السلام "الإسرائيلي"

تابعنا على:   12:12 2017-08-02

نبيل سالم

الجريمة التي ارتكبها رجل أمن «إسرائيلي»، يعمل في سفارة الكيان الصهيوني بعمَّان، بقتله مواطنَيْنِ أردنيَّيْنِ، يجب التوقف عندها بجدية، ليس لأنها الجريمة الأولى التي يقترفها الكيان الصهيوني الذي عودنا على جرائمه الوحشية، وإنما للظروف الموضوعية المحيطة بها، ولا سيما، أنها ترتكب فوق أرض بلد اعترف رسمياً بالكيان الصهيوني، ووقع معه اتفاقية سلام منذ سنين طويلة، أي أنها تشكل ليس جريمة عادية، وإنما تمثل خرقاً فاضحاً للاتفاقية الموقعة بين الأردن و«إسرائيل»، والتي افتتحت بموجبها سفارة الكيان «الإسرائيلي» في عمَّان.

وعلى الرغم من أن هذه الجريمة قد لا تضيف الكثير إلى سجل «إسرائيل» الإجرامي بحق العرب، فإن ما يلفت النظر فيها، هو آلية التعاطي مع المجرم من قبل الكيان الصهيوني الذي لم يتورع عن استقبال القاتل بالترحاب لدى عودته إلى فلسطين المحتلة، حيث استقبله رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو نفسه، بالأحضان، وكأنه قادم من مهمة مشرِّفة، كما رفض الكيان الصهيوني إخضاع القاتل إلى المحاكمة أو الاعتقال، بحجة أنه ديبلوماسي، يمتلك «حصانة» تحميه من الاعتقال أو الخضوع للتحقيق.

ومهما كانت الذرائع التي ساقها الكيان لتهريب قاتل من الأردن، والنجاة من فعلته النكراء، إلا أن ذلك لا يطمس الحقيقة الواضحة وهي أن ما قام به هذا الصهيوني يمثل جريمة موصوفة، يجب أن ينال العقاب عليها، وهي تذكرنا بحادثة مقتل الشرطية البريطانية إيفون فليتشر عام 1984 على يد رجل أمن ليبي خلال حكم معمر القذافي، أثناء حمايتها مظاهرة مناوئة للقذافي بالقرب من السفارة الليبية في لندن، وكيف أن السلطات البريطانية ظلت تضيق على المشتبه به حتى تمّ اعتقاله، ولم تطلق سراحه إلا بعد استكمال التحقيقات وثبوت عدم مسؤوليته.

كما أن الاستخبارات البريطانية أدارت عملية سرية من السفارة البريطانية في ليبيا، بحيث وضعت عائلة المشتبه به الرئيسي الديبلوماسي السابق، معتوق محمد معتوق، والمقربين منه تحت المراقبة على مدى 24 ساعة في اليوم، فيما وضعت وحدة من القوات الخاصة البريطانية على أهبة الاستعداد لاعتقاله ونقله إلى بريطانيا، إلى أن تم اعتقال المتهم بعد مرور سنين طويلة على الجريمة.

والحقيقة أننا لو نظرنا إلى هذين الحادثين لوجدنا أن هناك تشابهاً كبيراً بينهما، فالقاتل أو المشتبه به ديبلوماسي، لكن الفارق بين الحادثين أو الجريمتين، أن الديبلوماسي الليبي الذي اشتبه به بجريمة القتل لم تحمه حصانته من الملاحقة القانونية، في حين يستقبل القاتل «الإسرائيلي» بحفاوة وبالأحضان من قبل رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، في تحدٍّ واضح وسافر لكل المواثيق والأعراف الدولية، بل واستخفاف كبير بمعاهدة «السلام» التي وقعها الكيان الصهيوني مع الأردن.

وإذا كان هذا الأمر يعد طبيعياً بالنسبة للصهاينة الذين أدمنوا على الاستخفاف بالقانون الدولي، والتعامل باستعلاء مع العرب، رغم ما قُدِّمَ لهم من تنازلات فيما يعرف باتفاقية السلام، إلا أن ما يجب التساؤل عنه هنا هو ماهية الموقف العربي، والقرار النهائي الذي سيتخذه الأردن أمام هذه الجريمة البشعة، بعد نجاح القاتل في العودة «سالماً غانماً» إلى فلسطين المحتلة؟ نأمل أن يكون الرد بحجم هذه الجريمة التي راح ضحيتها مواطنان أردنيان مسالمان، برصاص صهيوني يرتدي لباساً ديبلوماسياً.

عن الخليج الامارتية

اخر الأخبار