رمضان الحواجز

تابعنا على:   15:02 2017-05-29

د. خالد معالي

قرابة 7000 ألاف أسير؛ يكابدون الموت وتذوب زهرة شبابهم في سجون الاحتلال؛ خلال شهر رمضان، وعشرات آلاف العمال والمواطنين يكابدون مشقة عبور حواجز الاحتلال تحت لهيب الشمس الحارقة، دون شفقة أو رحمة من جنود ومجندات؛ على عشرات الحواجز والمعابر في الضفة الغربية.

منظر المئات من الشيوخ والنساء والأطفال على  حواجز ومعابر الاحتلال؛ وهم ينتظرون على الدور تحت أشعة الشمس ولهيبها الحارق في شهر رمضان؛ يثير المرء، ويستفزه، ويقطع القلوب، ولكنه لا يحرك ضمائر جنود الاحتلال، ولا المجتمع الغربي المتحضر.

بركة شهر رمضان تحل على العالم الإسلامي المترامي الأطراف، والكل ينعم بحريته في  مختلف المجالات وخاصة حرية العبادة بنسب متفاوتة-  لكنها في الضفة بركة من نوع آخر، حيث تتعاظم نعمة ثواب الثبات والصمود على هذه الأرض المباركة من فوق سبع سموات رغم أنف الاحتلال.

حواجز الاحتلال المنتشرة كالسرطان بين مدن وقرى وبلدات الضفة الغربية؛ لا  تدع  الشعب الفلسطيني ينعم بحياة كريمة وعادية كبقية شعوب العالم، بل تجبره على تجرع الموت ومرارة الذل والمهانة ساعة بساعة.

وسط تجاهل العالم حولنا؛ تشير التقارير الحقوقية إلى أن الضفة تعاني في شهر رمضان من إجراءات حصار خانق، وانتشار غير مسبوق للحواجز العسكرية، بين المدن والقرى والمخيمات، الأمر الذي حول معظم مناطق الضفة إلى كانتونات صغيرة معزولة عن بعضها البعض.

جنود الاحتلال على حواجز الضفة يخيل للمرء للوهلة الأولى؛ أنهم يحيون في العصور الوسطى؛ لقسوة ما يقومون به من إجراءات التفتيش والحط من كرامة الإنسان الفلسطيني؛ وكأن الفلسطيني  ليس من البشر.

 في الوقت الذي ينعم في الفرد  في دول الاتحاد الأوروبي بنعمة التنقل من دولة لأخرى دون أن يوقفه احد؛ من المخجل للدول التي تسمي نفسها بالمتحضرة والمتنورة وحامية حقوق الإنسان؛ أن ترى وتسمع الفلسطيني فاقد لحرية التنقل من قرية لقرية ولا تحرك ساكنا، ونحن في عام 2017؛ وكأن الضفة أو قطاع غزة هي في كوكب آخر.

إذا كان الاحتلال يصدر للعالم فنون إجرامه وأسلحته الفتاكة، فان شعبنا الفلسطيني يصدر إلى العالم مدرسة متكاملة في فنون العزة والكرامة ورفض الاحتلال ومقاومته؛ وما إضراب الأسرى ل 41 يوما متواصلا - ببعيد - لمن أراد أن يعرف عزة وكرامة الفلسطينيين.

كل ما يريد الشعب الفلسطيني هو أن يحيا ويعيش كبقية الشعوب بدولة ذات سيادة وكرامة، وهو حق سلبه الاحتلال منه بتواطؤ غربي معروف للقاصي والداني، فهل كثير عليه أن يطالب بحقه في الحياة؟ وهل كثير عليه أن يعيش بعزة وكرامة كبقية الشعوب؟ وهل كثير عليه وأرضه مهد الأديان أن يصلي في المسجد الأقصى!؟

حواجز الاحتلال من الخطورة التعايش معها كأنها قدر الشعب الفلسطيني، ومن الخطورة أن يتعايش معها المجتمع الدولي كأنها حقيقة واقعة لا مفر منها؛ بل يجب فضح الاحتلال من خلال هذه الحواجز عبر وسائل الإعلام المختلفة وبوسائل توصل في المحصلة إلى رفعها وعدم العودة إليها. مؤامرة الصمت التي يمارسها المجتمع الدولي تشجع الاحتلال على التصرف كدولة فوق القانون وعلى ارتكاب المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي.

الاحتلال إلى زوال شاء  من شاء وأبى  من أبى، وكما تدفع ألمانيا تعويضات لليهود حتى الآن عما يدعيه ويزعمه اليهود من جرائم الإبادة، فانه يجب توثيق كل انتهاكات وجرائم الاحتلال لإجباره على دفع التعويضات للشعب الفلسطيني؛ وذلك بعد كنسه لمزابل التاريخ، "وما ذالك على الله بعزيز".

اخر الأخبار