اللعب بالوكالة .. والقرار الفلسطيني المستقل

تابعنا على:   11:43 2017-09-25

د.عائشة اجميعان

يدعي طرفي الصراع الفلسطيني, على "السلطة بغير سلطة", أنهم أصحاب القرار, فقد أكد رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس, خالد مشعل, على إستقلالية القرار في حركة حماس, وبعدها صرح بإستقلالية تنظيم حماس.

كما صرح, غير واحد من قادة حماس, منهم صلاح البردويل مؤكداً أن حركة حماس قرارها مستقل .

وعلى الطرف المقابل وفى معرض في رده على الجهود المصرية المعبرة عن جملة مساعي الرباعية العربية, لإنهاء التشرذم في الحالة الفلسطينية, شدد الرئيس محمود عباس ,على إستقلالية القرار الفلسطينى, ونفي أن يكون هناك تأثير, لأي عاصمة كانت, أو أموال, على القرار الفلسطيني .

فيما بدا أن, عباس قد أدار الظهر لمصر وبالتالي للرباعية, وبدأ رحلة البحث عن حلول في محور قطر تركيا, تتناسب مع رؤيته الشخصية, والتي فشلت وبإمتياز.

وبعد مرور عام كامل, وفي 20/9/2017 , خلال اجتماعات الامم المتحدة, أعلن عباس, من واشنطن, شكره للجهود المصرية الرامية الى المصالحة وإنهاء الانقسام.

فما الذي تغير ؟

لاشك ان القضية الفلسطينية تؤثر وتتأثر, بأطراف عديدة , تأثرا واضحا ,فقد بدا أن أمريكا رفعت الفيتو عن المصالحة, خاصة بعد مباركة الرئيس الامريكي ترامب للجهود المصرية, , فهل يمكن الجزم بأن القرار الفلسطيني, يدار من الخارج؟

ربما, وإلا لماذا إستغرق الطرفين عشرة أعوام لإجراء المصالحة ,والعديد من المحطات والوساطات , في عديد من العواصم, وربما باتت الان قاب قوسين او ادني, بفضل الجهود المصرية.

هناك عدة حقائق لابد من تقريرها:

أولاً ان طرفي النزاع هما الرئيس أبو مازن, بشخصه فهو يجمع في يده القرار الفلسطيني (الشرعي), لترأسه لمؤسسات القرار الفلسطيني, في غياب مجلس تشريعي يراقب, والطرف الثاني, هو حركة حماس, وليس كما هو دارج, أن الصراع بين, فتح وحماس, هذه واحدة أما الثانية فان الطرفين أدارا الانقسام, بإتفاق ضمني غير معلن ,عبر تلك السنوات , ولكل منهم أسبابه وأهدافه .

لكن كثير من التغيرات حدثت في المنطقة , فتبدلت موازين القوى والمصالح, والأهداف, للأطراف الفاعلة, وتغيرت المحاور, وكلها تضافرت لتضطر حركة حماس في النهاية, للوقوع في دائرة التأثير المصري المباشر, وإغلاق جميع الأبواب التي تتيح لحماس حرية الحركة والمناورة, عدا الباب المصري, بحكم عوامل عدة اهمها , التاريخ والجغرافيا, وتواجد الارهاب في سيناء

تبدلت قيادات الحركة, بعد الانتخابات الاخيرة التي افرزت رئيس المكتب السياسي من داخل غزة , ويقيم في غزة ,وكذلك رئاسة الحركة في القطاع, بما يخفف من وطئة التاثير الإقليمي, على صناعة قرار الحركة, الامر الذي ساعد حماس, على اتخاذ القرار , فأتخذت ما من شانه أن , يحيل مواطن الضعف الى قوة , ومستغلة التهديدات المحدقة بها, لتحويلها الى فرصة لن تأتي ثانية, إذا تمت إضاعتها .

تبدو حركة حماس الرابح الاكبر, من هذه العملية, على المدى القصير, في حال نجاحها وهذا هو المأمول, فحكمها سيترسخ لقطاع غزة, بشكل لا تنازعها فيه السلطة, فيما تحاول بسط نفوذها, في الضفة الغربية, وعلى صعيد موظفيها,وهو الموضوع الخلافي الابرز بين الطرفين, فقد فتح الرئيس الطريق امامهم, بعملية إحالة موظفيه الى التقاعد, وبذلك تضمن حماس ولاء الأجهزة الأمنية, ورفع القاعدة الشعبية المناصرة لها في أي إنتخابات قادمة, وثبات وجهة نظرها لمناصريها لإثبات صحة سياساتها التي اتخذتها خلال السنوات السابقة

أما على المدى البعيد, فانها تكون قد قطعت شوطا كبيرا نحو وراثة فتح, التاريخ والرصيد النضالي ,وقيادة العمل والقرار الوطني, من خلال الدخول والسيطرة على منظمة التحرير, في اطار إعادة صياغتها, كأستحقاق وطني, في كل الاتفاقات الداخلية.

فيما يبدو ابو مازن منتصرا ويؤكد لأنصاره صحة سياسته الداخلية, ففي إجتماع المركزية بعد عودته من نيويورك, أعلن عباس, انه سيعمل على تحقيق المصالحة بعد استجابة حماس لجميع المطالب, معتبرا أن الإجراءات والعقوبات التي إتخذها, بحق أبناء غزة, هي التي أجبرت حماس على الرضوخ.

وفي اطار جهودها, لحل معضلة الانقسام , تدخلت مصر وألقت بثقلها كطرف فاعل, وليس كوسيط ,وفيه تبدو مصر منتصرة لمتطلبات أمنها القومي, من خلال الإتفاق  الأمني مع حركة حماس لضبط الأوضاع, خلال الحدود, التي تؤثر وبشكل إيجابي لصالح مكافحة الإرهاب في سيناء, كما يمكن لقرارها, التدخل والتأثير في القطاع في المدى المنظور, وبهذا تبدو مصر, رابحة, بأن أبطلت مفعول المحاور المناوئة, التي تعمل على دعم الارهاب في سيناء, والإستحواذ على الملف الفلسطيني خاصة في ظل التوجهات العالمية لحل القضية الفلسطينية من واقع اقليمي.

يبدو كل طرف من الأطراف فائزاً, وتلك هي المعادلة التي يمكن ان يكتب لها النجاح مع إستمرار الجهد المصري في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني .

لكن فيما يبدو, هناك خاسر وحيد, هو الشعب الفلسطيني, إذ أصبح من الواضح تحول (القرار الفلسطيني المستقل) في القضية الفلسطينية, ليصبح قراراً إقليمياً, لاتقرره الأطراف الفلسطينية ,المتنازعة, والتى لم تستطع أجراء تصالح داخلي, ولم الشمل الحزبي والوطني في أحد عشر عاما ,وذلك في معرض التسوية القادمة ,والتي وصفها الرئيس الامريكي بصفقة القرن,والتي لم تتوضح معالمها الى الان .

اخر الأخبار