً فقط لا غير، مقارنة بمساحة الضفة الغربية البالغة نحو ٥٥٠٠ كيلومتر مربع، هو قطاع فقير فى كل الموارد يقطنه قرابة مليونى إنسان غالبيتهم الساحقة من اللاجئين الذين طردوا من ديارهم خلال حرب ١٩٤٨، والنازحين الذين جرى تهجيرهم للمرة الثانية خلال عدوان يونيو ١٩٦٧، ويعد القطاع من أكثر المناطق كثافة سكانية، وقد جرى وضع القطاع تحت الإدارة المصرية فى الفترة من ١٩٤٨، وحتى احتلته إسرائيل عام ١٩٦٧. لم تكن إسرائيل سعيدة باحتلال القطاع، حاولت أكثر من مرة تصدير المسئولية عنه لمصر، وكانت رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير تعبر عن كراهيتها للقطاع والرغبة فى التخلص من المسئولية عنه صراحة بل كانت تقول إنها تتمنى أن تصحو ذات يوم لتجد القطاع وقد ابتلعه البحر المتوسط.

استمر القطاع مركزاً للمقاومة، ومنه انطلقت الانتفاضة الأولى فى ديسمبر ١٩٨٧، وعلى أرضه ولدت حركة المقاومة الإسلامية - حماس- الفرع الفلسطينى لجماعة الإخوان المسلمين. جاء الإعلان عن قيام الحركة من قبل جماعة الإخوان هناك فى محاولة للالتحاق بركب المقاومة، ونفى الاتهامات التى كانت توجه للجماعة هناك بالتنسيق مع قوات الاحتلال وعدم المشاركة فى المقاومة، فقد كانت رؤية الجماعة هى العمل على بناء الفرد والأسرة والمجتمع أولاً قبل مقاومة الاحتلال، وأن المشاركة فى أعمال المقاومة سوف تؤدى إلى تحطيم المشروع، ومن ثم عملت الجماعة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وكثيراً ما كانت هذه الأجهزة تسهل للجماعة الحصول على السلاح لقتال منظمة التحرير، فالجماعة كانت ترى منظمة تحرير خطراً على المشروع الإسلامى بسبب اعتناق المنظمة للفكر الوطنى والقومى أو العلمانى بتعبيرات الجماعة، ومن ثم كانت الجماعة تعتبر ضرب منظمة التحرير يساهم فى قيام المشروع الإسلامى، لأنها ستكون البديل الوحيد. فى المقابل شجعت إسرائيل هذا الفكر على أساس أن ضرب التيار الوطنى الفلسطينى ممثلاً فى فصائل منظمة التحرير يمثل انتصاراً لإسرائيل لأن المنظمة هى جهة المقاومة الوحيدة على أرض فلسطين.

مع اندلاع الانتفاضة الأولى، أرادت الجماعة ركوب موجة المقاومة فقررت تأسيس حركة المقاومة الإسلامية -حماس- وجاء التأسيس بعد اندلاع الانتفاضة بنحو خمسة عشر يوماً، وكانت وبالاً على المقاومة الوطنية وعلى قطاع غزة وأهله، فقد ادعت أنها من فجر الانتفاضة، ودخلت فى مبارزة مع القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة المشكلة من المقاومين على الأرض وفصائل منظمة التحرير، بدأت تفسد على القيادة الوطنية دورها وتتحدى نفوذها عبر دعوة الفلسطينيين إلى عدم التجاوب مع طلبات القيادة الوطنية والتجاوب مع ما يصدر من الحركة فقط، كانت القيادة الموحدة على سبيل مثال تطلب من الفلسطينيين تنفيذ إضراب عام شامل فى يوم محدد، فترد حركة حماس بدعوة الناس للعمل فى ذلك اليوم والإضراب فى اليوم التالى، فظهر الانقسام واضحاً وضعف تأثير القيادة الوطنية الموحدة على نحو أسعد قوات الاحتلال، ومكنها من مواجهة مقاومة الشعب الفلسطينى الذى انقسم إلى شطرين بين القيادة الوطنية والمقاومة الإسلامية. وبمرور الوقت تصاعدت مأساة القطاع وأهله نتيجة سياسات وحسابات حركة حماس التى جاءت من منطلق كونها فرعاً للجماعة أكثر منها فصيلاً فلسطينياً مثلها فى ذلك مثل باقى فروع الجماعة والتنظيم الدولى التى يكون ولاؤها للتنظيم لا الوطن.

وللحديث بقية.

عن الوطن المصرية

اخر الأخبار