إحياء الذكرى السنوية ال41 ليوم " الارض " .. باستنهاض الطاقات و شحذ الهمم

تابعنا على:   14:49 2017-03-30

نبيل دياب

لا يعرف  قيمتها  و حقيقة  تعطشه  لها  فهي مسلوبة منه عنوة  الا نحن الفلسطينيون الذين سلب الاحتلال وطننا و صادر أرضنا و اقتلعنا منها فتسبب بمعاناتنا و تشريدنا و ضياعنا .. انه الاقتلاع القسري و الطرد الاجباري الذي مارسته حكومات اسرائيل المتعاقبة منذ أن وطأت قدمها المحتلة أرضنا و أفقدنا حريتنا و استقلالنا ،،، الاقتلاع من الارض التي تشكل الهوية و الكيانية للشخصية الفلسطينية نازعنا الاحتلال عليها ليسلبها و يحاول طمس معالم تجذرنا بها في تنكر علني لحقنا المغروس في اعماقها فبات التمسك بها هو الخيار الوحيد امامنا رغم التضحيات الجسام التي قدمها  شعبنا الفلسطيني من شهداء بالألاف و الاسرى و الجرحى  و المشردين في المنافي و الشتات .

و لقد شكّل يوم الثلاثين من مارس عام 1976 نموذجا عظيما لهذه البسالة و التضحية التي ذاد بها شهداء يوم الارض الخالدون  " خير أحمد ياسين ، خديجة قاسم شواهنة ، رجا حسن أبو ريا ، خضر عيد خلايلة ، محسن حسن طه و رأفت علي زهدي "  في " سخنين " الفلسطينية الوجه و الهوية بدمائهم خضبوا ترابها و لم يقبلوا الاقتلاع فتمسكت بها أرواحهم بعد ان قتلت رصاصات المجرم المحتل اجسادهم الطاهرة .. فأصبحوا هؤلاء الشهداء شهداء يوم الارض الخالد عنوانا يجدد فينا التشبث بأرضنا و عدم التنازل عنها فهي سر بقائنا و امتداد اجيالنا الحالمة بالعودة و الحرية و الاستقلال ، و علينا ان ندرك حقيقة ان لولا الفكر الوطني المشتعل في وجدان الشرفاء الوطنيين آنذاك و المخزون الكفاحي المتقدة نيرانه في صدورهم لضاعت الارض  و دفنت رواية من سلبها دون تعرية وجهه ،  كيف لا و قد صدح  صوت الوطني الصنديد الراحل توفيق زيّاد  " كأننا عشرون مستحيل في اللد في الرملة في الجليل ... " و معه لفيف من المناضلين الوطنيين ليعبئ الجماهير و يشحذ فيهم الهمم  ليهبّوا للدفاع عنها و يتصدوا بعزيمة و اصرار لكل من يحاول نهبها و مصادرتها فاعلنوا وقتها اضرابا شاملا كنوع من الرفض المطلق لعنجهية الاحتلال و سطوته على اراضينا و طرد اهلها و مصادرتها بحجج و ذرائع واهية و ما ان تم الاعلان عن هذا الاضراب و قد لبت الجماهير العنيدة هذا النداء الوطني رافضة الخضوع للذل و الاستبداد  و لم يرهبها البطش و القتل و التنكيل .

  و من هنا لابد و ان نستخلص العبرة و الدروس من تجربة يوم الارض الخالد كيف  تمكن الوطنيون من قيادة الجماهير ليستبسلوا في الدفاع عن ارضهم  و يرفضوا و بكل جرأة مصادرتها و سلبها و نهبها ... انها هي هذه المعادلة الوطنية التي لابد من اعادة استحضارها و  اعتمادها  في نهجنا الكفاحي لمقاومة الاحتلال الجاثم على صدر ارضنا و يحرمنا من  بسط سيادتنا الوطنية عليها ، معادلة تجيد من خلالها القيادة الوطنية اعادة الاعتبار للعمل الكفاحي و تعزز الثقة المفقودة لدى الجماهير العريضة الرافضة للذل و الهوان و كذلك تجيد بحنكة كبيرة كيفية الاستفادة من طاقاتها و ابداعاتها الخلاقة في مقارعة الاحتلال و معالجة كل الاسباب التي ادت الى اختزال دورها و الانتقاص منه ، فلا يمكن ان نسترد أرضنا المسلوبة دون ان تتضح المسافة  و تكون حقيقة  مفهومة بين الجماهير المستعدة للبذل و التضحية و العطاء و ما بين قيادة وطنية تعقد العزم مجددا على الخلاص من الاحتلال و تقرر اجتثاث جذروه الخبيثة الملتفة على جذور زيتوننا و برتقالنا و ليموننا ، قيادة وطنية تدرك أهمية التلاحم ما بينها و ما بين الجماهير لا فجوات بينهما تواصل بهم و معهم مسيرة تحرير الارض و الانسان بقناعة و مبدأية راسخة قيادة وطنية تلتصق بهم و تنحاز لمطالبهم و تدافع عن حقوقهم و تصونها و تصون كرامتهم الانسانية و الوطنية بالتوازي مع غرس القيم الوطنية المثلى في عقول و أذهان أجيالنا بأن لا سيادة دون استرداد الارض و حماية الكرامة لتصبح  ثقافة الانتماء و الدفاع عن الارض سائدة  في حياتنا سلوكا و نهجا يتعزز من خلاله الارتباط الجدلي بين المواطن و أرضه لتظل علاقة أبدية لا تفصلها جغرافية سياسية مختلقة ... ثقافة تعزز أبجديات البقاء عليها و الدفاع عنها بكل بسالة و شجاعة و ادراك لا متناهي لأهمية المحافظة عليها و التشبث بها مهما بلغت التضحيات ، و هذا يتطلب جهود مضنية و متكاثفة في توفير المقومات الاساسية لصمود أصحابها ، فمثلما دافع عنها الرجال و النساء جنبا الى جنب فمن حقهم العيش بحرية و كرامة عليها ليشيدوا مستقبلا زاهرا واعدا لهم و لأجيالهم المتعاقبة و الوفاء لشهداء يوم الارض الخالدون لا يتأتى الا من خلال استنهاضا جادا و شحذا حقيقيا للهمم حتى يتحقق تحريرها و طرد محتليها .

– القيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

اخر الأخبار