سهير زقوت: السماء هي حدود النساء

تابعنا على:   20:37 2017-03-13

أمد/ حوار مع السيدة / سهير زقوت

عاملة في المجال الانساني

كإمرأة من غزة كيف ترين نفسك؟

 أنا ولدت في مخيم الشاطئ ، في مجتمع أغلبه من اللاجئين ، أشعر بأنني انتمي لعموم الناس كيف لا وأنا منهم. نحن سبعة من الأبناء، أبي كان يعمل مدرسا، آمالي في الحياة بسيطة، صعدت السلم درجة درجة ، أظن بتفكيري المتواضع أن السعادة تنبع من الداخل و تكمن في أبسط الأمور ، كأن يبتسم أحد بسببك، أو تسمع مقطوعة موسيقية صغيرة ، أو تستمتع بالمشي بمحاذاة الشاطئ.

أنا ابنة هذا الجيل من الفلسطينيين، الذين حلموا بمكان يتساوى فيه الجميع ويحصل كل من يطالب بحق عليه ويحترم كل حدوده وحدود حرية الأخرين. الجيل الذي شهد الكثير من النزاعات لتستمر الحلقة في الضيق.  الجيل الذي حفر في رمال غزة ليمهد طريقا صلبة يخطو عليها للمستقبل.

ورغم صعوبة الظروف التي أرهقت غزة بعد سنوات من النزاعات والاغلاق وارتفاع نسب البطالة تحملت فيها  المرأة و ما زالت العبء مضاعفاً. حتى أن الأمر تطلب أن تقوم هي ببعض أعمال الحكومة من إيجاد بدائل للكهرباء وغاز الطبخ وشح البضائع في الأسواق، فعليها مثلاً أن تتأقلم مع عدد الساعات الطوال من قطع التيار الكهربائي والتعود على الرجوع إلى المنزل من عملها لتشعل حطباً أو إن حالفها الحظ في أن تجد حفنة من غاز الطبخ لإعداد طعام لأولادها أو أن تنال قسطاً قليلاً من النوم لتصحو بعد منتصف الليل في ساعات وصل الكهرباء لتنهي أعمالاً منزلية أخرى، غسل الملابس وكيها والإعداد لمدارس أبنائها في اليوم التالي.

 أنا احدى بنات هذا الوطن اللواتي بدأن حياتهن بآمال عظام ولم ييأسن، ولم تثنيهن الصعوبات عن الاستمرار . أنت امراة ناجحة في عملك لمن يعود الفضل؟ جميل أن تعمل ما تحب ، ولتكون ناجحا عليك حب ما تفعل ، وأنا أحب عملي جدا وأخلص له، بصفة عامة نساء غزة كلهن ناجحات بطريقة أو بأخرى، لا يضيعن فرصة، تندهش وانت تقابل فلاحة، أو بائعة ، أو صيادة ، السماء هي حدود النساء في هذه البقعة الصغيرة من الأرض، لربما الظروف الصعبة التي عاشتها غزة هي من صنعت من نسائها سبيكة خاصة. خلقت غزة قياديات بالفطرة.

وأقول قيادية تحملت مسئولياتها الأسرية والتعليمية والمشاركة المجتمعية، وأتى كل هذا بطريقة تلقائية دون الحاجة إلى صراع مع الشريك من الجنس الاخر. أحطت في حياتي العملية بزميلات وزملاء كان لدعمهم لي أثر كبير، بعضهم كان يسميني "امراة غزة الحديدية" حتى الذين لم ترق لهم طريقتي في العمل أشعر بالامتنان لهم لأن العقبات كانت بواعث تصميم على النجاح. كيف ترين الرجل؟ شريك .

و أقول أنني محظوظة بأمي و أبي الذي أعتبره معلمي الأول وقدوتي ، الطريقة التي تعامل معنا بها ، الفرص المتساوية التي منحها لي وأخواتي مع أخوتي من الذكور، الثقة التي أولانا اياها ، علمنا كيف نطالب بالحق ، وكيف نحترم حدودنا جيدا ، ثم أكملت المسير مع شريك حياتي الذي دعمني وما زال في خطوات صعبة كان علي تخطيها ، الحياة شراكة وكي تكون شريك يجب أن تكون متساويا.

 ماذا يعني لك العمل الانساني ؟ لطالما آمنت بالناس وأحببت العمل بينهم،  بدأت المشاركة في العمل المجتمعي مذ كنت في السابعة عشرة من عمري ، مقتنعة بأن كل انسان يستطيع احداث تغيير في محيطه الصغير ، لتكتمل الدائرة و نستطيع احداث التغيير الذي نصبو اليه ، العمل في المجال الانساني منحني هذه الفرصة التي قد أساهم من خلاله في احداث تغيير ولو بسيط في حياة أحدهم، أن تكوني امرأة تعمل في المجال الإنساني يعني ألا تمتلكي إلا خيار المضي قدماً، لا مجال للإحباط والقنوط.

يعني ببساطة أن تكوني رمانة الميزان للمحافظة على توازن الأسرة نواة المجتمع. حين يأتيك النداء وأنت تعمل في المجال الإنساني لا تستطيع إلا أن تلبيه، في الأوقات العصيبة كنت أتحاشى النظر في عيني ابني وأنا خارجة في الصباح كي لا أضعف. مجرد تواجدك في الميدان، ينصب تفكيرك على ما يمكن عمله لمن يطلب المساعدة.

حين العودة تحمد الله أن عائلتك ما زالت بخير ويبدأ الجزء الآخر من يومك معهم. أن تعمل في المجال الإنساني، يمكن أن تمر عليك أيام تنسى فيها ذاتك وفقط تفكر في الآخرين: العائلة، الجيران، وتتسع دائرة تفكيرك لتشمل الجميع. أن تعمل في المجال الإنساني يعني أن تقف تماماً على الخط الفاصل بين الحياة والموت.

منقول عن مجلة شبابية"العاشرة"

اخر الأخبار