حماس والمصالحة التاريخية مع رام الله

تابعنا على:   12:19 2017-10-03

محمد عايش

عودة تاريخية لرئيس الوزراء الفلسطيني إلى قطاع غزة بعد القرار التاريخي الذي صدر عن حركة حماس، والذي يمثل خطوة مهمة في تاريخ العلاقات الداخلية الفلسطينية، وحجر زاوية في رحلة إنهاء الانقسام الفلسطيني، فيما لا يزال الرهان على المستقبل وعلى أن تنجح الحكومة الواحدة الموحدة في إعادة رص الصف الفلسطيني وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة.
قراران مهمان في الحقيقة وليس واحدا اتخذتهما حركة حماس في الأسابيع الماضية، الأول على مستوى القطاع، والثاني كان قراراً تنظيمياً داخلياً، لكنه كان بمثابة رسالة واضحة لرئيس السلطة محمود عباس، سرعان ما التقطها وفهمها بشكلها الصحيح.
أما القرار الأول فهو حل اللجنة الإدارية، التي كانت بمثابة حكومة محلية لقطاع غزة، وكانت أحد محاور الخلاف مع رام الله وأحد العوائق المهمة أمام جهود إنهاء الانقسام، وشكّل هذا القرار خطوة تاريخية مهمة وحجر زاوية في جهود المصالحة، وهو – بكل تأكيد- نقطة إيجابية مهمة تُضاف إلى سجل حركة حماس، حيث إنها تتخلى طوعاً ومن دون إكراه أو عنف عن حُكم قطاع غزة، وتعيد تسليمه إلى السلطة الفلسطينية، التي لا تشكل هي الأخرى مشروعاً وإنما هي مجرد مرحلة في الطريق إلى بناء الدولة الفلسطينية.
القرار الثاني الذي لعب دوراً مهماً في المصالحة، ودفع بها قُدما هو، القرار التنظيمي الداخلي الذي صدر عن قيادة حركة حماس، بوقف الاتصالات مع القيادي الفتحاوي المنشق الذي يعيش في الخارج محمد دحلان، وهي الاتصالات الذي أثارت جدلاً واسعاً منذ تسربت أخبارها، وكانت تعني أن حماس تراهن على النصف المنشق من «فتح» وهو رهان كان سيعني في النهاية أنه سيُعزز الخلافات الداخلية في فتح، وسوف يؤدي الى خلق طرف ثالث في الداخل الفلسطيني، ولن يخدم هذا الاتجاه في النهاية هدف تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.
قرارات حركة حماس ثم استقبال رئيس الوزراء القادم من رام الله إلى غزة استقبال الفاتحين، وإنزاله في المقام اللائق، يعني أن حماس قررت تغليب مصلحة الشعب الفلسطيني على المصالح الحزبية، وهي بذلك تتخلى طوعاً عن السلطة وعن الحُكم، وتتجنب الدخول في منافسة مع فتح على سلطة حُكم ذاتي لا تلبي شيئاً من طموحات الفلسطينيين ولا أحلامهم، اللهم إلا أنها سُلطة تقوم بتسيير الأعمال وإدارة الشؤون المدنية للناس لحين قيام الدولة الفلسطينية المنشودة.
القوى الفلسطينية اليوم أمام اختبار مهم؛ فحركة حماس عادت الى مربعها الأول والطبيعي خارج السلطة، وفتحت الباب للآخرين ليتولوا إدارة قطاع غزة، وعلى السلطة اليوم أن تعمل فوراً لتوحيد شطري الوطن الفلسطيني، وأن تبدأ على الفور بالعمل من أجل إنهاء الحصار المفروض على القطاع، والتفاهم على شكل المرحلة المقبلة، والبدء أيضاً وعلى الفور بتنفيذ اتفاق القاهرة، الذي تم التوصل إليه عام 2011، إضافة الى إجراء انتخابات بلدية وتشريعية ورئاسية تُعيد هيكلة السلطة الفلسطينية وتضخ الدماء فيها من جديد. من المهم جداً أن يفهم كل الفلسطينيين، سياسيين وغيرهم، بأن السلطة الفلسطينية لم تكن هي المشروع الوطني الذي قاوم من أجله الفلسطينيون (ومعهم مؤسس السلطة ياسر عرفات) لمدة زادت عن ستة عقود، وإنما هي مجرد مرحلة انتقالية كانت لازمة في عام 1994 لإنهاء مرحلة الشتات التي تلت فترة المقاومة في لبنان. كما أنها – وإن كانت موضع جدل وخلاف بين الفلسطينيين- فإن المتفق عليه إنها ليست بديلاً عن الدولة الفلسطينية المستقلة والديمقراطية والقابلة للحياة التي يعمل الفلسطينيون من أجل تشييدها.. ولذلك كله فإنها ليست غنيمة، وينبغي أن لا تكون هدفاً لأي فصيل فلسطيني، وإنما هي مجرد مرحلة انتقالية في أفضل أحوالها.

عن القدس العربي

اخر الأخبار