الإخوان والغرب والعلاقة الآثمة

تابعنا على:   12:49 2017-07-28

سوزان حرفي

لا تنسى أمريكا أن «الإخوان» كانوا الوقود الأساسى لحربها فى أفغانستان لإسقاط الإمبراطورية السوفيتية، فالجماعة أول من استجاب لرفع راية الجهاد وحشد المجاهدين والدفع بهم لمحاربة «روسيا» «الكافرة» فى الثلث الأخير من القرن العشرين.

ومع بداية القرن الجديد، كان الجهاد نفسه يضرب العُقر الأمريكى، ما استدعى لوم «زيبنيو بريزنيسكى» مستشار الأمن القومى بإدارة «جيمى كارتر»، وسؤاله: ألست نادما على تسليح وتمويل الإسلاميين لمقاتلة الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان، بعد أن استدارت الجماعات بمعركتها لداخل الولايات المتحدة بتفجيرات 11 سبتمبر؟!.

فكان رده الغريب «ماذا يساوى وجود بضع مئات من المقاتلين المسلمين المتشنجين مقارنة بإسقاط الاتحاد السوفيتى»!، لكن الأغرب جاء فى توجه أمريكا نحو «الإخوان» باعتبارهم «البديل المعتدل» لإسلام تنظيم «القاعدة»، وكأن التنظيم لم ينشأ على أصول وكوادر إخوانية بالأساس!.

وعندما ظهر التنظيم الأكثر دموية وهو «داعش»، لم تراجع أمريكا نظريتها؛ التى ضربت فى مقتل، فالجماعة مثلت أحد الروافد المغذية لـ«دولة الخلافة المزعومة»، فالخليفة نفسه «أبوبكر البغدادى» كان أحد الكوادر الإخوانية بالعراق، كذلك عدد من القيادات والمقاتلين تحت لوائه، أو المبايعين له داخل الدول العربية.

أما الربط بين ظهور «داعش» وبين خيبة الأمل فى جدوى الممارسة السياسية لدى الإسلاميين بعد سقوط حكم «الإخوان» فى مصر، فيبدو ضعيفا، فهناك أعداد انضمت للتنظيم من «تونس»؛ حيث تحكم «الصندوق» وحده بصعود وهبوط حركة «النهضة» الإخوانية؛ ولاتزال شريكة فى السلطة، والأمر نفسه فى المغرب وعدد من دول المنطقة.

وعلى العكس، فمن السهولة التأكيد على وحدة الرؤية العقدية والفكرية التى تجمع كل التيارات الإسلامية على اختلافها تجاه الغرب أو الآخر المختلف، بحكم أنه «كافر»، لكن ذلك لا ينتج عنه تغيير فى سياسة أمريكا وحلفائها تجاه «الإخوان».

فهذه المعلومات لا تضيف جديدا، حيث تقع فيما هو معلوم لدى الغرب، فلا يقف أمامها صانع القرار رغم ما يحدث من إرهاب على يد منتمين للإخوان خاصة فى مصر وليبيا، ورغم ما أكده السير البريطانى «جون جينكينز» بعد تحقيق أجراه نهاية عام 2015؛ بناء على تكليف من رئيس الحكومة؛ من تنفيذ مؤيدى تنظيم الإخوان لأعمال عنف.

ورغم ما خرج به «جينكينز» نفسه بقناعة، بأن الجماعة «قناة إخبارية» يعبر من خلالها متطرفو القاعدة، لكن ذلك لم يمنع «لجنة الشؤون الخارجية» بالبرلمان البريطانى من اعتبار جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية جماعة غير عنيفة، وأنها جدار حماية بوجه التطرف العنيف.. وأنه على السلطات الإنجليزية التواصل مع الإخوان، سواء كانوا فى السلطة أم بالمعارضة.

إنها صورة للعلاقة الآثمة بين طرفين «محرم» لقائهما، لكنهما لا يفترقان، وإنما يجتمعان على قاعدة المصلحة أو «فقه الواقع»، وليس من المتوقع حدوث تغيير دراماتيكى فى هكذا علاقة، ولا من المنتظر إدراج «الإخوان» ضمن الكيانات الإرهابية العالمية، إلا فى حالة واحدة، وهى انتهاء دور «الإخوان» كجماعة وظيفية يستغلها الغرب لتحقيق مصالحه فى المنطقة والعالم، ولهذا ظروف لم تتوفر بعد.

عن المصري اليوم

اخر الأخبار