منظمة التحرير الفلسطينية ومرحلة التحرر الوطني

تابعنا على:   13:05 2017-05-30

عباس الجمعة

امام الذكرى الثالثة والخمسون لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها ، نسأل اليوم اين اصبحت منظمة التحرير من ألاجيال الشابة التي لم تعرف عنها وعن تاريخها ودورها شيئاً ، باعتبارها الجبهة الوطنية المتحدة لحركة التحرر الوطني الفلسطيني، وإطارها ، وقيادتها ، وهي من أحيا القضية الوطنية ، وعبأ شعبنا ونظمه حولها منذ أواسط الستينات من القرن الماضي ، وهي من حمى القضية ، وحملها إلى العالم ، وعرفه بها ، واستقطب تأييده لها ، وهي الوطن المعنوي الذي على أرضيته مارس الشعب الفلسطيني حياته السياسية والثقافية، وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

من هنا ونحن نقف امام الذكرى السنوية لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية من حق الأجيال الشابة ،ان تعرف جيدا تاريخ المنظمة باعتبارها ان المنظمة تضم كافة فصائل العمل الوطني الفلسطيني وهي الرافعة التي ارتقت بكافة القيادات الى مواقع القيادة والمسؤولية ، رغم للاسف البعض نسى ان المنظمة اتت نتيجة تضحيات عشرات الالاف من ابناء الشعب الفلسطيني ، فهؤلاء يتناسو لانهم اخرطوا في دوامة السلطة ، ومظاهرها ، وألقابها، ونعمها ، وتصرفوا على أساس أن دور المنظمة قد انتهى مع قيام السلطة ، وأن الحقوق والثوابت الوطنية التي حملتها المنظمة ، وناضلت في سبيلها ، قد تحققت بقيام السلطة ، متجاهلين أن السلطة هي جزء من المنظمة وليست بديلا لها ، وأنها أحد المؤسسات التي أقامتها المنظمة لرعاية وإدارة شؤون أهلنا في الداخل والمناطق التي يندحرعنها الاحتلال الإسرائيلي فقط ، وأن المنظمة هي مرجعية هذه السلطة ، وهي المسؤولة عنها وعن أدائها ، وأن على عاتق المنظمة تقع المسؤولية السياسية عن القضية الفلسطينية بكل جوانبها ، كما تقع عليها مسؤولية رعاية شؤون شعبنا الفلسطيني في كل مناطق الشتات ، وهو الذي يشكل 53% من مجموع الشعب الفلسطيني ، وأن المنظمة ، وليس السلطة ، هي من يمثل الشعب الفلسطيني في المحافل العربية والدولية ، ومن يتحدث ويفاوض باسمه ، وهي من يوقع أية اتفاقات تتعلق بمستقبل الشعب الفلسطيني ومصيره .

وفي ظل هذه الظروف نسأل لماذا لم يتم عقد المجلس الوطني الفلسطيني ، ولماذا لم يتم الالتزام بقرارات المجلس المركزي الفلسطيني ، رغم ما في ذلك من مخالفة صريحة للنظام الأساسي للمنظمة ، لذلك اصبح من الضروري عقد المجلس الوطني من اجل إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية ، وإعادة الاعتبار لها ، واستعادتها لمكانتها ودورها ، رغم اننا نعلم انها مسألة ليست سهلة ، فهي تحتاج الى بذل جهود مخلصة وصادقة من قبل الجميع المعنيين فعلاً بإعادة الاعتبار للمنظمة وانتخاب لجنتها التنفيذية ، والتغلب على كل الصعوبات التي يمكن أن تعترض طريقها، وإعادة إحياء دوائرها وتنشيطها ، من خلال مشاركة حقيقية لكافة الفصائل ، وتوزيع المسؤوليات بينهم ، وضبط وتنظيم اجتماعاتها ، والحرص على دورية هذه الاجتماعات وهيبتها ، واستعادة دورها كمرجعية وطنية وسياسية ، ومراقبة أداء السلطة الوطنية ، ودعوة ومتابعة المنظمات الشعبية الفلسطينية العمالية والطلابية والنسائية والمهنية ، وتعميق الصلة مع أبناء شعبنا في الخارج سواءٌ كانوا في المخيمات أو مع الجاليات في بلدان الشتات ، لمتابعة أحوالهم وقضاياهم وإشراكهم في حياتنا السياسة ومؤسساتها ،وكذلك إعادة ربط الصلة مع الأحزاب والقوى السياسية في البلدان العربية، وتفعيل دورها في دعم وإسناد نضالنا الوطني ، واستعادة العمق العربي القومي لقضيتنا ، فلقد غابت هذه العلاقة الشعبية العربية، واقتصرت علاقاتنا العربية على الاتصال مع النظام الرسمي العربي فقط ،وكذلك تنشيط العلاقات مع الأحزاب والقوى السياسية على المستوى الاممي ، ونقل ملف القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لتطبيق قراراتها وخاصة القرارالاممي 194 المتعلق بعودة اللاجئين الى ديارهم التي شردوا منها ، وضمن استراتيجية تقوم على قاعدة الخروج الكامل من مجرى المفاوضات ورسم استراتيجية عمل فلسطيني جديد، يجب أن تكون ضمن إطار الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية؛ لأننا في مرحلة تحرر وطني، ومنظمة التحرير الفلسطينية هي الإطار الجامع والموحد للشعب الفلسطيني .

لذا وفي ظل هذا الواقع نقول لقد خاض الشعب الفلسطيني المعارك للحفاظ على المنظمة، لا على حسابها، لأننا يجب أن نحافظ على هذا الإطار للحفاظ على وحدة شعبنا في كل أماكن وجوده، هذه الخطوة، يجب أن ترتبط بوحدة وطنية فلسطينية حقيقية تترجم اتفاق المصالحة الذي وقعته كافة الفصائل في القاهرة، وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، لأن نرى أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة هي مهمة كفاحية تتطلب حشد طاقات الشعب الفلسطيني وتتطلب وحدة وطنية وتتطلب استمرار المقاومة بمختلف أشكالها، ولا يمكن من الحصول على دولة فلسطينية من خلال المفاوضات التي ثبت فشلها، ومن خلال الموقف الأمريكي والمرجعية الأمريكية التي ثبت انحيازها الكامل والمطلق إلى الكيان الصهيوني.

أياً كان حجم الانتصار الذي حققه الاسرى، فهو انتصار بمقاييس السجن، بمقاييس الأسر، وهو ما يستحق ان يحتفلوا به هم، ويوجب علينا العمل لتحقيق حريتهم وهو الأمر الذي يستحق فعلا ان نشاركهم الاحتفال به حينها، ولكن الثمار الداخلية لهذا الاضراب تحققت في قدرة الاسرى على استعادة حيوية الحركة الوطنية الاسيرة قدرتها على ادارة النضالات الكبيرة بامتداد مساحة السجون، والأهم في هذا الإطار، أن الأسرى انتصروا في معركتهم البطولية، لكن يبقى السؤال إذا كان الانتصار هو السماح بزيارة إضافية للأسرى، وإجراء مكالمات هاتفية مع عائلاتهم، فقد احتاج لإضراب 41 يوما، فكم سيحتاج إضراب تحريرهم، لهذا لا بد من الاستمرار في التوحد خلف الحركة الاسيرة وهي التي تقود مسيرة الكفاح الى درجة الاشتباك مع الاحتلال ومشروعه، ، ورغم ان الانتصار اتى في توقيت تتزايد فيه الهجمة التصفوية على القضية الفلسطينية، بصناعة أمريكية وتعاون كامل من اغلب الانظمة العربية الرجعية، حيث وجهت لهم الحركة الاسيرة صفعة باضرابها الذي تزامن مع ذكرى النكبة وانتصارها الذي تزامن مع عيد المقاومة والتحرير في لبنان ، واكد الاسرى الابطال بانتصارهم أن إرادة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني إنما هي إرادة صلبة لا تلين وعصية على التطويع والانكسار، فالاسرى الذين لا يملكون من وسائل المقاومة شيئاً، وهم خلف قضبان السجن وفي الزنازين، ابتدعوا مقاومة لا يستطيع الاحتلال القضاء أو التغلب عليها، فهم صنعوا من أمعائهم الخاوية مقاومة وانتصار ، وما زالوا يخوضون مع المحتل صراع إرادات، حيث نجحوا في إعادة الحيوية إلى الشارع وإشعال المواجهات مع جنود الاحتلال، وتحريك الرأي العام العالمي والعربي، هذه المقاومة العنيدة للشعب الفلسطيني في السجون، وفي ظل الاحتلال، إنما تؤكد من جديد أن فلسطين لم تستسلم ولم تركع وأنها مستمرة بالمقاومة، وتؤكد، بعد 69 عاماً على النكبة، أنها هي البداية والنهاية، فلا حل للصراع من دون استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المسلوبة اي حقه في العودة إلى أرضه ودياره التي شرد منها عام 1948، وتقرير المصير وإقامة الدول الفلسطينية وعاصمتها القدس، وهذا هو أساس قضية فلسطين، ويجب أن نعمل على تحقيق هذا الحق، وبالتالي لا يمكن أن تكون الدولة الفلسطينية على حساب حق العودة، والشعب الفلسطيني لن يقبل بهذا، والدولة الفلسطينية ذات السيادة هي خطوة على طريق استعادة كامل فلسطين .

ختاما : لا بد من القول ان على الكل الوطني الفلسطيني التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها مكسباً كفاحياً نضالياً حققه الشعب الفلسطيني بدماء شهدائه، وحصل على اعتراف عربي ودولي، وهي الكيان المعنوي الذي يحافظ على وحدة الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده، وممثله الشرعي والوحيد لانه بالحفاظ على المنظمة نحافظ على وحدة الشعب الفلسطيني.

اخر الأخبار