رفعت السعيد..وأظلم بعضا من وجه "المحروسة" برحيلك!

تابعنا على:   11:04 2017-08-19

كتب حسن عصفور/ عندما وصل خبر عاجل يقول "وفاة د.رفعت السعيد"، شعرت أن ما وصل ليس سوى حركة طفولية لا أكثر، ليس هروبا من قدر لا بد منه لكل حي على وجه الطبيعة، إنسانا أو غير إنسان، فتلك نهاية حتمية، فلا خلود لبشر أو كائن حي، لكن الخبر لم يكن ضمن سياق الحساب الإنساني، لشخصية تعتقد دوما أنها تملك من "القوة والقدرة"، ما يمنحها بقاءا يختلف عن الأحياء الآخرين..

رفعت السعيد، لم يكن يوما شخصا كغيره، وربما لن يكون كما رفعت شخصا، ليس بكونه "معجزة" بل لكونه "ظاهرة إنسانية مركبة - معقدة"، إمتلكت صفات قد تكون "موسوعية" في مختلف جوانب حياة الإنسان، مناضلا وهو في سن الطفولة بالمعني العمري، قد يكون أصغر من عرف طريق السجن في ظل حكم كان أمل الأمة العربية، حكم الخالد جمال عبد الناصر، سياسيا مرنا الى درجة تصعب معها حدود المعرفة اللاحقة لما سيكون، مفكر واسع المعرفة شمولي الرؤى، حاد كحد السيف دفاعا وعرضا لفكره، لا يناور لا يساوم فكرا، بقدر مرونته الهائلة المساومة في السياسة..

كاتب "متعدد الرؤوس"، مؤرخا، صحفيا، سياسيا، فكرا وأدبا، ولا أعتقد أنه ترك مجالا من مجالات المعرفة لم يكن له به إسهاما، وليس مرورا عابرا، بل حضورا فاعلا..كان ناشطا حزبيا من طراز خاص، اختار "الشيوعية" فكرا وممارسة وسلوكا، ترفع في الدفاع عنها تواضع بلا حدود لنشر مضمونها، لم يذهب يوما عند صياغة رؤياه لإرضاء حاكم، ولا لارضاء قادة، تعامل مع ما يرى أنه "الصواب"، يتراجع عند إدراك الخطأ دون "رهبة الصغار"..

يعلم وعلم، أن القيمة ليس بالترفع "الشكلي" غرورا، بل بخدمة من إخترت أن تخدم شعبا أو بعضا من شعب، إنحاز لفقراء الشعب دون أن يكون "فقيرا" بالمعنى الإقتصادي، لكن الإنسان به قاده الى حيث خيار غالبية الشعب والأمة، إنتقى فكر التحرر والتقدم والثورة، وصياغة مستقبل بعيدا عن الظلم والظلامية..

قاتل الظلامية، حيثما وجدت، متأسلمة أو غيرها، لم يتنازل عن فكرة بل ساوم على موقف، معادلة كان رفعت السعيد سيدها، كثيرا ما أربكت أصدقاؤه قبل خصومة..

رفعت السعيد، كان حاضرا بقوة المفكر والسياسي في فلسطين القضية ومواجهة الصهيونية الغازية، مع الزعيم التاريخي في مصر واليسار خالد محي الدين، صنعا بيتا لفلسطين، القضية والشعب والزعيم الخالد ياسر عرفات، في فترة هي الأحلك من فترات مصر، العهد الساداتي، خاصة بعد كمب ديفيد، كان مقر "التجمع" بيتا لفلسطين، عندما حاول النظام حصارها، وكان التجمع صوتا لفلسطين يوم أن حاول إعلام النظام إغلاق صوتها..

رفعت السعيد، ليس إسما رحل وإنتهى المشوار، جسدا إختار أن يجلس بعيدا ضاحكا بتلك الضحكة التي لم تفارقه إلا لحظات نادرة، يوم ان رحلت رفيقة العمر والدرب والفكر ليلى الشال، وسارع اليها ليجاورها بعد أن قال وداعا يا مصر ويا رفاق ويا أحبة.. مساء الخميس 17 أغسطس 2017 ..قالها رفعت السعيد، سلاما يا أصدقاء!

يا رفعت كم كسرت بي، أعترف، وكم زرعت بي روحا تقاتل دون كلل، وأن طريق الإحباط، مهما كان  سواد الظلامية ليس سوى طريق الهزيمة..فلا نصر لمحبط..التفاؤل طريق النصر..قاتل لتنتصر وتفاءل لتعرف كيف تقاتل..

سلاما يا إستاذ..سلاما يا رفيق..سلاما يا صديق..سلاما يا رفعت..لن أقول سافتقدك فتلك الحقيقة المرة، لكنك ستبقى معي دوما فكرا تاريخا ممارسة مرشدا ناصحا..ومقدمتك لأول كتبي هي شهادتك لي التي سأحتفظ بها شهادة لا بعدها شهادة..

رفعت ..سيظلم بعضا من وجه"المحروسة" برحيلك ..سلاما يا أعز الناس!

اخر الأخبار