درس "بوتين" في الوفاء..لمن فاته ذلك!

التلميد الرئيس والمعلم

التلميد الرئيس والمعلم

تابعنا على:   10:25 2017-05-10

كتب حسن عصفور/ بعيدا عن ملاحقة الأحداث السياسية الراهنة، ما كان منها وما سيكون، ودون البحث في سجل "وكسات" أولي الحكم في "بقايا الوطن" شمالا وجنوبا ودولة الكيان حارسهم، وسعادة البعض منهم بالحصول على شهادة "الإيزو" في خدمة الأمن الأمريكي بدرجة ناطور ومخبر"، تعيد للذاكرة أمثال أنطوان لحد ذاك الجنرال الذي أصبح "رمزا للخسة السياسية والنذالة في حراسة أمن العدو"..وآخر يبحث موعدا" بعد "تغيير جلده" ليرضى عنه حارس البيت الأبيض!

بعيدا عن ذاك وكل ملحقاته، قدم الرئيس الروسي فلاديمر بوتين "درسا فريدا" في القيمة الانسانية التي باتت أعز على الذات من أي قيمة إنسانية، لندرتها وأحيانا ذهابها في دهاليز الشخصنة والحقد، ففي ذكرى النصر على الفاشية، في الحرب الوطنية العظمى، كما يحلو لشعوب روسيا وقبلها السوفيتية ومعهم أحرار العالم، بزيارة الى  مسؤوله السابق في االمخابرات السوفيتية (كي بي جي) لازار ماتفييف، عندما كان مسؤولا عن محطة المخابرات في ألمانيا الديمقراطية (الشرقية) قبل أن تذهب الى الغربية بفعل فاعل سياسي كوني..

زيارة بوتين لمعلمه، كانت أحد اهم أبرز أحداث الاحتفال بيوم النصر، زيارة حملت ملامح انسانية، جسدتها تلك اللحظة المصورة عندما دخل الرئيس الروسي، الذي بات النجم السياسي الأول عالميا، ومحطة زوار قادة العالم، وأحال موسكو الى قبلة سياسية، وكأن روح الشرق تزحف بعيدا عن الضجة والضوضاء الغربية..

هدية بوتين فوق المفاجأة ذاتها، كانت ساعة رئاسية، وتلك قد لا تكون "حدثا"، بذاته، لكن الأهم هو أن يقوم بوتين بحمل نسخة مؤرشفة لأول عدد صدر من الجريدة السوفيتية القديمة "برافدا" – الحقيقة – عام 1927، وهو عام ميلاد المعلم ماتفييف..

هدية قد تفوق كل أنواع الهدايا التي يبحث عنها البعض في أسواق مختلفة، أول عدد من الجريدة التي جسدت تطور الثورة والوطن السوفيتي وكانت معبرا عن "الحقيقة الثورية" التي غيرت وجه العالم، قبل حدوث المؤامرة الكبرى، هدية تفوق كثيرا رمزيتها في سنة الاصدار والتوافق مع عيد ميلاد "المعلم لازار"، رسالة تبدو وكأنها عهد من التلميذ للإستاذ أن "الحقيقة الروسية" لن تذهب بعد اليوم..

ربما يعتقد من لا يملكون تلك السمة الانسانية "الوفاء"، ولا يعلمون عنها لأنها لم تكن جزءا من ثقافتهم، أن تلك زيارة تلفزيونية لا أكثر، ولو كان الأمر كذلك لأرسل الرئيس الذي بات الأعظم بين الرؤوساء باعتراف وسائل اعلام الغرب قبل الشرق، ان يرسل سيارة رئاسية لتحضر "المعلم لازار" الى الكرملين مقر الرئاسة الروسية، ويحدث تكريما يليق به، بل ووسط صخب وأجواء "من الفخامة" تفوق كثيرا زيارة منزل الجنرال العجوز الذي بلغ الـ90 عاما..

لكن القيمة الحقة، جسدتها صورة اللهفة التي رسمت على محيا المعلم العجوز وهو يرى تلميذه الرئيس يدخل باب المنزل..صورة تستحق أن تكون صورة "الوفاء الانساني"..العجوز يضع يديه فوق رأسه التي غاب عنها الشعر وهو يرى "التلميذ الرئيس" بثيابه العادية جدا حاضرا أمامه في بيته..دهشة فرحة طفولية تمنح الانسان أي انسان ما دام به تلك الصفة شعورا انسانيا يعيد للحياة معناها الحقيقي، وقبل كل هذا قيمة العمل من أجل الوطن، دون بحث عن "إمتيازات خاصة شخصية وعائلية"..

درس بوتين في الوفاء نحو المعلم الأهم له في مسيرته المهنية، التي منها بات أعظم رؤوساء الكون تستحق كل تقدير وقبل ذلك درسا لمن لا يكتفي بعدم معرفته تلك السمة بل يقوم بنقضيها خسة سياسية وانسانية..ويبذل كل جهد ممكن وبأي وسيلة كانت لمحو أي نص لصانع مجد يطفو على من لا يملكه ولن يملكه، بل مصيره شخصا وتاريخا وعائلة أكثر سوادا مما يعتقد هؤلاء الخسيسين..

وقبل الختام ففكرة المقال جاءت عبر اتصال مع الصديق العزيز جدا، زياد النخالة نائب الأمين العام لحركة الجهاد بعد أن قرأ التقرير، قال أنه درس في الوفاء بات مفقودا في بلادنا ..

عفكرة زياد وكذا د.رمضان شلح ومعهم د.موسى ابو مرزوق وآخرين وهم من فصائل تختلف فكريا وسياسيا معي وعني، بل تصل الى حد التناقض الناري، تحكمنا علاقة انسانية لا تضع للتناقض الفكري والسياسي جدارا..

ملاحظة: كان الأولى بالرئيس محمود عباس أن يصحب وفدا من عائلات اسرى الحرية ليكون ضمن وفد مستقبلي الرئيس الألماني بدلا من أن يرسل لهم "هراوات أمنه"..رسالة يبدو أنها لترامب قبل الحضور أن طلباتك "أوامر" يا باشا!

تنويه خاص: شركة "بيتزا هت" العالمية أجبرت أن تعتذر للشعب الفلسطيني وللقائد مروان البرغوثي على اساءة فرعها في دولة الكيان..الاعتذار تم دون تدخل عباس وأجهزته وهذه "فعلة طيبة" أنه لم يحتج على "الاساءة"..راحت عليه لينسب له "إنجازا حقيقيا" مش اختراع  انجاز!

بوتين -  لازار ماتفييف

اخر الأخبار