نتيناهو "يعبرن" وديعة كيري" ..ألا زلتم تنتظرون!

تابعنا على:   09:54 2017-01-26

كتب حسن عصفور/ رغم المطاردة الساخنة التي يعيشها رأس الطغمة الفاشية الحاكمة في تل أبيب بيبي نتنياهو وعائلته، في قضايا فساد باتت رائحتها تزكم أنوف سكان الكيان وجواره، حاول نتنياهو أن يقلب طاولة النقاش السياسي في الكيان ومحيطه، من "قضايا فساد وفضائح الحرب على قطاع غزة عام 2014"، الى تصور سياسي جديد لمفهومه لأسس التفاوض مع الفلسطينيين، وصاغها ليس كـ"موقف اسرائيلي"، بل كـ"شروط" وجب القبول بها..

"مبادئ نتيناهو" تلخصت في عنصرين أساسيين:

*الاعتراف الفلسطيني بـ"يهودية دولة اسرائيل"، وبالتالي سيكون شرطا على الدول العربية أيضا..

*عدم تنازل اسرائيل عن الأراضي ما بين البحر المتوسط ونهر الأردن..

والحقيقة أن الشرط الأول ليس جديدا بالمعني الاعلامي، فهو جزء محفوظ منذ سنوات، وبعد اغتيال ياسر عرفات، اصبح هذا طلبا متكررا لحكومة الكيان، دون أن يجد له صدى في الطرف الفلسطيني، بغض النظر عن سقوط البعض في الاستخاف بهذا "الشرط" منذ البداية وعدم التعامل الجاد بتوضيح مخاطره، والصمت على من حاول "اقتباسه" من قرار التقسيم كما فعل جون كيري قبل رحيلة بأيام، رغم الفرق الكبير بين هذا وما نص عيه قرار التقسيم 181 عام 1947..

ولذا فما كرره نتنياهو يوم 25 يناير 2017 داخل أروقة الكنيست الاسرائيلي حول "يهودية اسرائيل"، ترجمة عبرية لطلب جون كيري وزير خارجية أمريكا في مؤتمره الصحفي الأخير بصفته الرسمية يوم 28 ديسمبر 2016، عندما اقتبس جزءا من قرار التقسيم ليمرر مطلب اسرائيل واللوبي اليهودي في أمريكا حيث قال نصا: ("تحقيق فكرة القرار 181 للجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 1947 بشأن دولتين وشعبين احدهما يهودي والآخر عربي، مع اعتراف متبادل ومساواة في الحقوق لمواطني كل منهما". "هذا كان المبدأ الأساسي لحل بدولتين منذ البداية: اقامة دولة للشعب اليهودي ودولة للشعب الفلسطيني، يمكن لكل منهما تحقيق تطلعاته فيها").

أي إدارة أمريكية قاددمة لن تهمل هذه التوصية، خاصة أن فرقة الرئيس عباس وهو شخصيا رحبوا بخطاب كيري، وأعلنوا رغبتهم بـ"الإشتبالك التفاوضي" على اساس ما جاء به..ففي تصريح صحفي تلاه نيابة عن الرئيس عباس أمين سر تنفيذية منظمة التحرير صائب عريقات، بعد دقائق فقط من انتهاء كيري لمؤتمره الصحفي قال:

(استمع الرئيس محمود عباس باهتمام بالغ لخطاب وزير الخارجية  الامريكي جون كيري، حيث أكد التزامه بالسلام العادل كخيار استراتيجي.. وقال: إنه في حال وافقت الحكومة الاسرائيلية على وقف النشاطات الاستيطانية وبما يشمل القدس الشرقية، وتنفيذ الاتفاقات الموقعة بشكل متبادل، فإن القيادة الفلسطينية على استعداد لاستئناف مفاوضات الوضع النهائي ضمن سقف زمني محدد وعلى أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة..)

موقف عبر عن سذاجة سياسية لا أكثر، ظهرت وكأن هناك "صفقة سياسية" تم الترتيب لها، رغم انتهاء عهد أوباما وكيري..

ولكن، المفاجأة الجديدة، والتي يمكن اعتبارها تطرح لأول مرة من مؤتمر مدريد للسلام 1991، وبعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 اختفى كليا، شرط "سيطرة أمنية اسرائيلية كاملة على كافة المناطق ما بين نهر الاردن والبحر المتوسط".

ما قبل اتفاقات السلام كثيرا ما رددت اسرائيل تلك العبارة، ولكن لنقف ما الذي استجد ليعود نتنياهو الى "هذا الشرط"، الذي لم يحدد ما هي تلك الأراضي التي ينوي السيطرة عليها، وعمليا هي غالبية مساحة الضفة الغربية لو تم التدقيق في مصطلح "المناطق بين نهر الأردن والبحر المتوسط"..

لو عدنا لخطاب كيري المشار له سابقا، لوجدنا جديدا سياسيا ، لم يرد في أحاديث وزراء الخارجية السابقين لكيري منذ ما بعد مدريد، عندما تحدث عن "اقامة حدود آمنة ومعترف بها من قبل الأسرة الدولية و"تلبية احتياجات إسرائيل في مجال الأمن بشكل مرض.."

هذه هي جوهر الكذبة السياسية التي كان قادة الكيان ما قبل توقيع اتفاق أوسلو يرددونها، حدود تلبي احتياجات أمن اسرائيل..وهي التي عمليا ترى خطرا وعدوا في كل بلد عربي مهما وقعت معها اتفاقات..

لذا الجريمة السياسية ليس فيما قاله نتنياهو، ولا ما قاله كيري، بل في صمت "ممثل الشعب الفلسطيني" عن ذلك، بل الأسوأ ان يصدر ترحيبا متسرعا ثمنا لصفقة مريبة تم تمرير ما سيكون "عقدة سياسية" لاحقة..

نتنياهو عمليا قام بترجمة "مطالب كيري" الى اللغة العبرية بتصرف محدود، وبما يخدم مصلحته..

هل يعترف من ارتكب "الجرم السياسي" بجريمته، ويعتذر للشعب الفلسطيني على "حماقة كبرى" الحقت ضررا سياسيا، ويعاقب من كان سببا بها، أم يصر الرئيس عباس وذات الفريق الذي ساهم في طبخة "وديعة كيري العبرانية"، على البحث عن "الاشتباك التفاوضي"..

متى تدرك هذه الفرقة معلما واعضاء انه آن أوان العمل الجاد وفق رؤية وطنية لتنفيذ قرارات المجلس المركزي وما ورد في أخر بيان للجنة التنفيذية حول تحديد العلاقة مع الكيان، والبدء العملي في تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 19/ 67 لعام 2012 حول دولة فلسطين..

وماذا لو تجاهل الرئيس وفرقته ذلك، الا من سبيل لردع تجاهلهم لقرارات الشرعية الوطنية الرسمية والشعبية..

هل نقول دقت ساعة عمل التفكير لوضع نهاية لخطف الشرعية الوطنية قبل ان يتم سوقها في نخاسة نتنياهو!

ملاحظة: ما اقدمت عليه حركة حماس باصدار احكام ضد شباب من فتح ومسببات الحكم، تكشف أن قيادة حماس تصر على هدفها الكياني في "دولة غزة"..الأحكام بمسبباتها عار وطني وجب مقاومته وردعه واساقاطه..

تنويه خاص: في ذكرى رحيل القائد الوطني الكبير جورج حبش، رمزا للثورة الكفاحية والأخلاق الانسانية، نقف لنتذكر ما كان به من سمات أحالته ركنا وطنيا في مسار طويل..جورج حبش انت إنسان ثوري تعيش بين شعبك ويكفيك ذلك فخرا!

اخر الأخبار