المصالحة الفلسطينية بنكهة أخرىٰ

تابعنا على:   13:49 2017-09-26

د.عز الدين حسين أبو صفية

فشلت سابقاً كل محاولات إنهاء الإنقسام وتطبيق المصالحة وكانت أسبابا عديدة وراء ذلك الفشل كما أن أيادي مختلفة ساهمت في استقطاب اطرفا فلسطينية أدت إلي زيادة الهوة بين كل الفرقاء بشكل عام وبين فتح وحماس بشكل خاص واندفع العديد من كلا الفصيلين بكيل الاتهامات لبعضهما البعض وبألفاظ غير لائقة لم تكن تبشر بالمطلق بأن هناك نوايا صادقة لإنهاء الانقسام وتنفيذ المصالحة، لم تكن إسرائيل والولايات المتحدة بريأتان من محاولاتها إفشال المصالحة وكثيراً من المرات كان يلقى عليهما تهمة تكريس الإنقسام وافشال المصالحة.

في هذا المقال لا أريد أن أخوض في موضوع المصالحة وانهاء الإنقسام، لأن هذان الموضوعان اشبعا بحثاً وتحليلاً ودراسة، ولكن أتوجه في هذا المقال بالسؤال التالي لماذا اسرائيل والولايات المتحدة لم تعارضا المصالحة الآن بل تدعمها ؟ ، فإذا كان الإنقسام تعتبره اسرائيل اهم العوامل التي جاءت تخدم مصالحها وتوسعها على حساب الفلسطينيين وأرضهم واضعاف مواقفهم في الساحات الدولية المختلفة مع التركيز على اتهام كل أعمالهم النضالية بأنها أعمال ارهابية ، ورغم ذلك فلماذا إذاً تؤيد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل المصالحة أو على الأقل لا تتدخل بشكل سلبي لإفشالها ٠

بلا شك بأن المتغيرات الإقليمية بشكل عام والعربية بشكل خاص خصوصاً في إقليمي العراق وسوريا (الشام) ، وفي ظل متغيرات الحرب ضد داعش وقوى الإرهاب الأخرى واختلاف توجهات الدول المحاربة للإرهاب إن كانت تحالفات كالتحالف الأمريكي الأوروبي العراقي الكردي والتحالف السعودي التركي أو التحالف الروسي الإيراني السوري وحزب الله وجميعها لها أهداف وأطماع غير محددة في سوريا جغرافيا ً وسياسياً، في ظل تنامي الأهداف الإيرانية في نشر الفكر الشيعي وتشكيلها شوكة في حلق الولايات المتحدة الأمريكية الساعية إلى إجهاض المشروع النووي الايراني من خلال توجيه ضربات عسكرية لمواقع مفاعلات تخصيب اليورانيوم في ايران، الأمر الذي قد يؤدي إلى انفلات هذه الحرب وتتطورها الي مستويات اكثر انتشاراً بحيث تطال قوات عسكرية أمريكية في مختلف المناطق كالخليج والبحر المتوسط وإسرائيل ، المتخوفة اصلا من تعاظم الوجود الإيراني في سوريا وتواصل الحلقة الجغرافية فيما بينهم تنسيقاً مع النظام السوري الساعين الي إنشاء الخط البري الذي يعبر الحدود بين العراق وسوريا لتأمين منفذاً بحرياً لإيران على البحر المتوسط والي حزب الله في لبنان بما يؤدي إلى دعم الحزب بكل مقومات القوة والتصدي لأيّ هجوم إسرائيلياً محتملاً ضد حزب الله ٠

إذاً في حسابات التصورات الأمريكية فإن المرحلة القادمة هي مرحلة يتم التحضير فيها لحرب قد تطال كوريا الشمالية وإيران وحزب الله الذي سيضطر لخوض الحرب المفروضة عليه من قبل إسرائيل مدعومة من أمريكا وتنسيق عربي بدأت تظهر معالمه من الزيارات المكوكية التى يقال ( عنها سرية ) لقادة عسكريين وسياسيين عرب الي اسرائيل لتنسيق المواقف في الحرب القادمة والتي عنوانها الحرب ضد الإرهاب وداعموه وعلى رأسهم إيران يؤدي ذلك الي تدمير القوي الصاروخية الإيرانية ومشروعها النووي.

هذا السيناريو دفع بأمريكا بالإعلان عن نيتها إنشاء قاعدة عسكرية ضخمة في صحراء النقب لغرض تلك الحرب المتوقعة، في حين أن موضوع تلك القاعدة قد بدأ تنفيذه منذ أكثر من خمس سنوات وقد شارف على الانتهاء يتضمن إمكانيات كبيرة لتخزين الأسلحة والصواريخ الاستراتيجية ومطارات تستوعب كبرى المقاتلات. وكل ذلك لاحتمالية نشوب الحرب التي لم تعد الولايات المتحدة وإسرائيل تتجنب الحديث عنها. وهذا الأمر يتطلب من الولايات المتحدة أمران هامان:

الأول: اشغال العرب عن التفكير في تداعيات تلك الحرب تجاههم بل اقناعهم بأنها لمصلحتهم، ومن هنا تسعى الولايات المتحدة لتفجير منطقة الشمال العراقي والسوري والجنوب التركي من خلال موضوع الاستفتاء الكردي وانعكاساته ، وخلق حالة صراع حدودي بين كل دول المنطقة ٠

ومن هنا يستمر الصراع العربي الكردي الشيعي السني الداعشي ومن ثم اشغال كافة أطراف التحالف الروسي في تداعيات الحرب ضد إيران.

الثاني: وهو العمل على تجنيب اسرائيل اي خطر قد يعيق تنفيذها ومشاركتها في الحرب ضد إيران وحزب الله بما قد يؤثر على مجمل الشمال الإسرائيلي وسكانه، ومن هنا تعمل على الحفاظ على جنوب إسرائيلي (جبهة غزة) وإبقائه هادئاً ، ومنع أي نشاط عسكري لأيّ من الفصائل الفلسطينية وذلك باشغالهم بموضوع المصالحة وانهاء الإنقسام ، وبذلك تضمن هدوء الجنوب وغلاف غزة ، ومن هنا أتى كل من التوجه الأمريكي والإسرائيلي مؤيداً لتوجهات المصالحة وانهاء الإنقسام ، وإن كان بشكل هادئ وشبه صامت، إلا أنه سيكون أكثر فعالية قريباً، وأيٍّ كانت علامات المرحلة القادمة فعلينا نحن كفلسطينيين أن نقتنص الفرصة الأخيرة ونسعى الي العمل الجدي لتنفيذ كافة الاتفاقات الخاصة بالمصالحة وانهاء الإنقسام والبدء بإنشاء نظاماً سياسياً متكاملاً ، وألا نضيع فرصة الفرصة الأخيرة بالتسويف والنبش في التفاصيل، والتفرغ مع التركيز على القضية السياسية الفلسطينية والسعي جدياً لحل الدولتين وايقاف الاستيطان وحق العودة وكل القضايا الفلسطينية التي أصبح العالم بأجمعه متعاطفاً مع الشعب والقضية الفلسطينية التي قد تكون المرحلة القادمة أكثر تناسباً فيما لو أشعلت إسرائيل وأمريكا الحرب ضد إيران وحزب الله الذي سيضرب الشمال الإسرائيلي دونما رحمة تكون أكثر قرباً لمصالح الشعب الفلسطيني وفصائله وأحزابه التى حينها يجب عليها أن تصمت وتلعب دور المتفرج على تلك الحرب وعدم الإنجرار وراء شعارات تدفعنا لإرتكاب حماقات نتيجة إحساسنا بوهم الإنتصار فنضطر لدفع فاتورة تلك الحماقات المكلفة جداً جداً ٠

 

 

اخر الأخبار