إسرائيل تبحث عن عدوان جديد

تابعنا على:   13:01 2017-03-28

غازي مرتجى

(1)

لم يكُن بوارد حماس أو غيرها من فصائل المقاومة استخدام اسرائيل للأسلوب المُستخدم في اغتيال الشهيد "فقها" وسط قطاع غزة , عملية الاغتيال التي أعادت للأذهان طريقة "الموساد" القديمة الجديدة في الانتقام فتحت نافذة جديدة من العمل "الأمني" المعقد وهي رسالة في كل الأحوال لمسؤول حماس الجديد يحيى السنوار . الثابت الوحيد باعتقادي هو عدم مخاطرة الاحتلال بفريق من جيشه للقيام بهذه العملية وإنما سيستخدم عملاء محليين أو دُوليين يمكثون بغزة . تحليل الواقعة والأحداث التي رافقتها نتركها للجهات المختصة لتقول الحقيقة الكامنة خلف تأويلات وتحليلات متعددة .

ما يُشير إلى وأد مخطط الاحتلال -الذي بدأ قبل يومين من حادثة الاغتيال بتدريب مكثف لجنوده على حدود القطاع- أن المقاومة لم تقم بالاستعجال برد الفعل على حادثة الاغتيال , فكانت اسرائيل تنتطر أن يكون الرد "فوريًا" كما كان يوم اغتيال الجعبري , لكن الأسلوب الذي استخدمته حماس في التعامل مع الحدث أسلوب متطور عن السابق . إسرائيل التي تعاني حكومتها من إرهاصات التفسخ والتفكك للائتلاف الحكومي توّد الوصول إلى حالة "الحرب" غير المكلفة لها وتعمل على استفزاز المقاومة بغزة بكل الأساليب والطرق لتظهر أمام الرأي العام الدولي وكأنها لم تبدأ العدوان . هذه "الحسابات" الصغيرة لا تحتاج سوى شرارة واحدة لتصبح قيد التنفيذ باعتقادي أنّ اسرائيل ستستغل أي تصرف غير محسوب "كاطلاق السلفيين لصواريخ" لتتخذه ذريعة لبدء عدوان آخر على القطاع حتى لا تنتظر لحظة "المفاجأة" التي تستعد لها بعد عملية اغتيال "فقها".

لطالما تحدثنا سابقًا عن خطورة النقل والترجمة عن الاعلام الاسرائيلي وقال لي يومها الأستاذ توفيق أبو شومر أن هذه الثقافة الرافضة لما ينشره الاعلام العبري يجب أن تعم لكنه أردف أنّ "أرزاق" كثير من وسائل الاعلام المحلية ستُقطع إن تم وقف الترجمة . إسرائيل ليس لديها إعلام يعتمد على نظرية رد الفعل أو كشف المستور وإنما إعلام يعرف ما يريد توجيهه لداخلها من جهة ويعتمد على "المُترجمين" لتوجيه رسائله "لداخلنا" من جهة أخرى . تستغل بالعادة وسائل الاعلام الاسرائيلية أي حدث فلسطيني لتصب زيت الفتنة على النار وتتناقل أطراف الانقسام الزيت الاسرائيلي دون التفكير به بما يخدم مصلحة كل طرف بتأكيد روايته الحزبية ذات الاتجاه الواحد . يُعيد قرار نائب عام غزة بحظر النشر والنقل عن الاعلام العبري لقضية اغتيال "فقها" هذه الإشكالية الى الواجهة مرة أخرى فقرار وقف النقل عن الإعلام العبري يجب أن لا يكون مخصصًا لحدث أو موقف وإنما يجب سن قانون يحظر النقل عن الاعلام العبري بشكل كامل وهذا يتطلب موقفًا من نقابة الصحفيين الفلسطينيين والجهات المُمثلة للمؤسسات الصحفية الفلسطينية فأساس الحظر يجب أن يكون "أخلاقيات وضمير العمل الصحفي" لا قرار محكمة أو نيابة .

(2)

شهر ابريل الذي يبدأ بـ"كذبة" سيتخلله عدة أحداث هامة ستضع القضية الفلسطينية على سلم أولويات المجتمع الدولي من جديد . فرئيس القمة العربية الملك عبدالله سيتوجّه للقاء الرئيس الأمريكي ترامب يسبقه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يلي الاثنين الرئيس الفلسطيني محمود عباس . هذه اللقاءات التي ستتمخض عنها بالتأكيد مبادرة عملية جديدة لإرغام اسرائيل على الانصياع لقرارات المجتمع الدولي لكنها ستكون محفوفة بمخاطر الهروب الإسرائيلي الذي اعتدنا عليه . فحكومة اليمين قاب قوسين من التفكك وإسرائيل التي تستفز جبهاتها الثلاث "سوريا – لبنان و غزة" تُحاول الهروب للأمام من خلال شن عدوان جديد وتحقيق إنجازات تُفضي إلى هدفين الأول والرئيسي هو زيادة "نقاط" في المنافسة المرتقبة في الانتخابات الاسرائيلية والثانية هي الهروب من ضغط المجتمع الدولي المتوقع .

الاحتلال الذي يستخدم دومًا "الدم العربي" كدعاية انتخابية بدأت مؤخرًا في "لايف فيسبوك" لوزير الحرب الاسرائيي ليبرمان عندما أطلق تهديداته مُجددًا باغتيال نائب رئيس حماس ورئيسها المتوقع اسماعيل هنية – الاحتلال متردد في شن عدوانه هذه المرة على غزة المُنهكة أم حزب الله المنشغل بحرب العصابات في سوريا . هذه الحكومة اليمينية تتطلع دومًا للعدوان وتسعى له وستستمر بذلك . من المتوقع أن تزيد اسرائيل من هجومها الوحشي ضد الضفة الفلسطينية سواء بتسارع البناء في المستوطنات أو استمرار مجازر القتل التي باتت شبه يومية . هذا الانفلات الاسرائيلي المستمر يجب أن يُواجه بوحدة فلسطينية باتت مطلبًا مُلحّا في الآونة الأخيرة . فحماس المُستهدفة تحتاج لغطاء سياسي وكذا الغطاء السياسي "الرئيس أبو مازن" يحتاج لوحدة مع حماس لتشكيل لوبي ضغط على المجتمع الدولي وكذا العربي للاسراع بخطوات الضغط على الاحتلال لتمكين إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 .

(3)

فتح التي تُنافس نفسها في الانتخابات البلدية لا تزال غير جاهزة حتى الآن لخوض غمار المنافسة التي أقرتها الحكومة بداية مايو المقبل . هذه الانتخابات التي أُجلت بقرار محكمة عدل عليا نهاية العام الماضي أعطت الفرصة لفتح للتجهيز والإعداد لها خاصة بعد انتهاء عقد المؤتمر السابع . لكن وحتى اللحظة لا تزال بعض الأقطاب في فتح تُطالب بتأجيل أو إلغاء الانتخابات رغم أن المنافس للحركة في الشارع هي فتح نفسها .

"فشل" فتح وأطرها في الإعداد والاستعداد لهذه الانتخابات بالصورة المطلوبة يجب أن يُواجه بقرار جريء من رئيس الحركة بتغيير كل المفاصل القاعدية التي لم تتمكن من تجهيز نفسها خلال ما يقرب العام من إقرار إجراء الانتخابات منتصف العام الماضي .

كانت في الموعد السابق تتحدث "فتح" عن عدم تجديد دمائها منذ المؤتمر السادس فأُجريت الانتخابات الداخلية واختارت الحركة مركزية وثوري جديدين وعلى الرغم من عدم اكتمال النصاب في المجلسين (الاضافات والتكليف) إلا أنّ هذه المجالس الجديدة ستكون أمام أول "اختبار" حقيقي في الانتخابات البلدية وهي باعتقادي "أصعب" من منافسة حزبية فعلى الأقل ستكون القوائم في ميزان كفاءة الاختيار وأهليته مقابل قوائم أخرى ستتشكل بشكل تلقائي إما لعدم إدراجها في قوائم فتح الرسمية أو لكونها مقبولة شعبيًا وتحمل ثقل "تنظيم" كامل !.

في الحديث عن الانتخابات المحلية فهي فرصة جديّة لضخ الديمقراطية للدم الفلسطيني من جديد واستمرار مقاطعة الجبهة الشعبية لهذا العرس الديمقراطي يجعل الاحتفال بعودة الديمقراطية منقوصًا , فكما توجهت الوفود والشخصيات لقطاع غزة لإقناع "حركة حماس" بضرورة السماح بإجراء الانتخابات بغزة (وفشلت) يجب أن تتوحه الشخصيات والوفود لإقناع الشعبية بالعدول عن قرار مقاطعتها فهي التنظيم الثاني من فصائل منظمة التحرير .

(4)

أصدرت اللجنة المُكلفة من رئيس الوزراء تقريرها الخاص بأحداث المحاكم وبيت لحم , التقرير الذي لو كُتب من لجنة مُعارضة لكان أخف حدّة من التقرير الذي تسلمته الحكومة سيُسجل كسابقة في العمل القانوني واحترام الشارع .

التقرير الذي حمل توصيات "سحرية" يجب أن يتم تنفيذها وإلا سيكون الشارع على تضاد دائم مع أي لجنة ستُشكل مستقبلًا . والأهم من هذا التقرير هو التقرير الذي سيصدر خلال يومين عن أحداث نابلس ومقتل "أبو العز حلاوة" وضرورة أن يكون على مستوى قانوني –شعبي وواقعي بحيثياته وتوصياته .

لقد شرحت اللجنة حيثيات تظاهرة "المحاكم" التي لو تعاملت محكمة الصلح برام الله بـ"روح القانون" لما تشكلّت اللجنة من الأساس , فمحاكمة أسرى وشهيد استفزّت المشاعر الشعبية على الرغم من قانونية "الإجراء" إلاّ أن هذه الاجراءات الشكلية كان من المُمكن تجاوزها خاصة أننا شعب الاستثناءات

اخر الأخبار