"حكومة فتح" ومقصلة تعزيز "الإنفصال الوطني"!

تابعنا على:   09:43 2017-02-27

كتب حسن عصفور/  قبل أشهر قررت المحكمة العليا وقف اجراء الانتخابات المحلية في "بقايا الوطن"، لأسباب متعددة، بعضها إجرائي وآخر قانوني وبعض منها ملمحه سياسي يتعلق بالقدس عاصمة دولة فلسطين تحت الاحتلال..

ودون نقاش تلك الأسباب التي فرضها "القضاء" لوقف الاجراء الانتخابي، لكنها جاءت سليمة وصائبة في المضمون العام، كون القرار أوقف واحدة من أخطر الأدوات التي تمهد الطريق الى تمرير مشروع الكيان المعروف بمشروع ليبرمان "العصا والجزرة"..

وفجأة قررت حكومة  الرئيس محمود عباس ووزيرها الأول،  اعادة الحديث عن اجراء انتخابات محلية في الضفة والقطاع، بعد أن "صوبت" الملتبس القانوني وفقا لمحكمة العدل،بتشكيلها محكمة قضائية خاصة، وتضيف حكومة الرئيس عباس (حكومة فتح)، أن ذلك القرار هو عودة للشعب لاختيار من يريد للمجالس البلدية - المحلية، وتنشيطا للحياة الديمقراطية..

وبالقطع فإن من قرر العودة لفتح ملف الانتخابات المحلية، دون الاهتمام للخطر السياسي الكامن في تلك المسألة، يدرك جيدا كل أبعادها، بما فيها رفض حماس خاصة مع تشكيل محمكمة قضائية خاصة، وما يعني ذلك الرفض من "آثار " لن تقف عند حدود عدم القيام بالانتخابات،..

لجنة الانتخابات المركزية حاولت أن تقوم بدور "المحلل السياسي - القانوني" لاجراء الانتخابات، فهي لا  ترى العملية الا من زاويتها الاجرائية لا أكثر، كما يقول القائمين على اللجنة، فالتقت بالرئيس عباس مرتين، ثم ذهبت للقاء حماس في قطاع غزة، وكان الرد المعلوم للجاهل قبل العالم، رفض حماس اجراء الانتخابات الا وفق "شروطها" والتي ايضا تراها "قانونية"، وتحديدا رفضها للمحكمة الخاصة التي شكلت بقرار رئاسي..

رفض حماس هنا، يمثل نقطة فصل، فهو ليس رفضا للمشاركة بالانتخابات، كونها "خطرا سياسيا" على القضية الوطنية، وأنها قد تمثل أداة تنفيذية للمشروع الاسرائيلي "العصا والجزرة"، وبالتالي لا خلاف سياسي من حيث المبدأ بين فتح وحكومتها في رام الله، وبين وحماس وأداتها السلطوية في قطاع غزة، بل تجسد جوهر الخلاف فيما يسمى بالاجراءات العملية، خاصة رفض حماس للمحكمة المشكلة، وتتمسك بأن تكون المحاكم القائمة هي صاحبة النظر في المسائل الخلافية، وهي تعلم جيدا أن موافقة حكومة فتح على ذلك، هو تشريع للحالة "القانونية" في قطاع غزة..وهو ما لن تسطتيع فتح الموافقة عليه لأنه يعني اعترافا رسميا ببعض نتائج الانقلاب الحمساوي..

جوهر الخلاف بين الطرفين، له بعد بالمؤسسة التي يتحكم كل مهما في فعلها، وبناء عليه سارعت حكومة الرئيس عباس ووزيره الأول باعلان أن الانتخابات ستجرى بالضفة، في حال عدم سماح حماس باجراء الانتخابات في قطاع غزة..

والحق، ان حماس ستكون أكثر "حماسة" من فتح ورئيسها وحكومتها لأن يتم اجراء الانتخابات في بعض مناطق "شمال بقايا الوطن"، كون ذلك يجسد عمليا وفعليا مسألة "التقاسم  الوظيفي" بين طرفي الإنقسام، وستقدم فتح رئيسا وحكومة "الجائزة الكبرى" لقائد حماس الجديد يحيى السنوار لوضع آليات تعزيز "سلطة الانفصال" بذريعة أن رام الله هي من قرر الانفصال الانتخابي..

السؤال المثير حقا، لماذا تصر حكومة فتح، ورئيسها على هذه المسألة رغم كل ما تحمله من مخاطر جادة على القضية الوطنية، ليس فقط كونها "هدية عملية" للمشروع الاحتلالي، بل أنها ستمثل "قفزة كبرى" نحو تكريس الفصل والانفصال السياسي - الوطني، وسيحق لاحقا لحماس أن تتصرف باعتبار فتح من ذهب الى تكريس "الفصل الوطني" باصرارها على انتخابات في جزء من "بقايا الوطن"..

أن تختبئ فتح خلف ستار احياء "العملية الديمقراطية" ومن خلال انتخابت محلية، ليس سوى "خدعة كلامية وسياسية" في آن، حيث أن العملية الديمقراطية التي تودي بوحدة الكيان الى جهنم السياسي وبئس المآل، لا يمكن اعتبارها حقا "ديمقراطية"، بل لها وصف مخنلف تماما، وهي استخدام "الشكل الديمقراطي" لتمرير مؤامرة تطيح بالمشروع الوطني، والمسميات ليست بذي قيمة..

لو أن "الديمقراطية" هي خيار فتح رئيسا وحكومة فلتعيد الحياة للمؤسسة المنتخبة من الشعب، وهي المجلس التشريعي، لتعيد له الروح ضمن اتفاق وطني، كي يمنح "بقايا السلطة" بعضا من "بقايا حياة سياسية"، لكن من يرفض تفعيل المجلس التشريعي عبر خطف القانون الأساسي لا يمكنه مطلقا أن يكون حريصا على أي عمل ديمقراطي، فما بالنا وهو لجزء من بعض الوطن، ونتائجه المباشرة تعزيز "سلطة الانفصال"، وتعبيد الطريق لمشروع ليبرمان الشهير..

"الاجراء الديمقراطي" ليس وفقا للمزاج الخاص للحاكم أو الخاطف، بل هو فعل شمولي، وقبله أن يكون بذاته "ديمقراطي، ولا نظن أن حملة الاعتقالات المتسارعة في الضفة المحتلة من قبل أمن حكومة فتح، وبعد "تفاهم أمني خاص" مع مدير المخابرات المركزية الأمريكية، يمثل بعدا ديمقراطيا..

اصرار فتح رئيسا وحكومة على اجراء هذه "المهزلة" له بعد كارثي، وصمت القوى الوطنية أو المشاركة فيها سيكون بمثابة سكب البنزين على نار حرق المشروع الوطني..

قبل فوات الآوان، أوقفوا فضيحة الفصل - الانفصال السياسي بمسماها الجديد "انتخابات محلية في بعض الضفة المحتلة"..

ملاحظة: رب ضارة نافعة كما قال الأقدمون، محاولات الجماعات الإسلاموية المتطرفة اشعال نار فتنة مسلحة في مخيم "عين الحلوة" عادت خيرا على حركة فتح إذ تناسى ابناؤها ما بينهم فتوحدوا بسلاحهم، الذي يريد البعض الجهول تسليمه، لردع العابثين..درس ليت البعض يدرك قيمته..فتح الموحدة حامية المشروع !

تنويه خاص: نواب فرنسيون كسروا الجرة في بلادهم، طالبوا حكومتهم الاعتراف بدولة فلسطين..يا ريت نواب بلادنا يطالبوا قيادة الشعب الاعتراف بتلك الدولة..أكيد إحنا أولى من الغريب ..مش هيك بقولوا!

اخر الأخبار