خطاب عباس تجسيد لـ "حالة إغتراب سياسي"!

تابعنا على:   11:04 2017-07-22

كتب حسن عصفور/ أخيرا، التقت "القيادة الفلسطينية"، - لم تتضح ملامحها ولا تكوينها -، مساء يوم الجمعة 21 يوليو 2017، لكنها لم تصدر بيانا نتيجة هذا اللقاء "الفريد"، واكتفت بما قاله رئيس سلطة الحكم المحدود في بيانه الذي سجل باسمه الخاص، وهي مسألة تجسد عدم اعتراف عباس بالهيكل الذي ترأسه، وأنه لا يود أن يلزم نفسه وفريقه "المصغر" بأي قرارات تأخذ طابع الرسمية، مكتفيا ببيان يمكنه التعامل معه لاحقا حسب ما يرى ويفسره وفقا لما يرى كما كل بيانات سابقة..

اللقاء عمليا لا يمثل "الثقل الوطني" للحركة الفلسطينية، ما يضعف كليا من قدرة التمثيل، ولم يكن هناك أي سبب موضوعي لتغييب حماس والجهاد عن "إطار سياسي عام"، خاصة وأنه سبق ان تم الاتفاق على تشكيل "إطار قيادي مؤقت" عام 2011 في القاهرة، وكانت الفرصة ملائمة جدا لكسر بعض من جدار الانقسام، بدلا من "مكذبة التلاسن الوحدوي"..

وعودة الى جوهر بيان عباس، نكتشف أنه تعامل مع مظهر الفعل الضاغط عليه، قبل أن يكون على سلطة الاحتلال، خاصة بعد أن إنكشف استخفافه بالقيمة الكفاحية للحدث منذ عملية الأقصى يوم 14 يوليو، وغادر الى الصين ليحصل على "شهادة فخرية مقابل وسام"، وكان بيانه هو الأول بصوته حول ما حدث..

كما انه كشف مدى اغترابه عن القدس واقعا وحقيقة عندما اعلن بعد سنوات، ولأول مرة عن تقديم 25 مليون دولار دون تحديد أوجه الدعم، لكن ذلك أزال بعضا من قصور مزمن نحو المدينة التي قال عنها أنها العاصمة الأبدية لدولة فلسطين..

عباس، تحدث عن المقدسات ولكنه تجاهل كليا موقف لجنته المركزية من قضية البراق "ساحة وحائط"، وهل لا زالت برأيه "يهودية ومكان مقدس لهم" أم اكتشف خطيئته وتراجع عنها، وهو ما يحتاج الى اعلان سياسي واضح وصريح، بأن تهويد البراق جريمة سياسية يعتذر للشعب الفلسطيني عنها..دون ذلك يصبح كل حديث عن "الأقصى" من فرقة عباس كلام كاذب أولا وفارغ ثانيا.

لم نجد خطوة عملية واحدة من قبل عباس لمواجهة الحدث الأهم منذ سنوات، فلم يتكرم بالدعوة الى "لقاء قمة مصغر" أو "لقاء عربي طارئ" بأي مستوى كان، ليبحث السياسة الاحتلالية نحو فلسطين والقدس والمقدسات وتوحيد الموقف والسياسيات، أما أن يكتفي بما قال أنه أجرى اتصالات هاتفية فتلك مسألة تكشف أننا امام "حالة إغتراب سياسي" عن القضية موضع المعركة..

وبمراجعة سريعة، نقف امام غياب أي خطوة تتلاحم مع "المواجهة الشعبية" او "المقاومة الشعبية"، او ما تم إختراعه في مؤتمر فتح السابع بـ"المقاومة الذكية"، متكفيا بالترحم على من سقط شهيدا متمنيا للجرحى الشفاء العاجل، وكانه قادم لتقدمة واجب العزاء وزيارة مرضى وليس مسؤولا بشكل مباشر عن تقديم "عون كفاحي سياسي" لمن دفع حياته ثمنا ومن ينتظر..

عباس تجاهل كل قراراته التي حاصرت الأسرى والجرحى، وكانت فرصته ان يعلن تراجعه عما ألحقته قرارته بضرر إنساني ضد من كان لهم دور جوهري بتضحياتهم بأن يكون فيما هو اليوم، حتى لو بالاكراه وبطريقة لم تعد سرية ابدا، خاصة بعد خطاب مجرم الحرب شارون الذي وصف يوم فوز عباس بالرئاسة كـ"يوم تاريخي لاسرائيل"..

ولأن "الاغتراب السياسي" كان سيد موقف عباس، فإنه تعامل مع النكبة الثالثة وكأنها "حدث سطحي" معتبرا، أن جوهرها تلك اللجنة التي أعلنتها حماس في قطاع غزة، ولم يكلف ذاته عناء القفز عن "الخدعة السياسية" التي اخترعها للهروب من مسار انهاء الانقسام، وكان عليه لو كان يريد حقا التصرف كرئيس لشعب وليس قائم بتأدية مهام، ان يعلن عن دعوة فورية لعقد "الإطار القيادي المؤقت" المتفق عليه للقاء في القاهرة فورا..لبحث آليات قبر جريمة الانقسام..

وكشف عباس عن "مصيدته الحقيقية" للشرك الوطني، عندما اشار الى عقد اللجنة التحضرية للمجلس الوطني، دون ان يعلن التزامه بما تم الاتفاق عليه في بيروت، وتهرب من نتائجها التي وافقت عليها كل القوى، بما فيها حركة فتح، قبل أن يرمي بها في سلة الزبالة..ولذا دعوته لعقد مجلس وطني دون التزام بالمتفق عليه في بيروت هي دعوة انقسامية لخطف المجلس الوطني، وعقده تحت حراب "غرفة التنسيق الأمني" في رام الله..

ولو أراد مجلسا وطنيا موحدا ليعلن أولا التزامه بنتائج تحضيرية بيروت، وأن المكان إما قطاع غزة بصفتها الحاضن الأول لآخر مجلس وطني فوق أرض الوطن، أو تكون القاهرة أو عمان هي المكان..دون ذلك ليقبر عباس فكرته ويتسلى بغيرها..

وختام "الاغتراب العباسي"، ذلك الاعلان بتجميد الاتصالات مع "دولة الاحتلال"، وليت البعض يستعيد تعليقه على التصفيق لهذ النقطة، والاستخفاف الذي كشف حقيقته، فالتجميد حتى إزالة البوابات هو العار بعينه، لأنه حصر القضية الوطنية، كما تريد دولة الاحتلال والبعض الانهزامي في "قضية البوابات" وليس تهويد الأرض والمقدس، ولا الاحتلال بذاته..

حاول عباس عبر استخدام عبارة "تجميد الاتصالات مع دولة الاحتلال" استغلال عاطفة الشعب التواقة لوقف كل ما له صلة بالعلاقة مع المحتل، لكن الشرط العباسي كشف كل عوراته الوطنية..

ولن نقف كثيرا عند ما نشر وقيل بأن الاعلان العباسي لن يتجاوز حدود المقاطعة، حيث سارعت أدواته بطمأنه "زملاء غرفة التنسيق الأمني"، بأن "كلام ليل عباس تمحه حقيقة الاتصال..فهو ليس سوى زبد يهذب جفاء..

باختصار "فيلم الغضب الشكلي" لمحمود عباس سقط بأسرع مما أوهمه فريقه السياسي والاعلامي..سقوط يمهد لسقوط أكبر!

ملاحظة: قال الهباش خلال خطبة الجمعة، بأن "القيادة" تفتح يدها لكل القوى، مكررها مرات، دون شرط أو قيد للتوحد..ولكن تلك الدعوة لم تغادر مقر المصلى ولم تجد لها مساحة للنشر في الاعلام العباسي..كلامك بح يا "هيشو"!

تنويه خاص: بيان حماس فجر السبت، وبعد ساعات من خطاب تميم أمير قطر لشكره جاء كفضيحة مدفوعة الأجر.. ما قاله تميم أضعف من اي بيان لغيره.. يا حماس هذه "وكسة مركبة" لا تليق بكم!

اخر الأخبار