قرار منع اللاجئين يوم حزين للقيم الامريكية

تابعنا على:   12:36 2017-01-29

د. جمال خالد الفاضي

لم يتأخر "ترمب" كثيراً في البدء بتنفيذ وعوده الانتخابية، فها هو يصدر قراراً يمنع دخول اللاجئين من بعض الدول الإسلامية مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا وإيران، في خطوة شكلت حالة من التناقض مع ما تأسس عليه نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، ففي عام 1951 مكن النظام الدولي المتشكل آنداك، والذي أفرزته ويلات الحرب التي تسببت بتشريد ملايين اللاجئين، فرصة العثور على فرصة حياة أخرى بعيداً عن أماكن الصراع.

ما قام به "ترمب" لا يستهدف اللاجئين، وإنما هو إجراء أيضا يهدد مفوضية الامم المتحدة لحقوق اللاجئين، شيدته ظروف تطلبت الاستجابة للأشخاص الفارين من الاضطهاد والصراع ومن الظلم والقتل، وقد هدف هذا النظام لحماية حقوق أولئك الذين أجبروا على الفرار من العنف، فقد أنقذت حياة الملايين من النساء والأطفال والرجال الفارين من الاضطهاد من قبل الحكومات القمعية، والحروب الأهلية، والتطهير العرقي والإبادة الجماعية، والعصابات الإجرامية.

الإجراءات الناتجة عن هذا القرار الذي اتخذته إدارة الرئيس "ترامب"، باسم سياسة "أمريكا أولا" ، يهدد هذا النظام المعمول به منذ ما يقارب سبعة عقود. ويتناقض مع ما أعلن في سبتمبر 2016، أي قبل ما يزيد عن ستة شهور، عندما اختتمت قمة أممية في مدينة نيويورك، مؤتمراً حول اللاجئين بــــــ"إعلان نيويورك" لشؤون اللاجئين والمهاجرين، يتحمل بموجبه زعماء العالم الإرادة السياسية لمواجهة التحديات المستقبلية المتعلقة بإنقاذ الأرواح وحماية الحقوق، وتقاسم المسؤولية على نطاق عالمي.

تاريخياً، لعبت الولايات المتحدة التي ترأست النظام الدولي الدور الطليعي في تبني معالجة قضايا اللاجئين في العالم، انطلاقا من التزامها بالمبادئ الإنسانية من خلال مساعدة اللاجئين على أساس الحاجة، وحفظ الأرواح، وليس بسبب انتمائهم الديني، وسيكون لقرار منع اللاجئين من دخول الولايات المتحدة تداعيات كبيرة على مستوى الداخل الامريكي، وعلى القيم والاخلاق الحاكمة للولايات المتحدة، والتي شكلت أحد أهم روافد الليبرالية الامريكية، وعلى احد اهم روافد الإثراء لمجتمع تأسس على فكرة اللاجئين والمهاجرين والباحثين عن مكان امن، وفرصة إبداع، وشكل فيما بعد الأمة الأمريكية أو يسمى بأمة الاستثناء، وعلى المستوى الخارجي سيشكل هذا القرار ضربة للنظام الدولي الهش، وربما سيدفع مزيداً من الدول للاقتداء بالولايات المتحدة، وتقوم بمنع اللاجئين من دخول أراضيها، وهو ما سوف يتسبب بتهديد للسلم والامن الدوليين.

القرار الامريكي الذي كان أحد وعود "ترمب" الانتخابية سيشكل اولى المسامير في نعش منظومة القيم الأمريكية التي شكلت أحد أبرز محطات التباهي للحياة الكريمة في الولايات المتحدة، وسيسجل كيوم حزين في التاريخ الامريكي، ومن جهة اخرى سيشكل ضربة موجعة للمبادئ الإنسانية، وسيضر بالمنظومة التراكمية للسلم العالمي،

اخر الأخبار