المملكة العربية "السلمانية"!

تابعنا على:   12:43 2017-05-22

علاء الغطريفي

قال دونالد ترامب إنه لو انتُخب رئيسا للولايات المتحدة فسيصلح واشنطن ويُسيِّر الأمة الأمريكية على غرار مشروع تجارى، لم يكن الرئيس الشعبوى يبالغ عندما أطلق تصريحاته تلك، فقطعا عندما تشاهده يجلس بجوار الملك السعودى يوقع على اتفاقيات بـ460 مليار دولار لصالح بلاده، هنا سنسأل عن الأثمان، وإن خفى بعضها فإنّ أوضحها هو أن يسير الأمير الصاعد محمد بن سلمان نحو العرش بخطى ثابتة.

بالتأكيد أغفل الملك السعودى- وفق حسابات السياسة- تغريدات ترامب المثيرة للجدل بشأن الرياض: «على السعودية أن تدفع»، وهو ما بدا فى الكرنفال، الذى تجاوز التقاليد التى تحكم المملكة الوهابية، فالسعى إلى تمكين الابن كهدف تجاور مع أهداف أخرى، لكنها فى النهاية تصب فى صالح تثبيت آل سلمان على العرش.

فالاتفاقات التى جرى التوقيع عليها صنعها ولى ولى العهد قبل شهرين عندما التقى بـ«ترامب»، كأول مسؤول خليجى يزور واشنطن، وعلى مائدة الغداء فى البيت الأبيض رُسمت ملامح الاتفاق، ووعدت المملكة بأن تعطى كل شىء للأمريكيين مقابل حصار إيران وقيادة الرياض للمنطقة ودعم حربها فى اليمن واتخاذ خطوات أكثر جدية فى الملف السورى واستمرار الحرب ضد داعش، فى حين يهرب ترامب من أزماته فى الداخل ويفى بوعوده لصالح الشركات الأمريكية ويغازل مواطنيه بفرص عمل سيكون السعوديون مسؤولين عنها بضخ استثمارات فى مجال البنية التحتية فى الولايات المتحدة بقيمة 45 مليار دولار.

الأمير الصغير يقترب من العرش برعاية أمريكية، فحتى لقاء ترامب مع محمد بن نايف لدى وصوله الرياض يشير إلى حرص بروتوكولى أكثر منه تعبيرا عن التحاور مع الخليفة المحتمل للعرش السعودى، رغم إعجاب واشنطن بشخصية الأمير «بن نايف»، بوصفه أحد محاربى الإرهاب، وإن كانت الاحتمالات مفتوحة فى مستقبل الصراع على السلطة.

يجرى تسويق الأمير ذى الـ31 عاما على أنه يقود الجهود مع الدولة الأهم فى العالم ويحاصر تبعات قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» «جاستا» ضد المملكة، ويقدم نفسه للرأى العام فى صورة المصلح الاقتصادى والمنقذ لبلاده من انتهاء عصر النفط «رؤية 2030»، وتعاونه فى الأمر سياسات والده، التى توَّجتها مراسيمه فى إبريل الماضى، وجاء على رأسها وجود نجله الأصغر سنا فى العاصمة الأمريكية سفيرا لبلاده، بما يمثل جسرا للتواصل والقربى من دوائر صنع القرار فى واشنطن والسير على درب الأمير بندر بن سلطان، الذى كان صديقا للنخب وأسر الرؤساء، والفرصة سانحة فى ظل تأثير عائلة ترامب الواضح فى مجمل سياساته والدور المتعاظم لزوج ابنته.

تؤسس زيارة ترامب للمملكة ورعايته لقمتين خليجية أمريكية وعربية إسلامية أمريكية بداية لعهد جديد يمكن أن نطلق عليه «السلمانية»، يغير كثيرا من ملامح تركيبة السلطة فى السعودية منذ تأسيسها فى ثلاثينيات القرن الماضى، وكما وضع الأمريكيون أقدامهم كأول شريك للتنقيب عن النفط، جاء ترامب لينقب للمملكة عن مستقبلها، الذى يبدأ بإيران وينتهى بـ«تمكين بن سلمان»، ولنكون أكثر دقة، التمهيد لتمكين الأمير الصغير.

عن المصري اليوم

اخر الأخبار