قيادة وضريبة

تابعنا على:   12:42 2017-05-27

محمد ابراهيم حماده

يعيش في سجون الاحتلال آلاف الأسرى والذين كانوا قبل ذلك يعيشون في مجتمعهم وبين أهليهم الا أنهم وهم الأحرار لم يرتضوا لشعبهم وأرضهم أن تكون تحت الاحتلال فثاروا ثورة الأحرار يبغون لشعبهم الحرية ولأرضهم الطهر. الا أن الأقدار شاءت أن يقعوا أسرى في السجون يدفعون ضريبة لا بد أن تدفعها الشعوب كي تنال الحرية وهذا ما يعزز من صمودهم ويزيد من عنفوانهم وليس معنى ذلك أنهم ارتضوا الأسر , أبدا ليس كذلك وانما لسان حالهم يقول :

مرحبا بالحراب مرحبا بالسجون

ومن هنا نجد أن معدن معظم الأسرى في السجون هو معدن أصيل فريد وصفات القيادية بارزة في الغالبية بينهم, ولكن نجد دائما من تبرز لديه صفات قيادية وشخصية ذات شكيمة يتقدم مجموع الأسرى لقيادتهم والسعي للحفاظ على جسم الحركة الأسيرة متماسكا عصي على الكسر والاختراق. كي يظل هذا الجسم(الحركة الأسيرة) عنوانا للدفاع عن حقوق الأسرى وخوض غمار المواجهات لانتزاع المهضوم منها. ولأن السجان وحكومته من خلفه يسعون بكل ما أوتوا من قوة الى التضييق على الأسرى وسحب المنجزات منهم فإنهم ينظرون بعين الغضب والحنق الى هذه القيادة التي تسعى الى أن ينال الأسرى حقوقهم كي يمضوا ما قدر لهم من سنين في الأسر أعزاء لا تجرؤ مصلحة سجون الاحتلال على التعرض لهم.

كل من يتقدم الصفوف في الأسر ويشغل مكانة قيادية في الأسر يعلم جيدا أن ثمنا غاليا سيدفعه وضريبة باهظة سيتكلفها اذا ما حاول أن يكون حارسا أمينا على حقوق الأسرى الذين يمثلهم . وهم رغم ذلك يتقدمون دون خوف أو وجل في صورة قل نظيرها إذ أن مغنم القيادية في الأسر شبه منعدم فالقائد و غير القائد في الأسر يعيشون ذات الظروف والمعاناة غير أن القيادي يغرم مزيدا من الأعباء والمعانيات تصل الى حد الحرمان من زيارات الأهل وربما تمضي السنون الكثيرة وهذا القائد لا يزور أهله كضريبة على مواقفه الشجاعة. ولا يتوقف الأمر عند حد هذه العقوبة بل قد يصل الى العزل الانفرادي والمنع من اكمال الدراسة الجامعية وادخاله في عقوبة ما يسمى (كعب دوار) أي لا تسمح له مصلحة سجون الاحتلال بالاستقرار في نفس السجن أكثر من ثلاث شهور, وكثيرا ما تصل العقوبة الى حد القمع الجسدي والضرب. هذه الضريبة التي تكون واضحة المعالم أمام كل من يريد أو يتم اختياره بغير ارادته عن طريق الانتخابات لقيادة الاسرى لا تثني كثير من هؤلاء القيادات عن تحمل أعباء المسئولية بكل بسالة وتضحية واقبال. في تجلي رائع لصفات قيادية راقية متمثلة بالتضحية عن طواعية من أجل المجموع .

يمثل كثير من هؤلاء القادة والذين تتنوع أعمارهم بين شيخ كبير وفتى يافع أو ربما يكون القيادي من أمضى سنوات طوال في الأسر أو حديث عهد بالأسر الا انهم يمثلون مصدر طمأنينة بثباتهم وعنادهم وكثيرا من كانت بعض الاقسام في السجون تشعر بحالة اليتم أحيانا الى أن ينتقل الى القسم لديهم أحد القادة حتى تسري في أوساط الأسرى حالة ارتياح لمجرد وجوده , حتى أنهم يجدون أنفسهم يخوضون مواجهة مع السجانين لم يكونوا مستعدين لخوضها قبل ذلك, يخوضونها بكل شجاعة وبسالة هي أصيلة فيهم لكن شخصية القائد عززتها لديهم.

ويظل الاضراب عن الطعام هذا السلاح الاستراتيجي في يد الاسرى الذين لا يملكون الكثير في داخل سجنهم , في الاضراب عن الطعام تتقدم القيادة صفوف الاسرى وتعلن عن نفسها أنها هي عنوان الاضراب وأن على مصلحة سجون الاحتلال اذا ما ارادت مفاوضة الأسرى أن تفاوضهم هم وان قرار انهاء الاضراب ليس في يد أحد سوى القيادة المتفق عليها من الأسرى. القيادة تعلن عن نفسها وهي تعلم أنها أول من سيدفع الثمن اذ يتم عزلهم انفراديا مباشرة وسحب كافة المنجزات من عندهم وحرمانهم من أبسط الحقوق للضغط عليهم وكسر الاضراب عن طريقهم الا أن هؤلاء الرجال الذين استحقوا أن يقودوا الأسرى يثبتون للجميع أنهم على قدر الرهان ولا تستطيع مصلحة السجون تحقيق مأربها عن طريقهم.

اخر الأخبار