آخر اسلحة "الردع" الفلسطينية الرسمية!

تابعنا على:   09:18 2017-03-07

كتب حسن عصفور/ منذ أيام ووفد الكونغرس الأميركي يبحث الأماكن المناسبة لتكون مقرا جديدا للسفارة الأمريكية في القدس، وصلت أن نشرت صور لمكان في حي تلبيوت بجوار القنصلية الراهن، بل أن رئيس الوفد السناتور رون دي سانتيس رئيس اللجنة الفرعية لشؤون الأمن القومي التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي، أعلن بدون اي غموض أن الرئيس دونالد ترامب سيوقع على مرسوم النقل في الأول من يونيو ( حزيران) القادم، ولن يحدث اي رد فعل عربي (وبالقطع يحسب ضمنه الفلسطيني) على ذلك القرار، كون العرب يعيشون هلع الخطر الإيراني ومشاكل داخلية مختلفة، حسبما قال..

الموعد الذي أعلنه دي سانتيس هو التاريخ السنوي لتوقيع الرئيس الأمريكي مرسوما رئاسيا بعدم تنفيذ قرار الكونغرس بنقل السفارة، ويبدو أن ترامب لن يقوم بتوقيع المرسوم، وعليه يبدو الأمر وكأنه تنفيذ قرار الكونغرس الأمريكي..

مناورة سياسية لا أكثر، لكنها في الحقيقة أخطر مناورة أمريكية، ليس في قرار النقل فحسب، بل لدرجة الاستخفاف الكامن في تنفيذ ذلك القرار، وما قاله حول رد الفعل العربي، ما يبدو أكثر كارثية من القرار ذاته..

ولأن المسألة تتجه نحو التنفيذ وخلال أشهر عدة لا أكثر، بات من الضرورة أن تعيد الرئاسة الفلسطينية النظر في طريقتها بالتعامل مع القرار المرتقب تنفيذه قريبا جدا، ولم يعد بالامكان الحديث عن احتماليات أخرى، وصلت من هذا الطرف أو ذاك، حيث الحقيقة السياسية هو تنفيذ قرار الكونغرس بنقل السفارة عبر عدم توقيع الرئيس الأمريكي مرسومه الخاص بوقف التنفيذ، ضمن الصلاحيات الدستورية الممنوحة له..

لو أن الرئاسة الفلسطينية تريد التعامل بالجدية الوطنية نحو مخاطر نقل السفارة، فما تمارسه لا يشير مطلقا انها تتجه لـ"مواجهة سياسية حقيقية" مع أمريكا أو غيرها، وأن "كبشة التهديدات" التي أطلقها حامل حقيبة المفاوضات في حركة فتح، صائب عريقات تصبح جزءا من "اسلحة بالية"، مكانها أرشيف دائرة المفاوضات أو مكتب الرئيس محمود عباس..

وعدم الجدية في مسار الرئيس عباس وفريقه للمواجهة الجادة، لخصها مستشاره الجديد للعلاقات الدولية د.نبيل شعث، وبعيدا عن لغة "العواطف" في تصريحه، بالقول أن القدس أغلى علينا من ترامب نفسه، مع أنه تعبير بلا قيمة سياسية حقيقية، فما أعلنه من رد على قرار النقل، بإن" الجانب الفلسطيني أبلغ الولايات المتحدة الأمريكية أن إقدامها على نقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس يلغي دورها في أي عملية سلام"، يمثل قمة السخرية بل والمهزلة السياسية..

بداية، هل حقا يمتلك د.شعث القدرة على الغاء عملية السلام، والرئيس عباس يعلن ليل نهار أنه جاهز للمفاوضات المباشرة مع نتنياهو في أي مكان وزمان، وقبلها هل حقا يمكن أن يوافق الرئيس نفسه على الغاء دور أمريكا، وكيف لنا أن نقرأ مثل هذا التعبير غير المتسق مع مسار الواقع السياسي..وقبلها بساعات كان عريقات يعلن عن اتصالات "متعددة" الأشكال مع امريكا..

ولنفترض، ان الرئيس عباس وفريقه السياسي ومنهم الآن، د.شعث، يرفضون عملية السلام، وسيلغون دور أمريكا فيها، وأن هذا "السلاح الإختراع" حقيقة وليس "كلاما كما الكلام"، هل يمكن اعلام شعب فلسطين كيف يمكن تنفيذ ذلك القول، وما هي سندات تلك الخطة المراد لها مواجهة أمريكا..

هل هناك قرار رئاسي بكسر شوكة الانقسام بخطوة عملية حقيقة الكل يعلمها، ولا تحتاج لأي حوار مضاف، ان يدعو الرئيس عباس وفورا الى لقاء "الإطار القيادي الموحد" للشعب الفلسطيني في مقر الجامعة العربية، ومنه يتم الاعلان عن انتهاء مرحلة السلطة وبدأ مرحلة الدولة، بكل ما لها وعليها من التزامات ضمن سياق المتفق عليه وطنيا، وهذا موقف لن يجرؤ وطني فلسطيني على رفضه، ومن يرفضه يصبح خارج الإجماع، مع إمكانية تحفظ البعض لأسباب مختلفة..

ومن هذا القرار تفتح أبواب قرارات أخرى، اعلان دولة فلسطين وبرلمانها مع صلاحية مؤقتة لانتخاب رئيس الدولة ورئيس البرلمان، وله أن يعتبر قطاع غزة الجزء الخالي من التواجد الاحتلالي وشبه المحرر، قاعدة الانطلاق لاستكمال انهاء احتلال دولة فلسطين وفق قرار الأمم المتحدة، وعليه تكون اقامة رئيس دولة فلسطين المنتخب مدينة غزة..

بالتأكيد، من يريد الرد على قرار ترامب القادم، يبدا حقا في تهيئة الرأي العام الفلسطيني لمواجهة كبرى متعددة الأشكال، وان القادم قد يكون معركة شاملة وقاسية دفاعا عن "الوطنية الفلسطينية الكيان والقضية"، وعليه لا بد من صياغة سياسية جديدة لواجبات ومهام قوات الأمن في الضفة الغربية، بحيث تكون رافعة للفعل المواجه وليس عقبة في طريقه..كما تهيئة القوى لتلك المعركة الحقيقية، وليس بالذهاب الى انتخابات محلية تفتح باب الكارثة السياسية..

الرد على قرار النقل ليس باستنباط أشكال لغوية من التصريحات، باتت أمريكا، وغيرها من دول العالم، وقبلهم جميعا الشعب الفلسطيني، يدرك ان مثل هذه التهديدات اللغة لن تنجب فعلا..

السلاح المخترع الجديد بحرمان أمريكا من رعاية عملية السلام ليس سوى انعكاس لخفة سياسية لا مثيل لها..وبالقطع مثل هكذا كلام هو ما يعنيه عضو الكونغرس بأنهم لا يحسبون حسابا لرد الفعل على قرار النقل..ليتهم يفهمون ويدركون لو كانوا حقا يهتمون لمصير قضية وطن!

ملاحظة وتنويه خاص: مثقفين وساسة وشخصيات عامة تحدثت عن اعدام باسل الأعرج واستشهاده، كما لم تتحدث من قبل، ما قيل عن باسل حزنا وفخرا يكشف عن شخصية كسبت احترام نادر دون ادعاء، ولكن ما يثير التساؤل كيف صمت اتحاد الكتاب عن قول كلمة في شهيد له هذا الرصيد من حب مثقفين ومبدعين..اليس من واجب هذا الاتحاد أن يفخر بهذا الشاب حتى لو لم يكن عضوا في سجلاته..بالمناسبة الشرعية ليست فقط لقبا بل هي ممارسة وعندما تغيب الممارسة تبدأ الشرعية بالتآكل..

اخر الأخبار