الاستغاثة الأردنيّة بدول الخليج ... أهذا هو الحل؟

تابعنا على:   13:50 2017-01-24

موسى برهومة

ليس مألوفاً في الخطاب الأردنيّ أن يتمّ تمرير رسائل سياسية من خلال خطبة الجمعة. بيْد أنّ هذا التقليد قد خُرق أخيراً، من خلال أرفع موقع دينيّ في الدولة، حيث وجّه قاضي القضاة أحمد هليّل، ما يمكن اعتباره «نداء استغاثة» إلى دول الخليج، لينقذوا الأردن «بعد أن بلغ السيل الزبى». وفي خطبته التي نقلها التلفزيون الرسمي، قال هليل الذي يشغل أيضاً موقع «إمام الحضرة الملكية»: «أخاطب، بصفتي إماماً للأمة وعالماً من علمائها، قادة وملوك وأمراء دول الخليج وحكامها وحكماءها وشيوخها، ونحن نقدّر لهم مواقفهم التي وقفوها مع إخوان لهم ووقفوا فيها معنا على مر الأيام».

وزاد بلهجة شديدة وواضحة: «يا إخواننا: إخوتكم في الأردن اكفهرت أمامهم الخطوب، وضاقت الأخطار واشتدت من حولهم، إخوانكم في الأردن لكم سند وظهير وعون ونصير وظهر، لقد ضاقت بإخوانكم الأردنيين الأمور، فحذار ثم حذار ثم حذار أن يضعف الأردن أو أن يتأذى أو يحاط به والأمور أخطر من أن توصف».

وفي حين حذرت خطبة قاضي القضاة من التظاهرات المعارضة لسياسات الحكومة، باعتبارها ضرباً من «الفتنة» و»اغتيال الوطن»، كانت تظاهرة تخترق وسط العاصمة عمّان في وقت متزامن بعد انتهاء الخطبة، دعا من خلالها النشطاء السياسيون إلى عدم رفع الأسعار، ورفعوا لافتات تقول «جيب المواطن مش الحل»، في إشارة إلى عزم الحكومة الأردنية على رفع الأسعار وفرض ضرائب لتحصيل 450 مليون دينار (نحو 635 مليون دولار) كإيرادات ضمن ما يسمى «برنامج التصحيح الاقتصادي» الذي وقعته الحكومة مع إدارة صندوق النقد الدولي.

ومن ضمن الإيرادات التي تطلق الحكومة بالونات اختبار في شأنها لجسّ النبض الشعبي، التفكيرُ في رفع الدعم عن أسطوانة الغاز المنزلي لتصل إلى 8.50 دينار بدلاً من 7 دنانير، وفرض ضريبة 7 قروش على كل ليتر بنزين بأصنافه كافة، فضلاً عن اعتزام إلغاء الإعفاءات على السلع والخدمات.

وبدا مستسلِماً ومنعدم الخيارات، وزير المالية في مجلس النواب، حيث دعا أحدُ النواب إلى «تشليح المواطن» لاستيفاء المبلغ المشار إليه أعلاه، وهو ما أثار سخط المواطنين الذي عابوا على الحكومة استهدافها جيب النّاس، في كل الانعطافات الاقتصادية الحادّة، باعتبار أن تلك «الجيب المثقوبة» كما وصفها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، هي الهدف الأسهل لدى الحكومات المتعاقبة.

وقال معارضون لنهج الحكومة، التي غيّرت، أخيراً، طاقمها الاقتصادي، بعد ضمور حلوله الناجعة كما قيل، أنّ التفكير في فرض ضرائب جديدة يعبّر عن فشل الحكومات، وعُقم السياسات، وانعدام الخيال الإبداعيّ في البحث عن الحلول المثمرة. هؤلاء وصفوا الضرائب وقوانين الجباية بأنها «تفتقر الى أدنى المعايير الأخلاقية»، معلّلين رأيهم بأنّ الإيرادات الضريبية بلغت 85 في المئة من الإيرادات المحلية. متسائلين: لماذا على المواطن أن يدفع كلفة الفساد، والترهل الإداري، والمياومات والسفريّات والسيارات، وكل أشكال التّرف التي ترفل به الحكومة وأجهزتها، ومستشاروها وطوابير التنفيعات التي لا حصر لها؟

يذكر أنّ موازنة 2017 تضمنت، وفق الخبراء، زيادة الإيرادات الضريبيّة بقيمة 860 مليون دينار، مقارنة مع موازنة 2016، والمصيبة الكبرى أنّ النفقات الصحية والخدمات الاجتماعية تقلّصت بقيمة 226 مليون دينار!

ولطالما جرى التحذير من أسلوب الجباية وفرض الضرائب باعتبارهما طرقاً عقيمة لحل المشكلات، فهي تُضاعف الاحتقان الاجتماعيّ، وتزيد من التوترات التي تُضعف مناعة المجتمع الواقع بين مطرقة الضرائب وفقدان الخيال الحكومي، وبين سندان التهديدات الإرهابية المحيطة بالأردن إحاطة السوار بالمعصم، وهو ما حاول رفع درجة التحذير من أخطاره قاضي القضاة في خطبته.

لا بأس من الاستغاثة بدول الخليج، فهم أشقاء ويقدّرون محنة الأردن الذي ما بخل هو الآخر عن دعم العرب وإغاثتهم واستقرار دولهم. لكن هل هو الحل الأمثل؟!

عن الحياة اللندنية

اخر الأخبار