فوبيا مودا

تابعنا على:   10:45 2017-05-05

ريم الميع

تابعت اللقاء الممتع والشيق مع رائدة المطالبات بحقوق المرأة لولوة القطامي أطال الله في عمرها، وعلى الرغم من ثرائه تاريخياً بالحديث عن شخصيات مثل جميلة بوحريد وأم كلثوم وفاتن حمامة ونجاة الصغيرة إلا أن أكثر جملة علقت بذهني مما قالت: «ما عندي فوبيا مودا وسواء لبست من شانيل أو من ماركس اند سبنسر لا يتغير فيني شيء فالمسألة مسألة ذوق».

وذكر ماركس اند سبنسر تحديداً ذكرني بالحملة الفاشنية من «الفاشن» وليس «الفاشية»، وإن لم تبتعد عنها تلك التي تعرضت لها النائب صفاء الهاشم عندما خاضت الانتخابات ممثلة للفريق الأزرق، وتصدت لها الناشطة في الفريق البرتقالي رانيا السعد في أيام البنفسج أي انقسام المجتمع الكويتي بين لونين، المهم ان الانتقاد الذي تعرضت له أنها ترتدي ثيابا من ماركس اند سبنسر لدى فوزها في حين كان يجدر بها ان ترتدي ثيابها من سيلين.

وكنت لا أعرف من قبل ما الذي يميز من يرتدي «سيلين» أو «شانيل» عن «ماركس اند سبنسر» أو «زارا»، إن لم يكن الغالب في مجتمع لا تميز فقيره عن غنيه من مقتنياتهم، إلا أن لولوة القطامي شخصت الحالة، ووصفت المرض، وإن لم تضع له وصفة لعلاجه لأنها باختصار لم تصب به وهو «الفوبيا مودا»، وربما هي حالة هلع أو وسواس قهري من عدم مواكبة دور الأزياء العالمية، والتحول إلى واجهات عرض لبضائعها بنمط استهلاكي موحد لا تميز فيه متفابية على وزن متصابية من أخرى لتشابههما من قمة رأسيهما حتى أخمص قدميهما.

أصبح السؤال عن ماركة الثياب والأحذية والشنط يشبه السؤال عن النسب: من ولده ؟ والمقصود «حتة جزمة» محلها أن توضع في الأقدام لتدوس أسفلت شارع بصق في وجهه السائق!

واستفحلت الحالة بحيث تعدت الأسئلة هوية النسب للماركات العالمية بل وصلت إلى تاريخ صلاحيتها المحددة بـ«سيزون» معين يشبه النظرة نفسها، والمحدودة أيضا للمركبات وتاريخ تصنيعها، وإن كانت موديل العام أم موديل السنة...

المشكلة إن المصابات بمرض أو متلازمة «الفوبيا مودا» بعيدات كل البعد عن الأناقة، وبعضهن إن لم يكن معظمهن غير مقتدرات أو قادرات على الصرف على هذا المرض، الذي لو شفين منه لكان أوفر لهن اقتصاديا...

لولوة القطامي المعروفة بأناقتها وثرائها أيضاً قالت في حديثها إن «والدها صرف على تعليمها من جيبه وهي لن تصرف على ثيابها ما في جيبها ما لم يرق لها»، ومع ما عرفت بأناقتها إلا أننا نجد حولنا من يركب أفخم السيارات، ويسكن في شقة بالإيجار، أو يحمل حقيبة يعادل ثمنها راتبه كاملاً لثلاثة أشهر، ولا تحتاج ضائقته المالية إلى خيال خصب لتصورها إن تصورنا أن صفاء الهاشم وهي أيقونة للأناقة لا تخجل من ارتداء «ماركس اند سبنسر» وترد على منتقديها بارتداء ثياب أخرى من نفس المتجر الذي يعايرونها برخصه فهل نخجل من مرضنا ونبدأ في علاجه شافانا الله وإياكم من «الفوبيا مودا»؟

عن الرأي الكويتية

اخر الأخبار