كادوك الاقتصاد !

تابعنا على:   18:09 2017-03-30

حسن عطا الرضيع

قد يتساءل البعض عن مصطلح كادوك الاقتصاد, والذي يعني تقادمه وشيخوخته وعدم قدرته على التجديد والاستمرارية وتحقيق أقصى المنافع والمكاسب المجتمعية لأرجاء المعمورة والتي جاء لتحقيقه واستدامة حصول الناس على الخيرات المادية , وهل يمكن القول أن هناك تقادم وشيخوخة للنظريات الاقتصادية المتنوعة والتي عفى الزمن عن بعضها وشرب, لا يختلف بنيان وهياكل الاقتصاد ومراحل تطور الإنسان , فالاقتصاد كنموذج أشمل هو عبارة عن صورة مكبرة للتعارض في الأهداف للإنسان , إذ ان كليهما يمروا بمراحل متعددة , ومن تلك المراحل أن يكون هناك سياسات اقتصادية ونظريات قد وصلت إلى مرحلة غاية في التعقيد والشيخوخة, وتقادماً في الأداء , أي سياسات هرمة وبلغت من الشيب عتياً, من تلك النظريات والتي لا زالت تُعتبر سنن الرأسمالية الكونية, فقوانين المنافسة التامة وسريان مفعول النمو الاقتصادي والتطور المالي_ الذي يؤدي إلى عدالة في توزيع الدخل والثروة _ هي قضايا تُعتبر نظرياً صالحة للتدريس الأكاديمي , وعملياً فهي غير موجودة فقد توفاها الله قبل ميلادها, وألجمها رأس المال الربوي والمالي في مهدها؛ اقتصاد الرأسمالية المتقدمة باتت تشكل اقتصاداً كادوكياً, وهشاً من ناحية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستديمة, كادوكاً بسبب عدم قدرته على شق الطرق وحفر الخنادق داخل المدن وردمها ( لمكافحة عديد العاطلين عن العمل والفقراء الجدد الذين يتزايدون مع مرور الوقت, مع ازدياد الثروة العالمية بشكل مضاعف والاستحواذ للعشر الأثري في العالم), كادوكاً لجهة عدم قدرته على البناء والتجديد كونه بات عجوزاً وهشاً, إذ تكمن الأسباب الرئيسية في كدوكة الاقتصاد هو " نظرية تخصيص المنافع وتعميم الخسائر", بمعنى أن الاقتصاد أصبح كادوكاً لجهة أن الشعب لا يعمل وأن المصانع الوطنية لا تشغل عمالة ولا تجلب النقد الأجنبي " الدولار" والذي يتم اصداره بشكل عشوائي وبقوة الجيش الأمريكي دون أي غطاء إنتاجي, كادوكاً لأن هناك تراجع في الدور النشط للدولة في دعم قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي, كادوكاً لجهة تزايد المضاربات والمقامرة في الأسواق على حساب قيم الإنتاج والتنوير , وإنشاء المصانع والمزارع بدلاً من التلاعب في شراء أطنان من السمك بالشواطئ وثمراً متوقع في المستقبل, كادوكاً لأن هناك تنامي للثروة الافتراضية " حصاد نشاط الكازينو" على حساب نشاط الاقتصاد الحقيقي, كادوكاً لأن هناك 700 تريليون دولار قيمة الثروة الافتراضية, مقابل ما يقارب 70 تريليون دولار إجمالي ما ينتجه 7.4 مليار نسمة في شتى ارجاء المعمورة, كادوك لأن 10 أضعاف الناتج العالمي لا زال يقع في خانة المقامرة وينتظرها صفعة من الفقاعات السعرية, كادوكاً لأن تلاشي الثروات والتوظيفات المالية تكون بسرعة ذوبان الحلوى الهشة " غزل البنات", كادوكاً هشاً نخر السوس في أكتافه وأضلاعه وبات غير قادر على تناول الحلوى الهشة لعدم وجود أسنان, كادوكاً لأنه بات ضعيفاً عاجزاً عن مجابهة أبو الشرور " عوزا" , كادوكاً لأنه قد خضع بقوة وانصاع لرأسمالي واقتصادي الكسور العشرية, كادوكاً قد ارتهن بكل قراراته وسياساته لمجالس القوى في إدارة الاقتصاد العالمي , وقوى (الربع , النصف, الواحد) بالمائة, كادوكاً لأنه لم يستطيع تفسير كيف يُمول الفقراء الأغنياء والأثرياء, كيف يمول مجتمع 99% من أرجاء المعمورة مجتمع أل 1%, كادوكاً لأنه هناك 10% هم الأغنى في الولايات المتحدة الأمريكية يستحوذون على 75% من مجمل الثروة , كادوكاً لأن هناك 10% هم الفئة الاغنى في مصر يستحوذون على 72.5% من مجمل الثروة للمجتمع المصري الذي يتكون من 14 مليون شخص ينامون يومياً بدون عشاء, مع ارتفاع في أسعار الأرز والسكر والسلع الغذائية بنسبة 100% خلال الشهور الثلاثة الأولى من تعويم الجنيه مقابل الدولار كأحد شروط صندوق النقد الدولي لتقديم القروض لمصر للاستمرار في منع انهيار كادوك اقتصاد الكازينو .

كادوكاً لأن معدل العائد المالي يفوق معدل العائد الحقيقي.

كادوكاً لان عائد الثروة المالية ( نشاط المضاربات والمقامرة في أسواق المال_ الكازينو), يفوق العائد المتوقع لإنشاء وتشغيل المصانع والتي توفر فرص العمل.

كادوكاً لان هناك اشتداد لأوصال ومفاصل المثلث النجس واستمراره في خلق النقمة للشعوب خصوصاً النامية منها, ذاك المثلث ( الاحتكار والفساد, سيادة سعر الفائدة, وغياب الدور الحكومي النشط في الاقتصاد).

كادوكاً لان الدول الرأسمالية المتقدمة تستورد العقول الثمينة ورؤوس الأموال , ويصدرون التلوث,

كادوكاً لأن هناك ديمومة للنقل العكسي للموارد من الدول الفقيرة إلى الدول المتقدمة

يتم نقل رؤوس الأموال والعقول من بلاد الحلوى الهشة, ويتم الحصول في المقابل على التلوث البيئي عبر التنقيب واستخراج المعادن والانتاج الصناعي كمكافأة لهم.

كادوكاً لأن هناك سيادة للحقيقة والتي تشير إلى وجود انفصال حاد بين رأس المال النقدي والمالي وبين رأس المال الحقيقي الإنتاجي , كادوكاً لأن القيمة السوقية لشركة أرامكو السعودية 10 تريليون دولار , في حين يبلغ سعر احتياطي المملكة من النفط حوالي 13 تريليون دولار.

كادوكاً لأن هناك مقابل ثراء شخص واحد افتقار عشرة أخرون , كادوكاً لان هناك سيادة للثروة على حساب الكفاءة والإنتاج, كادوكاً لان هناك سيادة لقيم الحروب والخراب والدمار واستنزاف وسرقة الشعوب لتحقيق عوائد أكبر للشركات العالمية المتنفذة في الاقتصاد العالمي.

كادوكاً لأن هناك أزمة فيض إنتاج , وللتخلص من التراجع في متوسط الربح على المدى البعيد, يتم الاستعانة بمهندسي الكوارث والصدمات ومهندسي النزاعات والصراعات الداخلية للعمل على ديمومة الدولار الورقي كما يحدث الان في الشرق الأوسط.

اخر الأخبار