تقرير خاص .."مجهولو النسب" .. انخفاض واضح في أعدادهم مقارنة بالأعوام السابقة

تابعنا على:   12:26 2017-03-22

أمد/ غزة – خاص - تقرير ترنيم خاطر : كتبت لهم إرادة الله البقاء على قيد الحياة ليدفعوا ثمن جرم لم يرتكبونه، فجمعهم همُ واحد بالرغم من اختلاف أماكن تواجدهم على جوانب الطرقات أو أمام أبواب المساجد أو بمحاذاة جدران المستشفيات، ليواجهوا بذلك مستقبلاً مجهولاً، وتكون "مبرة الرحمة" الملجأ الوحيد لإيوائهم في قطاع غزة.

يقول مؤمن بركات مدير جمعية مبرة الرحمة التي أنشئت عام 1993 :" أن الجمعية تحتضن الأطفال مجهولي النسب منذ استلامهم من الأجهزة الأمنية، حيث توفر لهم كافة احتياجاتهم، وتقدم الرعاية والعناية الصحية والنفسية اللازمة، كما  تقوم بضمهم إلى المدارس الحكومية ومدارس الوكالة لاستكمال تعليمهم، وتساعدهم على اكمال تعليمهم الجامعي إذا رغبوا، وبذلك يصبحوا قادرين على الاعتناء بأنفسهم".

ويؤكد أن عدد الأطفال مجهولي النسب انخفض بشكل واضح مقارنة بالأعوام السابقة، حيث كان أعلى نسبة في عام 1997 – 1998م وبلغت (11) طفل، أما السنوات الأخيرة يصل ما بين 3- 4 أطفال في العام الواحد، بينما كان العدد أكثر من ذلك خلال في فترة الاحتلال الإسرائيلي.

ويوضح بركات لـ "أمد "أن الجمعية تقوم باستخراج شهادة ميلاد رسمية للأطفال مجهولي النسب مع اعطائهم الاسم الأول، على أن تقوم دائرة الأحوال المدنية في وزارة الداخلية بإعطائه باقي الاسم بما لا يتعارض مع اسم أي عائلة من عائلات قطاع غزة".

ويشير أن عدد مجهولي النسب المنضمين إلى مبرة الرحمة منذ نشأتها وصل إلى 150 شخص من مختلف المراحل العمرية، منوهاً إلى أنهم كبروا وتعلموا وتزوجوا وأنجبوا من القاعدة التي تؤكد أنه لا ذنب لهم فيما اقترف أباءهم فهم لديهم كامل الحقوق في مختلف مناحي الحياة وتساءل بركات:" ما الذي يمنعهم من أن يكملوا حياتهم إذا كانوا أصحاب خلق ودين؟؟".

وينوه إلى أن هناك توجهاً من بعض العائلات لمن تنطبق عليهم شروط التبني نحو استقطاب أطفال للتبني من خلال الجمعية، وبموجبه تقوم الجهة المتكفلة برعاية الطفل والاعتناء به، وتقديم كافة الخدمات، وهذا يتفق مع القانون الفلسطيني الذي ينص على حماية ورعاية الأطفال مجهولي النسب وغير الشرعيين من خلال توفير أسر حاضنة لهم ضمن الشروط والمعايير المنصوص عليها في نظام الأسر الحاضنة لسنة 2013.

يذكر أن مواطنون من غزة عثروا في 27 كانون الثاني/يناير على طفل رضيع ملقى ليلاً أمام معهد الأمل لرعاية الأيتام يبلغ من العمر أياماً، ملفوفاً بعدد من الأغطية، من دون أن يجد المارة معه أي أوراق أو متعلقات شخصيّة.

وكذلك عثر مواطنون في 4 شباط/فبراير على طفل رضيع آخر ملقى أمام مسجد في شمال قطاع غزّة، أثناء مغادرتهم الجامع فجراً لأداء صلاة الفجر، كما سُجّلت حالة أخرى لإلقاء رضيع مساء يوم20 شباط/فبراير أمام معهد الأمل لرعاية الأيتام وسط مدينة غزة.

وحول أسباب وجود مثل تلك الحالات يوضح بركات أن قلة الوازع الديني هو الدافع الأساسي لوجود مثل تلك الحالات، وهو ما أكده دكتور ماهر السوسي أستاذ الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية أن فساد الأخلاق، وعدم الخوف من الله تعالى، وسوء التربية، ثم الأوضاع الاقتصادية السيئة، والغزو الفكري المنتشر عبر وسائل التواصل الحديثة الذي يحاول ترسيخ مبدأ الإباحية، والانفتاح، والجري وراء الشهوات وإشباع الغرائز بطرق غير مشروعة كلها أدت إلى وجود تلك الحالات".

ويشير إلى "أن هؤلاء الأشخاص مثلهم مثل باقي أفراد المجتمع، لهم كافة الحقوق وعليهم كافة الواجبات المقررة للأشخاص الآخرين، ولا يجوز لأيٍ كان أن يعتدي على حقوقهم أو يطعن في نسبهم، أو يحرمهم من حقوق المواطنة الصحيحة، التي يستحقها كل أفراد المجتمع".

ويطالب السوسي المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني بتوفير كل الحماية والرعاية لهم، وهذا فرض كالصلاة والصيام والزكاة والحج، فهم غير مسؤولين عما فعل أهليهم، لقول الله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، والقاعدة في الإسلام تنص على شخصية العقوبة، بمعنى أنه لا يعاقب إنسان بذنب إنسان حتى ولو كان أبوه أمه أو ابنه .

من جهتها توضح هيفاء بدوان الاخصائية الاجتماعية أن هذه السلوكيات لا تصنف ضمن الظواهر، بل هي مجرد حالات فردية بسبب سلوك خاطئ كعلاقة غير شرعية أو سفاح أو زنى محرم أو اغتصاب، نتج عنه حمل ومن ثم الاحتفاظ بالحمل إما خوفاً من الإجهاض أو الفضيحة.

وتنوه خلال حديثها لــ" أمد" أن هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى عناية خاصة لدمجهم في المجتمع كباقي الأطفال الذين ينشؤون بين أبويهم، وينعمون بحياة طبيعية من عطف وحنان ومسؤولية اتجاههم واحتوائهم، منوهةً إلى ضرورة تعزيز ثقتهم بأنفسهم فهم لم يرتكبوا جرماً في مجيئهم إلى هذه الحياة بل هم ضحايا لأخطاء آباء غير مسؤولين وغير آهلين. 

وتدعو بدوان الجهات المختصة إلى ضرورة توفير متخصصين لجعلهم أطفال عاديين يعيشون في وضع طبيعي، وتأهيلهم لمواجهة المجتمع الظالم بثقة عالية وشخصيات غير مهزوزة.

اخر الأخبار