قمة عربية شعبية

تابعنا على:   10:38 2017-03-24

جميل النمري

 اقتراح متأخر، لكن لا بأس من تداول الفكرة بمناسبة انعقاد القمة العربية. والاقتراح هو عقد قمة شعبية عربية على هامش القمة الرسمية، فتمتلئ عاصمة الدولة التي تشهد المؤتمر، ليس بقادة الدول ووزرائهم فقط، بل أيضا بقادة الرأي العام والقوى السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني من مختلف الدول العربية، حتى تكون القمة قمة شعوب وليس حكومات فقط، وأتحدث طبعا عن القمم العادية المتوقع مكانها وتاريخها وليس القمم الطارئة.
يحدث هذا على المستوى العالمي بانعقاد قمم شعبية على هامش القمم الرسمية، خصوصا في المؤتمرات المتعلقة بأمور تعني حياة الشعوب مثل الاقتصاد والمناخ، حيث تتداعى القوى والفاعليات غير الرسمية لإسماع صوتها والتأثير على القرارات، بل إن بعض القمم لم تعد تقتصر على تمثيل الحكومات، وتوسعت المشاركة الى ممثلي الهيئات الاجتماعية المحلية والاقليمية ذات العلاقة، فلم يعد الرأي العام ونشطاء الحركات الشعبية يقبلون بانفراد الرسميين بالقرار وتسليم مصير المفاوضات للحكومات ووزرائها، فمن حق ممثلي الهيئات الشعبية، بما فيها الهيئات البرلمانية، أن يلتقوا ويمتحنوا فرص التفاهم وخطوط التلاقي ليواجهوا بها الممثلين الرسميين.
وكذلك الحال بالنسبة للقمة العربية، أعلى وأهم مستوى للقاء دول تنتمي لأمة واحدة ومشروع توحيدي يمثل الطموح الأزلي للشعوب وترمز له المؤسسة الجامعة؛ جامعة الدول العربية التي بقيت، رغم كل الكوارث والانقسامات، عنوان الوحدة والانتماء المشترك، فلماذا يترك الأمر للرسميين فقط ؟ لماذا لا تنعقد بالتزامن والتوازي مع قمة القادة قمة شعبية عربية تضم أضخم عدد من ممثلي القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فتمثل تظاهرة لتلاقي ووحدة الشعوب العربية، وتبحث  نفس مواضيع القمة، بل قد تؤثر على جدول أعمالها وأولوياتها، وتكون عين كل طرف على الآخر، كما تكون عيون الرأي العام والإعلام على الحدثين في آن معا.
والقمة الرسمية، كالعادة، تبقى أسيرة توازنات وتباينات ومصالح وحسابات تنتهي سياسيا ببيان ختامي لا يقول شيئا، وقد يكرر نفس المواقف المملة حول القضية الفلسطينية والجزر الثلاث المحتلة من ايران ..الخ. أما شؤون العمل المشترك فلها مستويات أخرى، وغالبا ما تبقى قرارات القمة الاساسية، مثل السوق المشتركة، شعارات تفصلها عن التنفيذ عقبات وتعقيدات تدوم الى ما لا نهاية. ومع الانقسامات والحروب الأهلية في عدة اقطار فقد تراجع حد الاختفاء الطموح الوحدوي العربي، إنما الشيء المعاكس الذي يمكن التفكير فيه الآن فهو ان الاطار التوحيدي على المستوى الاقليمي، مثل اتحاد المشرق العربي للأردن والعراق وسورية ولبنان وفلسطين، هو الحل لاستيعاب الانقسامات الجديدة داخل كل قطر عربي بإعطائها حقها في الادارة والحكم الذاتي في اطار اتحاد واسع ودولة مركزية.
منذ زمن فقدت القمم العربية بريقها وفقد الرأي العام اهتمامه بها، وهي على كل حال لم تعد حدثا استثنائيا، بل جزء من نظام جامعة الدول العربية، اذ يجتمع مجلسها على مستوى القمة دوريا في كل دولة عربية بالترتيب الأبجدي، وفق قرار قمة عمان في العام 1987. والقمة في النهاية تعكس الواقع العربي وحالة الهمود واندحار الآمال، إنما يبقى مجرد انعقادها رمزا لاستمرار التمسك بالهوية والانتماء المشترك للعروبة  على ما تعانيه من الوهن وتتعرض له من تشظٍ وانقسام.
القمة الشعبية العربية، بالتوازي والتزامن، يمكن أن تنعش الحدث وتعطيه وهجا جديدا وزيادة اهتمام الرأي العام وتركيز الإعلام الذي ينتقل من تغطية رسمية تثير التثاؤب إلى تغطية أكثر إثارة. تنقل الصوت الرسمي والشعبي والسجالات الحقيقية حول الأفكار والمواقف والخلافات كما هي والأفكار البناءة البديلة في كل مجال.

عن الغد الاردنية

اخر الأخبار